أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدالله رب العالمين وأفضل الصلاة وأزكى السلام على المبعوث رحمة للخلائق أجمعين سيدنا المصطفى أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين اللذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ثم اللعن الدائم على أعدائهم ومخالفيهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين آمين ...
السلام عليك يا أبا عبدالله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك عليك مني سلام الله أبدا مابقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم السلام على الحسين وعلى علي ابن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين ..
قبل البدء في موضوع هذه المحاضرة جاءني قبل قليل إتصال من أحد الإخوة في الكويت ولهذا السبب تأخرت قليلا أبلغني أنه قد رآني ليلة الأمس في رؤيا عجيبة على حد قوله ، قال أنه رأيتك وأنت تخطب في أحد منابر قم المقدسة وهناك رفعت يدك وبهتاف قوي أقسمت للناس وقلت والله الذي لا إله إلا هو من يقوم بالقسم على الله بحق ضلع الزهراء صلوات الله عليها يستجاب دعاؤه ، فأنا أرتأيت حقيقة أن أنقل رؤيا ذلك الأخ إلى المؤمنين والمؤمنات لعل في ذلك إن شاء الله أداءا لشيء من حق الزهراء صلوات الله عليها علينا ..
قصة حديث سيدنا بقية الله عجل الله فرجه الشريف
بين يدينا ونحن في أواخر أجزاء سلسلة بيان آل محمد في أعدائهم حديث هو من أروع الأحاديث حقيقة ، وهذا الحديث فيه فوائد جمة وفيه كثير من الأسرار أيضا ، هذا الحديث هو حديث سيدنا بقية الله صلوات الله عليه عجل الله فرجه الشريف ماهي قصة هذا الحديث..
أحد أعلام وعظماء التشيع من كبار رجال التشيع وفقهائهم أيضا هذا الرجل هو سعد ابن عبدالله الأشعري القمي كان معاصرا للإمام الهادي والعسكري وللإمام المهدي صلوات الله عليهما كان يسكن هذا الرجل في قم المقدسة ، طبيعة هذا الرجل هي أنه كان على الدوام وباستمرار يدافع عن الشيعة والتشيع ويناظر أهل المذاهب الأخرى بكل قوة وجرأة وشجاعة ، كان يعرض نفسه إلى المشاكل كان يحب أن يلاججهم ويجادلهم دائما وأبدا وكان في كل مرة ينتصر على المخالفين في المناظرات والمناقشات المختلفة إلى أن ذات مرة إبتلي على حد قوله بأحد النصاب (أحد النواصب) في قم كما ذكرنا لكم سابقا في محاضرات سابقة هذه المدن الشيعية التي ترونها اليوم لم تكن شيعية خالصة من ذي قبل وإنما كان بعض أصل هذه المدن ناصبية إلى هذه الدرجة ، فمثلا قم المقدسة التي هي عش آل محمد صلوات الله عليهم كانت ناصبية من ذي قبل بجهود الشيعة بجهود شبابهم بتضحيات علمائهم تحولت هذه المدن إلى التشيع هكذا كان أمر أصفهان والكوفة وبغداد وواسط وحلب والبصرة ، كثير من المدن هي اليوم شيعية خالصة كانت سابقا أهلها أكثريتهم معادون لأهل البيت منحرفون عنهم ، في ذلك الزمان زمان سعد ابن عبدالله الأشعري وهو من قبيلة الأشعريين كانت قم فيها نسبة من النواصب والمخالفين وكانت تجري بين الشيعة وبين أولئك النواصب مناقشات ومجابهات كثيرة فهذا الرجل ابتلي بأحد النواصب طرح عليه إشكالين ، سعد ابن عبدالله الأشعري لم يعرف جواب هذين الإشكالين لم يمرعليه من ذي قبل فما أجاب إجابة مقنعة فاغتم لذلك وقرر أن يرسل رسالة إلى إمام زمانه آنذاك وهو الإمام أبو محمد العسكري صلوات الله عليه لكي يسأله عن هاتين المسألتين وبعض المسائل الأخرى التي كان يحتاج إلى إجاباتها ، كان الإمام العسكري آنذاك في سامراء المقدسة ، حاول سعد ابن عبدالله الأشعري أن يرسل رقعة إليه عن طريق أحد كبار وكلائه وهو أحمد ابن إسحاق الرازي رضوان الله تعالى عليه وكيل الإمام العسكري عليه السلام في قم المقدسة ، حينما إلتقى سعد بن عبدالله بأحمد ابن اسحاق قال له أحمد ابن إسحاق لماذا ترسل معي الرسالة أنت بنفسك تعال وتشرف بلقاء الإمام العسكري عليه السلام وبالفعل الرجل قرر أن يذهب إلى الإمام العسكري لكي يسأله مشافهة حينما وصل سعد ابن عبدالله وأحمد ابن اسحاق إلى سامراء وتشرفا بخدمة الإمام الزكي العسكري صلوات الله عليه تفاجئا أن الإمام العسكري يحيلهما في الجواب إلى صبي صغير بل إلى طفل صغير هذا الطفل الصغير آنذاك كان سيدنا ومولانا صاحب العصر صلوات الله عليه نذكر لكم الرواية وهي رواية مطولة ونعلق عليها كما هي عادتنا ، طبعا هذه الرواية رواها شيخنا الصدوق في كتابه كمال الدين وإتمام النعمة وكذلك رواها غيره كالطبرسي في الإحتجاج والعلامة المجلسي في البحار وغيرهم من أعلام الطائفة..
