اشتركت الحلقة السادسة من سلسلة التعليقات على الضجة المفتعلة من قبل أنصار عائشة، مع سابقتها في الموضوع والذي هو الرد على الرسائل المرسلة لشخص الشيخ ياسر الحبيب وتتضمن تأييدًا أو انتقادًا لاحتفاله بذكرى هلاك عائشة في 17 رمضان 1431 هجرية. جاء ذلك وفقًا للخطة المرسومة من قبل سماحته لاستعراض النزر اليسير من سيل الرسائل الواردة لمقر هيئة خدام المهدي في لندن والواردة عبر البريد الالكتروني لموقع القطرة.
وبدأ سماحته الجلسة بقوله المعتاد ”القول مني في جميع الأشياء قول آل محمد عليهم السلام فيما أسروا وما أعلنوا وفيما بلغني عنهم وفيما لم يبلغني“، قبل أن يتطرق لنص رواية ضرب رسول الله «صلى الله عليه وآله» بجمع كفه الشريفة صدر عائشة النجس، ويشير سماحته إلى مصادر الرواية بالجزء والصفحة في صحيح مسلم وسنن النسائي ومسند أحمد بن حمبل، وذلك بناءًا على طلب أحد الحاضرين في الجلسة السابقة.
وعاد سماحته إلى استعراض رسائل المؤمنين التي أثنت على خطوة الاحتفال المبارك بهلاك عدوة الله عائشة، وكانت أولى الرسائل رسالة الأخ أحمد الرافضي الذي أعرب عن وجله من نيّة النواصب رفع دعوى قضائية ضد سماحة الشيخ، مستفسرًا ما إذا كان الشيخ قد خرق القانون البريطاني بإقامته للاحتفال، وخاتمًا رسالته بلعن أم المتسكعين وأم الفاسقين عائشة بنت أبي بكر. ومن جانبه طمأن سماحة الشيخ الحبيب الأخ المرسل بأنه على أهبة الاستعداد النفسي لدخول المحاكم لما له من تاريخ طويل من صولات وجولات مع السلفية والوهابيين يمتد إلى 16 عاما في أروقة المحاكم وأمن الدولة والمباحث الجنائية والنيابة العامة وما أشبه، مؤكدًا سماحته تعايشه مع الأمر وبأنه لم يخرق قانونا بريطانيًا رغم إعطاءه الأولوية لعدم خرق أي قانون من قوانين السماء وعدم التفاته لقوانين الأرض من الناحية الإجمالية، وأبدى الشيخ ترحيبه الشديد بالدعوى القضائية، منوهًا في الوقت نفسه أن إقامة دعوى قضائية ضد قراءة تاريخية لشخصيات غابرة من شأنها أن تكون فرصة لنا لمحاكمة عائشة، خصوصًا إذا ترافقت هذه المحاكمة مع تغطية إعلامية جيدة في الإعلام البريطاني، فأن لهذا فائدة شرعية هي أن الدعوى ستبعث جوًا للمناقشة في شأن عائشة وسيظهر أمام الغربيين مثلاً أن المسلمين منقسمون اتجاه هذه المرأة فلا يقدسها الجميع، فالغربيون طالما شنّعوا على رسول الله «صلى الله عليه وآله» من نافذة أحاديث عائشة المختلقة المكذوبة، والتي منها زواج النبي وهو يربو عن الخمسين عاما بعائشة وهي بنت ستة أعوام ثم دخل بها وعمرها تسعة أعوام!، والأمر أكذوبة روّجتها عائشة بصورة مرعبة وفظيعة في أحاديثها، حيث روت كما جاء في البخاري أن أمها انتزعتها من أرجوحتها التي كانت تلعب عليها وجائت بنساء يمشطنها ثم دفعتها إلى هذا الشيخ الكبير!، مما يعطي انطباعًا عند الغرب أن هذا النبي والعياذ بالله كان يمارس جنس الأطفال، فتظهر عائشة نفسها أنها قد اختطفت من براءة الطفولة بينما كانت على أقل التقادير عند زواجها من رسول الله في حدود العشرين عاما، وكان قد سبق لها الزواج برجل اسمه جبير بن مطعِم الذي استسلها منه أبو بكر فطلّقها ليزوجها برسول الله، وأضاف الشيخ أنه قد ثبت لدينا أن السيدة خديجة كانت بكرٍ عند زواجها برسول الله وثبت لدينا أن السيدة ماريا كانت بكرٍ عند زواجها برسول الله، ولكنه لم يثبت لدينا عدم افتضاض عذرية عائشة قبل زواجها برسول الله، حيث أنها كانت متزوجة سابقا، فمن البعيد جدًا أن يصبر الرجال في زمن الجاهلية على زوجاتهم ناهيك عن طبيعة نفسية عائشة التي نستشفها بمراجعة تاريخها.