سعد بن عبدالله وفضحه أئمة الخلاف
عن سعد ابن عبدالله القمي قال : كنت إمرءا لهجا بجمع الكتب المشتملة على غوامض العلوم ودقائقها ، لهجا بجمع الكتب يعني شغوفا ومهتما بجمع الكتب , لكفا باستظهار ما يصح لي من حقائقها، مغرما بحفظ مشتبهها, شحيحا على ما أظفر به من معضلاتها ومشكلاتها , متعصبا لمذهب الإمامية هو يصف نفسه بهذا الوصف يقول أنا كنت متعصب لمذهب الإمامية ، راغبا عن الأمن والسلامة بإنتظار التنازع والتخاصم والتعدي إلى التباغض والتشاتم إلى هذه الدرجة ، الرجل يقول أنا ما كنت أرغب بالأمن والسلامة أحب المناقشات وأحب المنازعات وأحب المخاصمات والتعدي إلى ماذا ؟ إلى التباغض والتشاتم إلى هذه الدرجة ، أنه بسبب هذه المناقشات مع النواصب والمخالفين نتباغض ونتشاتم معيبا للطرق ذوي الخلاف يعني أعيب بقية الطرق بقية المذاهب المخالفة له ، كاشفا عن مثالب أئمتهم أفضح أئمتهم وخلفائهم ، هتاكا لحجب قادتهم يعني أفضح قادتهم ، أعرض بهم ، أسيء إليهم ، طبعا كل هذا الرجل يقرعلى نفسه وهو فقيه للعلم عنده قرابة سبعين مؤلف في الفقه والعلوم المختلفة وتراث أهل البيت عليهم السلام ورجل هو بوصف علمائنا الرجاليين يعد ثقة بل من أعاظم الثقات لأنه ممدوح من قبل الأئمة عليهم السلام وليس فيه أي نقص ولا صدر عن أحد من الأئمة عليهم السلام ما يسيء إليه أو يعرض به هذا يكشف عن ماذا ؟ إذا كنتم حاذقين وتفكرون جيدا يكشف عن أن الرجل الذي تكون فيه هذه المواصفات الموجودة في سعد ابن عبدالله الأشعري القمي هذا الرجل يكون ممدوحا عند أهل البيت عليهم السلام ، من قال إن هذا الرجل الذي يتخصص في مجابهة المخالفين حتى وإن أدى ذلك إلى التباغض والتشاتم ، من قال إن هذا الشخص يكون قد ارتكب محذورا أو أنه يكون خارجا عن سيرة أهل البيت وعن أخلاقهم كلا ، أهل البيت يريدونك أن تكون في ساحات الوغى وساحات النقاش والجدال العلمي الرصين حتى تفحم المخالفين وأعداء أهل البيت عليهم السلام هكذا يكون الرجل الشيعي الشريف الواعي المؤمن المخلص المجاهد ، يقول كاشفا عن مثالب أئمتهم هتاكا لحجب قادتهم إلى أن بليت بأشد النواصب منازعة ، بليت بشخص ناصبي خبيث ينازعني بشدة وكان أكثر من ابتليت به ، فقال لي يوما بعدما ناظرته تبا لك ولأصحابك ، هذا الناصبي يقول لسعد القمي أنتم معاشر الروافض تقصدون المهاجرين والأنصار بالطعن عليهم وبالجحود لمحبة النبي لهم فالصّديق هو فوق الصحابة بسبب سبق الإسلام (كان أول من آمن باعتبارهم) ألا تعلمون أن رسول الله إنما ذهب به ليلة الغار لأنه خاف عليه كما خاف على نفسه ولما علم أنه سيكون الخليفة في أمته وأراد أن يصون نفسه كما يصون خاصة نفسه حتى لا يختل حال الدين من بعده ويكون الإسلام منتظما ، يقول كيف تطعنون بأبي بكر؟ حينما رسول الله أخذه معه إلى الغار ألا تفكرتم أيها الروافض لماذا أخذه معه إلى الغار؟!! أخذه معه لأنه خاف على أبو بكر فأراد أن يحفظه لماذا ؟ لأن الرسول علم أن الذي سيخلفه على أمته سيكون الخليفة من بعده إنما هو أبو بكر فلذلك وجب عليه أن يحفظ أبا بكر حتى يستلم الخلافة من بعده لأنه إذا تعرض إلى الهلاك في مكة بعد رحيل رسول الله عنها فإن ذلك فيه إختلال الدين من بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فهذا دليل عظيم على أنكم أنتم مخطئون في حق أبي بكر وأن أبا بكر هو الخليفة من بعد رسول الله ، ثم يكمل الناصبي بالقول وقد أقام عليّا على فراشه يقول ألا تفكرون أيضا أنه رسول الله لماذا جعل عليّا على فراشه وعرضه إلى خطر القتل والهلاك تحت سيوف المشركين هناك وقد أقام عليّا على فراشه لما كان في علمه أنه لو قتل لا يختل الإسلام بقتله لأنه يكون من الصحابة من يقوم مقامه لا جرم لم يبالي من قتله ؟؟!!
يقول أما عليّ بن أبي طالب فجعله في مكانه هناك وعرضه إلى خطر القتل لماذا ؟ لأنه يعلم أنه إذا قتل عليٌّ لا يوجد مشكلة لا يختل النظام الإسلامي ليس هو الخليفة من بعده وإنما يقوم واحد من الصحابة مقام عليّ بن أبي فتنتهي المشكلة ، فهذا إشكاله !!
قال سعد إني قلت على ذلك أجوبة لكنها غير مسكتة ، أجبته لا أنني لم أجبه ولكن جوابي لم يكن مفحم لهذا الناصبي ، ثم قال ذلك الناصبي : معاشر الروافض تقولون إن أبا بكر وعمر كانا ينافقان وتستدلون على ذلك بليلة العقبة حينما حاولا ومن معهما من أصحابهما أن ينفروا بناقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما كان راجعا من غزوة تبوك من أجل قتله تقولون هذا علامة نفاقهم صحيح ، ثم قال لي : أخبرني عن إسلامهما كان من طوع ورغبة أو كان عن إكراه وإجبار، يقول سعد فاحترزت عن جواب ذلك وقلت في نفسي إن كنت أجبته بأنه كان من طوع يعني كان عن رغبة حقيقية من قبلهما أنهما آمنا فعلا بالإسلام فيقول لا يكون على هذا الوجه إيمانهما عن نفاق وإن قلت كان عن إكراه وإجبار أنه أحد كان يجبرهم أو يكرههم على الإسلام لم يكن في ذلك الوقت للإسلام قوة حتى يكون إسلامهما بإكراه وقهر متى أسلما أبو بكر وعمر قبل أن تتشكل الدولة الإسلامية في المدينة المنورة قبل هجرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم فإذا لم يكن أحد ليكرههما على الإسلام ويقهرهما عليه ، فإذا وقع سعد بن عبدالله في حيرة من أمره كيف يجيب ، يقول فرجعت عن هذا الخصم على حال ينقطع كبدي لا أعرف جوابا مسكتا لهذا الناصبي فأشعر وكأن كبدي قد تقطعت فأخذت طومارا يعني صحيفة وكتبت بضعا وأربعين مسألة من المسائل الغامضة التي لم يكن عندي جوابها فقلت أدفعها إلى صاحب مولاي أبي محمد الحسن ابن علي عليهما السلام الذي كان في قم المقدسة أحمد ابن إسحاق فلما طلبته كان هو قد ذهب فمشيت على أثره فأدركته وقلت الحال معه ..
يقول هاتين المسألتين مع مجموعة مسائل أخرى تناهز الأربعين من المسائل الغامضة التي لا أعرف جوابها كتبتها في صحيفة وقلت أسلم هذه الصحيفة إلى وكيل الإمام عليه السلام محمد ابن اسحاق حتى يرجع لي بالجواب ، فحينما طلبته وجدته قد ارتحل من قم المقدسة باتجاه سامراء المقدسة حتى يسلم الأمر إلى الإمام فحينما وصل إلى أحمد ابن إسحاق الرازي شرح له الأمر ، فقال له تعال معي إلى سر من رأى حتى نسأل عن هذه المسائل مولانا الحسن ابن عليّ عليهما السلام أنت قطعت هذه المسافة فالآن تعال معي حتى نتشرف بلقاء الإمام عليه السلام ، وآه على سامراء في هذا اليوم ، فذهبت معه إلى سرمن رأى ثم جئنا إلى باب دار مولانا عليه السلام فاستئذنا عليه فأذن لنا فدخلنا الدار وكان مع أحمد ابن إسحاق جراب قد ستره بكساء طبري ، الجراب يعني وعاء فخار مثلا أو شيء من هذا القبيل ، ستر هذا الوعاء بكساء مثل الثوب هذا الكساء كان من طبرستان (طبري) وكان فيه مئة وستين صرة من الذهب والورق