وأضاف سماحته أيضا أن علينا أن نعيد قراءة ما روته عائشة، وأن نسقط هذه الروايات التي تتخذ من قبل المعادين للإسلام للتشنيع على النبي «صلى الله عليه وآله» في البلاد الغربية، ولا يمكن إسقاط هذه الروايات إلا بإسقاط عائشة التي توليها العقيدة البكرية تقديسًا مفرطـًا دون سائر أزواج رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وهو ما يجعل الفرد البكري مضطرًا للإتيان بتأويلات وتمحلات عند اصطدامه بجدار الفطرة عندما يشاهد الروايات الصحيحة عنده والمروية عن عائشة في البخاري ومسلم بخصوص زواج رسول الله من طفلة صغيرة.
وأردف سماحته مخاطبًا الفرقة البكرية، نحن لم نعاد عائشة من فراغ بل عاديناها لأنها صنعت فوضى كبيرة للإسلام والمسلمين بتحريفها دين الله تبارك وتعالى وطعنها في كتابه وتحرّيفها سنـّة رسوله صلى الله عليه وآله وتشوّيهها صورة هذا الرسول، مما يستدعي منـّا مناقشة شخصيتها وتركيز البحث على جرائمها. كما عقـّب سماحته بعد مداخلة لأحد الحاضرين، أن سلمان رشدي هو إحدى مساوئ عائشة، فلو لم تكن عائشة جائت بهذا التراث الضخم من الأكاذيب على رسول الله صلى الله عليه وآله وساحة النبوة لما خرج لدينا أمثال سلمان رشدي وغيره.
أمّا الرسالة الثانية في هذه الجلسة فكانت من مؤسسة القائم وكان ملخصها طلب تعليق الشيخ على ما يدور في ما يسمى بشبكة هجر الثقافية، التي شنت هجمة شعواء جاهلية على سماحة الشيخ الحبيب وسماحة آية الله المجاهد السيد مجتبى الحسيني الشيرازي دام ظله، وأجاب سماحته كما رد في الحلقة السابقة بأن هذه هي ردود فعل متوقعة لكل جهد تغييري للوضع السائد حين يأتي هذا الجهد بأفكار ومفاهيم جديدة على الساحة، وهي بالأصل دعوة لإحياء ما كانت عليه الأمة في أيام الأئمة الأطهار (صلوات الله عليهم) وأصحابهم الأبرار وعلمائنا الأخيار.
وقسّم سماحته هؤلاء المهاجمين إلى عدة فئات، بادئـًا التقسيم بالفئة التي يأخذها الحسد والغيرة، عاطفـًا حديثه على فئة المنحرفين داخليا في نفوسهم وعقيدتهم، والفئة التي يقودها الهوى بسبب مواقفه من رموزها، والفئة المعقّدة اتجاه المخالف، منهيًا تقسيمه بالفئة التي تهاجمه بحسن نية، من المتصورين أن عمل هذا المنهج يسبب هلاكًا للشيعة، مبشرًا سماحته بخمود هذه الأصوات بعد سنوات حينما يعاد تشكّل العالم الشيعي ويصبح الإنسان الشيعي هو سيّد نفسه ولا يعلو عليه أحد، ودعا سماحته الإخوة السائلين إلى بيان المنطلقات الحقيقية لهذا المنهج حتى يعذره هؤلاء المهاجمين على أقل التقادير، وأكّد الشيخ في سياق حديثه أن الفرقة البكرية تعيش الآن أضعف مراحلها بعد أن فقدت قوتها السابقة المتمثلة في بني مروان وبني أمية وبني العباس وبنو عثمان، ولم يبق لها في الوقت الحاضر سوى دويلات مبعثرة هنا وهناك موجودة في جيب الرئيس الأمريكي.