على كل واحدة منها خاتم صاحبها الذي دفعها إليه ولما دخلنا ووقعت أعيننا على أبي محمد الحسن العسكري عليهما السلام كان وجهه كالقمر ليلة البدر وقد رأينا على فخذه غلاما يشبه المشتري في الحسن والجمال ، كوكب المشتري كما تعلمون أكبر كواكب المجموعة الشمسية وهو في الليل يتلألأ حقيقة من يشاهد ويلاحظ المشتري جيدا ، يقول وكان على رأسه يعني الإمام أبي محمد العسكري ذؤابتان ، الذؤابة شعر يلف بطريقة معينة على الرأس، وكان بين يديه رمان من الذهب ، رمان ولكن مصنوع من الذهب قد حلي بالفصوص والجواهر الثمينة قد أهداه واحد من رؤساء البصرة ، أحد رؤساء البصرة من شيعة الإمام أهدى هذه الهدية الثمينة للإمام عليه السلام ، وكان في يده قلم يكتب به شيئا على قرطاس ، لاحظوا كيف كان الرواة سابقا يهتمون بأن يسجلوا كل دقيقة من دقائق الأئمة عليهم السلام وكل ما يشاهدونه بالتفصيل الدقيق لأنه هذا معصوم حجة الله على خلقه ليس إنسانا عاديا كل شيء منه كل حركة كل سكنة منه يستفاد منها ، يقول وكان في يده قلم يكتب به شيئ على قرطاس فكلما أراد أن يكتب شيئا أخذ الغلام يده ، فألقى الرمان حتى يذهب الغلام إليه ويجيء به فلما ترك يده يكتب ما يشاء ، يقول كلما أراد الإمام أن يكتب مثلا ما يشاء كان هذا الغلام يقبض على يده أي يمسكها فلا يدعه يكتب أي الغلام يلاعب والده فالإمام من أجل أن يشغل هذا الغلام كان يلقي بهذه الرمانة الذهبية حتى الإمام يذهب ويلعب بها ، بعضهم أشكل على الرواية برمتها بسبب هذا الموضع يقول هذا لا يتناسب مع جلالة الإمامة كيف يصح أن يصدر مثل هذا من الإمام صاحب العصر عليه السلام حتى وإذا كان غلاما صغيرا لا يمكن أن يصدر منه هذا الشيئ فلذلك نحن نشطب على هذه الرواية برمتها بعضهم هكذا قال ، هذا الإشكال ناشئ من نقص نظر أن أمثال هذا المورد نراه في الروايات حتى بالنسبة للإمامين الحسن والحسين عليهما السلام مع رسول الله صلى الله عليه وآله ، رسول الله يسجد يأتي الحسن أو الحسين يركب على ظهره هل هذا موجب لطرح هذه الروايات ، كلا .. هل هذا موجب لإسقاط هذه الروايات ، كلا .. الإمام صحيح هو إمام في مثل هذا الموقف لكنه يريد أن يعلمنا نحن تعليما أخلاقيا معينا كيف تتصرف مع طفلك ، ليس أن الإمام المهدي عليه السلام هكذا يقوم عمدا بملئ إرادة منه بإيذاء والده مثلا، كلا .. وإنما الإمام يقوم بهذا التصرف تصويرا للغير حتى الغير يعرف كيف يتعامل مع طفله لم يصدر من الإمام زجر لطفله صرخ عليه، كلا .. ضربه ، كلا.. هل تعصب منه، كلا .. مجرد كان معه شيء معين أراد أن يشغله به حتى يعلمني أنا وأنت كيف نتصرف مع أطفالنا بدون زجر وضرب وصراخ حتى يتعقد الطفل ، هذا تعليم أخلاقي ليس إلا وإلا بعد ذلك الإمام عليه السلام العسكري حينما يسأل عن المسائل يشير إلى هذا الطفل حتى يجيب فتعرف جلالة وقدر هذا الطفل فنتيجة هذا الإشكال وهو إشكال واهن ليس موجبا لطرح الرواية وهو ناشيء عن نقص نظر..
الإمام المهدي عليه السلام يخرج المال الحرام
يقول ثم فتح أحمد ابن إسحاق الكساء هذا الجراب الوعاء الذي كان موجود عليه الكساء فتحه وكيل الإمام بين يدي العسكري عليه السلام فنظر العسكري إلى الغلام فقال فض الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك ، الجراب كان فيه مجموعة من الصرر هذه الصرر عبارة عن أخماس وحقوق شرعية موجهة إلى الأئمة عليهم السلام من شيعتهم في قم المقدسة ، الإمام العسكري طلب من إبنه المهدي عليهما السلام أنه هو يقوم بفض خاتم كل صرة من هذه الصرر وقال له فض الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك ، ماذا قال المهدي عليه السلام ، فقال عليه السلام يا مولاي ، الإبن يخاطب أباه ، يا مولاي أيجوز أن أمد يدا طاهرة إلى هدايا نجسة وأموال رجسة ، كان جزء من هذه الأموال قد جاء من حرام والعياذ بالله فيه إشكال شرعي فامتنع الإمام عليه السلام أن يمد يده الطاهرة إلى هذه الأموال ، ثم قال الإمام العسكري يقول يا ابن اسحاق أخرج مافي الجراب ليميز بين الحلال والحرام ، يطلب الإمام العسكري من احمد بن إسحاق أن يخرج صرة صرة حتى الإمام المهدي عليه السلام يقول هذه من مال حلال وهذه من مال حرام ، يقول لا يكون أحد منكم والعياذ بالله يتعامل معاملات مالية محرمة ثم بعد ذلك يدفع الخمس هذا الخمس يتأذى منه أهل البيت عليهم السلام لأنه فيه مال حرام ، ثم أخرج صرة بدأ أحمد ابن إسحاق فقال الغلام عليه السلام هذا لفلان ابن فلان من محلة كذا بقم مشتمل على اثنين وسبعين دينارا فيها من ثمن حجرة باعها وكانت إرثا عن أبيه خمسة وأربعين دينارا ومن أثمان سبعة أثواب أربعة عشر دينارا وفيه من أجرة الحوانيت ثلاثة دنانير ، وصف الإمام عليه السلام بالضبط هذه الصرة ماذا فيها ومن أين جاءت الأموال ، فقال مولانا العسكري صدقت يا بني دل الرجل على الحرام منها أي بلغ أحمد ابن إسحاق كم كان الحرام منها ، فقال الغلام عليه السلام في هذه العين دينار بسكة الري مضروب بسكة أهل الري تاريخ في سنة كذا قد ذهب نصف نقشه عنه يقول منقوش ذهب نصف نقشه بسبب التداول وثلاثة أقطاع قراضة بالوزن دانق ونصف ، القراضة تكون جزء من العملة مقروضة مكسورة وهذه القراضة وزنها حتى الوزن الإمام يقدره أيضا دانق ونصف ، الدانق سدس الدرهم الإمام يشرح بالتفصيل الدقيق في هذه الصرة الحرام هذا القدر الذهب الذي ذهب نقشه نصف نقشه عنه والقراضة التي وزنها دانق ونصف هذا المقدار هو حرام لماذا ؟ فإن صاحب هذه الصرة في سنة كذا في شهر كذا كان له عند نساج وهو من جملة جيرانه من وربع المن أيضا كان ماذا ؟ رطل من الأرطال أو مقدار من الأرطال ، فأتى على ذلك زمان كثير فسرقه سارق من عنده فأخبره النساج بذلك فما صدقه وأخذ الغرامة بغزل أدق منه مبلغ منٍ ونصف زيادة ثم أمر حتى نسج منه ثوب وهذا الدينار والقراضة من ثمنه ، رجل عنده عند رجل هذا المقدار من المال سرق هذا المقدار ذلك الرجل كان نساجا قال لصاحب المال سرق مني هذا المقدار من المال فلم يصدقه ذلك الرجل فأمره بأن يعطيه مضاعفا أو زيادة وينسج له بمقداره زيادة أخذ الرجل الثوب الذي نسجه وباعه هذا المبيع المبلغ من هذا البيع فهذا حرام لا يجوز المفروض أن تصدق الرجل ، فالرجل إذا كان مؤمنا عادلا تصدقه ولا تحمله أكثر من طاقته ، ثم حل عقدها أحمد ابن إسحاق حل عقدة الصرة فوجد الدينار والقراضة كما أخبر، ثم أخرجت صرة أخرى ، فقال الغلام عليه السلام هذا لفلان ابن فلان من المحلة الفلاني بقم والعين فيها خمسون دينارا ولا ينبغي لنا أن ندني أيدينا إليها أصلا ، قال الإمام العسكري عليه السلام لإبنه ولمَ؟ فقال عليه السلام من أجل أن هذه الدنانير ثمن الحنطة وكانت هذه الحنطة بينه وبين حراث له ، شخص مزارع يحرث له فأخذ نصيبه بكيل كامل وأعطى نصيبه بكيل ناقص سوى خداع مع هذا الحراث فالمال يصبح مالا حراما ، فقال مولانا الحسن عليه السلام صدقت يا بني ، ثم قال عليه السلام : يا ابن إسحاق إحمل هذه الصرر وبلغ أصحابها أو أوصي بتبليغها إلى أصحابها فإنه لاحاجة بنا إليها ، ليس لنا حاجة بهذه الأموال النجسة الرجسة ..