وشكر سماحته مرسل الرسالة الثالثة، الأخ ماجد اللامي من ميسان في العراق، الذي بعث بسلامه وتحياته للشيخ ناعتـًا إياه بالمجاهد والمرابط في سبيل إعلاء المذهب الحق، ومشيدًا بجرأته وبطولته وشجاعته ووقوفه ضد أعداء آل محمد، مخبرًا الشيخ بأنه من المتابعين لسماحته وآراءه، وداعيًا في ختام رسالته للشيخ بالحفظ ذخرًا للمذهب وبتسديد خطاه.
أمّا الرسالة الرابعة والأخيرة في هذه الجلسة فجائت من أخ سمّى نفسه عبد الرحمان، سجّل فيها بعد السلام اعتراضه على منهج الشيخ بشكلٍ عام، ومع احتيار الشيخ في هوية المرسل، لقلة التسمية باسم عبد الرحمان عند الشيعة، أجاب سماحته بعد رد السلام، إذا كنت شيعيا أقول لك: ”صحح معلوماتك فيما تقوله من أن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله لم ينهج هذا الطريق الخطير، ففي الكافي الشريف نحن لدينا رواية صريحة وصحيحة سندًا ومعتبرة مروية عن النبي صلى الله عليه وآله وفيها «إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فاظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة، وباهتوهم كي لا يطمعوا في الفساد في الإسلام، ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة» ، فرسول الله رسم لنا هذا المنهج والطريق الخطير الذي سمّيته أنت فكيف تقول رسول الله لم ينهج هذا الطريق؟“
ونوّه سماحته المرسل الكريم أنه ليس أمام أناس يقومون بما يقومون به اعتباطاً، وإنما أناساً عكفوا على دراسة منهج رسول الله والأئمة الأطهار عليهم الصلاة والسلام ويحاولون أن يسترشدوا بهذا المنهج في كل جزئية وفي كل خطوة، وعائشة – إن كنت شيعيًا– المفروض أن لا تختلف معنا في أنها مصداق من مصاديق أهل الريب والبدع من بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، فالأصل هو اظهار البراءة من عائشة لا كتمان البراءة منها، وحتى سبّها الذي يؤدي إلى إسقاطها عن الاعتبار أباحه الله في القرآن في قوله:{لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} والسب سوء من القول وعائشة ظلمتنا وظلمت رسولنا وأئمتنا.
وأسهب سماحته الرد على المرسل الكريم بقوله: ”إذا كنت بكريًا وإن شاء الله يهديك، ارجع إلى صحيح مسلم وانظر ماذا يقول رسول الله صلى الله عليه وآله في الحديث المشهور عندكم أن رسول الله كان يحرّض حسّان بن ثابت على أن ينال من قريش فقال له: «أهجو قريشـًا فأنه أشد عليها من رشق النبل» ، وانظر إلى أشعار حسّان في زعماء الكفر والشرك، فرسول الله انتهج هذا الطريق فكيف تقول أن رسول الله لم ينتهج هذا الطريق؟“
وأكّد سماحته أن ما طرحه في كلمة الاحتفال لم يكن سبًا بل كان بحثـًا علميًا استدلاليًا بثلاثة براهين على موضوع صلبه هو أن عائشة في قعر جهنم، كما شدّد سماحته على أنه لو كان يطلب الشهرة فأنه يتمكن أن ينالها من غير هذا المنهج، فهناك ألف طريق وطريق للشهرة دون تعريض نفسه وأبناءه للخطر والمشاكل والخسائر والأزمات والعواصف، وعلى من يحمل هذه الفكرة أن يعلم أن هذا الرجل يؤمن برسالة معيّنة ويمضي بها وضريبة ذلك هي أنه يشتهر شهرة تكون وبالاً على حياته، سائلاً سماحته الله أن يرفع الغشاوة عمّن يظن فيه هذا الاعتقاد، قبل أن يختم جلسته بالصلاة على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.