الإمام عليه السلام يخرج المال الحلال
ثم قال عليه السلام : جئ إليّ بثوب تلك العجوز، إمرأه عجوز لا تملك خمسا أو حقوقا إلا ثوبا معينا وربما يكون هذا الثوب خلقا باليا ، الإمام العسكري حجة الله على خلقه في ذلك الزمان يسأل عن ثوب هذه العجوز بالذات ، هذا بالقياس إذا الذهب والأموال الموجودة في تلك الصرر وفي ذلك الوعاء لا شيء وذلك أحمد ابن إسحاق كان قد نسيه في حقيبة بالخارج ، الإمام يسأل عن ذلك الثوب بالتحديد لماذا ؟ لأن هذا مال حلال ومن أعطته تلك العجوز نيتها كانت خالصة حتى إذا تقدم شيء قليل وهو فعلا ما تملكه في سبيل أهل البيت بنية خالصة هذا أعظم عند أهل البيت من الملايين التي يقدمها غيرك إذا كانت مشوبة بالحرام والعياذ بالله ، لماذا طلب الإمام هذا الثوب ستعرفون في ختام الرواية لأن الإمام أراد أن يجعله مصلا له يصلي على هذا الثوب إلى هذه الدرجة كيف كان هذا الثوب مبارك وتلك العجوز مباركة التي يصلي الإمام على ثوبها ، ثم قال عليه السلام جىء إلي بثوب تلك العجوز فقال أحمد ابن إسحاق كان ذلك في حقيبة فنسيته ثم مشى أحمد ابن إسحاق ليجيء بذلك الثوب ، فنظر إليّ مولانا أبو محمد العسكري عليه السلام وقال ما جاء بك يا سعد إلينا ، فقلت شوقني أحمد ابن إسحاق إلى لقاء مولانا ، قال عليه السلام المسائل التي أردت أن تسأل عنها ما هي مسائلك أعرض المسائل قلت على حالها يا مولاي ، قال عليه السلام : فاسأل قرة عيني وأومأ إلى الغلام عما بدا لك ، قرة عين العسكري صاحب الأمر المهدي صلوات الله عليه ، هذا العسكري يأمر أنه لا تسألني إسأل هذا الغلام قّرة عيني عما بدا لك كما تشاء ، فقلت يا مولانا وابن مولانا طبعا هنا سعد ابن عبدالله بدأ بعرض مجموعة مسائل من بينها تلك المسألتين اللتين إبتلي بهما من قبل أحد النصاب نحن نذكر بعضا من هذه المسائل هي مسائل كثيرة نذكر بعضه والبعض الآخر نتجاوز عنه ومن أراد فليرجع إلى الرواية في المصادر التي ذكرناها حتى يقرأها كامله ، فقلت :
سعد بن عبدالله يعرض مسائله ..
إسقاط شرف أم المؤمنين عن عائشة
يا مولانا وابن مولانا روي لنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله جعل طلاق نسائه إلى أمير المؤمنين ، وكل رسول الله أمير المؤمنين بتطليق نسائه حتى أنه بعث يوم الجمل رسولا إلى عائشة وقال إنك أدخلتي الهلاك على الإسلام وأهله بالغش الذي حصل منك وأوردت أولادك في موضع الهلاك بالجهالة فإن امتنعتي ، (يحذرها) وإلا طلقتك ؟
عظيم ما معنى هذا الطلاق بعد استشهاد رسول الله صلى الله عليه وآله ، ما معنى هذا الطلاق ، فأخبرنا يا مولاي عن معنى الطلاق الذي فوض حكمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أمير المؤمنين عليه السلام ؟ هذه فائدة مهمة وركزوا جيدا في إجابة الإمام صاحب العصر عليه السلام حتى تعرفوا هل من الجائز بعد اليوم أن يصعد خطيب شيعي على المنبر فيقول عائشة أم المؤمنين ، هل هذا جائز أم غير جائز من هنا تعرفون أنه غير جائز عائشة عليها لعائن الله ليست بأم المؤمنين بعد معركة الجمل بل قبل ذلك ليست بأم المؤمنين استمعوا جيدا إلى إجابة المولى صاحب العصر عليه السلام ، فقال عليه السلام : إن الله تقدس اسمه عظّم شأن نساء النبي صلى الله عليه وآله فخصهن لشرف الأمهات ربما هنا الرواية تكون بشرف الأمهات ربما هذا تصحيح المعنيين واحد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
يا أبا الحسن إن هذا شرف باق ما دمن لله على طاعة ، هناك شرط لهذا الشرف ليس أنه صك مفتوح إلى الأبد على بياض ، لا هناك شرط ما هو ؟! طاعة الله أن يبقين على طاعة الله إن هذا شرف باق ما دمن لله على طاعة فأيتهن عصت الله بعدي بالخروج عليك بالتمرد عليك فطلقها من الأزواج يعني أبح لها الزواج ، ليس حراما أن تتزوج بعد رسول الله ، ثم وأسقطها من شرف أمومة المؤمنين ، التي تخرج على عليٍّ خليفة الله وخليفة رسوله تكون قد خرقت الشرط فبالتالي جائز لها أن تتزوج من تشاء ولا تُدعى بعد اليوم بأم المؤمنين ، حرمة شرعية في إطلاق لقب أم المؤمنين على عائشة وحفصة وغيرهما ممن ثبت أنهن من أعداء علي والخارجات عليه ، هذا غير جائز بأي حال من الأحوال وللعلم ليست هذه هي الرواية الوحيدة التي في أيدينا التي تثبت إسقاط شرف أمومة المؤمنين عن عائشة عندنا أكثر من رواية ومروية عن أكثر من معصوم صلوات الله عليهم ولكن المشكلة هي في عدم الإطلاع فيقوم البعض مع الأسف وعلى منبر أهل البيت بإطلاق هذا اللقب هكذا جزافا على أعداء الله ورسوله ، هذه مسالة يجب الإنتباه إليها جيدا ..
تأويل كهيعص وزكريا عليه السلام
فقلت : سعد ابن عبدالله يستمر بمسائله أخبرني عن تأويل كهيعص ، قال عليه السلام هذه الحروف من أنباء الغيب إذ أطلع الله عليها عبده زكريا عليه السلام ثم قصها على محمد صلى الله عليه وآله وذلك أن زكريا عليه السلام سأل ربه أن يعلمه الأسماء الخمسة فأهبط عليه جبرائيل فعلمه إياها فكان زكريا إذا ذكر محمدا وعليّا وفاطمة والحسن سرى عنه همه وانجلى كربه وأما إذا ذكر اسم الحسين خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة ، ما هي البهرة يعني تتابع النفس إنقطاع النفس مثل إنسان بعد ما يركض ركضا شديدا يتقطع نفسه من الفزع مثلا إذا جاءه عدوه هكذا يشعر، حالة ضيق حالة إنقطاع نفس فتعجب ، هؤلاء الأربعة أذكرهم أرتاح نفسيا وأما هذا الخامس عندما أذكره أشعر بالضيق وبالألم والحزن ، فقال ذات يوم إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعا منهم تسليت بأسمائهم من همومي وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي ، فأنبأه الله تبارك وتعالى عن قصته ، فقال : كهيعص فالكاف إسم كربلاء والهاء هلاك العترة والياء يزيد وهو ظالمُ الحسين والعين عطشه والصاد صبره ، فلما سمع بذلك زكريا عليه السلام لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ومنع فيه الناس من الدخول عليه وأقبل على البكاء والنحيب وكان يرثيه ، مجلس عزاء ثلاثة أيام أقامه نبي الله العظيم زكريا عليه السلام منذ ذلك الوقت ينوحون على الحسين ويرثونه ليس فقط في زماننا ، أنتم بحمد الله بهذه المجالس إمتداد للأنبياء صلوات الله عليهم ومن يعيب عليكم هو الخاسر، كان زكريا يرثيه قائلا إلهي اتفجع خير جميع خلقك بولده ، إلهي أتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه إلهي أتلبس علي وفاطمة ثوب هذه المصيبة إلهي تحل كربة هذه المصيبة بساحتهما ثم كان يقول إلهي ارزقني ولدا تقر به عيني على الكبر فإذا رزقتنيه فافتني بحبه اجعلني شغوفا بحبه ثم أفجعني به كما تفجع محمدا حبيبك بولده ، إلى هذه الدرجة ، يواسي الحسين ليس فقط بإسالة الدمع وإنما يدعو الله بأن يرزقه ولدا يفتن بحبه حتى يفجع به ، يقتل هذا الولد وينفجع به زكريا ، من كان هذا الولد نبي الله يحيى عليه السلام فرزقه الله اليحيى وفجعه به وكان حمل يحيى ستة أشهر وحمل الحسين كذلك والدنيا كما عندنا كما في روايات كثيرة لم تمطر دما إلا في يوم مقتل الحسين ويوم مقتل يحيى بن زكريا ، يحيى بن زكريا المواسي للحسين بدعاء أبيه صلوات الله عليهم أجمعين ..
لماذا لا يستطيع الناس إختيار إمامهم
فقلت أخبرني يا مولاي عن العلة التي تمنع القوم من إختيار الإمام لأنفسهم ، لماذا لا يستطيع الناس أن يختاروا الإمام ، لماذا الله يختار الإمام ، لماذا لا نقول كما يقول أهل العامة أنه نحن نختار الخليفة ، قال عليه السلام مصلح أو مفسد هذا الذي يختارونه فقلت مصلح طبعا ، فقلت مصلح ، قال عليه السلام هل يجوز أن يقع خيرتهم على المفسد بعد ألا يعلم أحد مايخطر ببال غيره من صلاح أو فساد (ممكن يخطئون ويختارون شخص مفسد وهم لا يعلمون ضميره يتصورون أنه صالح في الظاهر وهو في الباطن مفسد) قلت بلى ، قال عليه السلام : فهي العلة أيدتها لك ببرهان يقبل ذلك عقلك ، برهان عقلي ما استدل الإمام حتى بحديث واحد برهان العقل أن الإنسان لأنه تغيب عنه ضمائر الناس لا يمكنه هو أن يختار الإمام ، قد يختار المفسد ، الله يختارلأنه يعلم البواطن ، قلت نعم أقر بذلك ، ثم قال مولانا عليه السلام ، الآن جاء الإمام عليه السلام لكي يجيب عن المسألتين المهمتين من دون أن يبدأ سعد ابن عبدالله بعرضهما عليه ، هذا كاشف عن إطلاعهم صلوات الله عليهم على الغيب بإذن الله تبارك وتعالى ، ثم قال مولانا عليه السلام : يا سعد من ادعى أن النبي صلى الله عليه وآله وهو خصمك يعني هذا الخصم الناصبي ادعى ذلك ذهب بمختار هذه الأمة يعني أبو بكر مع نفسه إلى الغار فإنه خاف عليه كما خاف على نفسه لما علم أنه الخليفة من بعده على أمته لأنه لم يكن من حكم الإختفاء أن يذهب بغيره معه وإنما أقام عليّا على مبيته لأنه علم أنه إن قتل لا يكون من الخلل بقتله ما يكون بقتل أبي بكر لأنه يكون لعليٍّ من يقوم مقامه في الأمور، الإمام يكرر الشبهة ، الشبهة يكررها ، الإمام يأتي الآن للجواب يقول لسعد لما لا تنقُض عليه بقولك أولستم تقولون أن النبي صلى الله عليه وآله قال إن الخلافة من بعدي ثلاثون سنة ، هذا حديث مشهورعند المخالفين تجدونه في صحاحهم وفي مصادرهم ، رواه ابن حبان في صحيحه ورواه أبو دواود في سننه رواه الترمزي في سننه أيضا وفي مصادر عديدة وهم دائما يتبجحون ويتشدقون بهذا الحديث يقولون قال رسول الله في زعمهم الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يكون بعد ذلك ملك فيستدلون على ماذا ؟ على تصحيح خلافة خلفائهم الراشدين على هذا الأساس ، يقولون نحن إذا حسبنا مدة خلافة أبي بكر سنتين وثلاثة أشهر، عمر عشر سنوات وستة أشهر عثمان إثنى عشرة شهرا ، علي عليه السلام أربع سنوات وتسعة أشهر ويلحقون معه الإمام الحسن عليه السلام ستة أشهر يقولون مجموعه ثلاثين سنة يقولون هذه هي الخلافة الراشدة بعد ذلك يكون ملك أي يأتي معاوية ، فإذا هنا رسول الله كأنه يمتدح هؤلاء الراشدين يعني خلفاء شرعيين هؤلاء ، بعد ذلك يأتي ملك يعني ملك عضوض حكم قيصري ، معاوية يورث أبناءه حكم بني أمية وحكم بني العباس ، فالإمام عليه السلام يستدل عليهم يوصي سعد بأن يقول لذلك الناصبي لماذا لا تنقض عليه قوله بهذا الحديث ، أنه أنتم زعمتم أن رسول الله قال أن الخلافة بعدي ثلاثين سنة وصيرها موقوفة على أعمار هؤلاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي فإنهم كانوا على مذهبكم خلفاء رسول الله فإن خصمك لم يجد بدا من قوله بلى ، إذا قلت أوليس هؤلاء خلفاء رسول الله أنهم من بعدي هؤلاء الأربعة خلافة شرعية صحيحة سيقول لك بلى ، قلت له فإذا كان الأمر كذلك فكما أبو بكر الخليفة من بعده كان هؤلاء الثلاثة خلفاء أمته من بعده فلما ذهب بخليفة واحد وهو أبو بكر إلى الغار ولم يذهب بهذه الثلاثة ، لماذا ذهب بخليفة واحد ولم يذهب بالبقية فعلى هذا الأساس يكون النبي صلى الله عليه وآله مستخفا بهم دون أبي بكر فإنه يجب عليه أن يفعل بهم ما فعل بأبي بكر فلما لم يفعل ذلك بهم يكون متهاونا بحقوقهم وتارك للشفقة عليهم بعد أن كان يجب أن يفعل بهم جميعا على ترتيب خلافتهم ما فعل بأبي بكر، جواب عظيم ويسكت المخالفين إذا قلتم أنه أخذ أبو بكر لأنه أراد أن يصونه لما علم أنه خليفته من بعده فهو أيضا يعلم بأن الثلاثة الآخرين أيضا خلفاء وأنهم إذا لم يكونوا خلفاء يختل نظام الدين هذه الخلافة الراشدة ثلاثون سنة وأربع رجال أليس هكذا حسب ما تروون أنتم في صحاحكم ؟!! إذا وجب عليه كما إن يحفظ أبا بكر أن يحفظ الثلاثة الآخرين فلما لم يفعل هل معنى ذلك أنه استخف بهم فهنا ينقطع الناصبي لا يعرف الجواب ، فإذا يبطل مستدل به من أنه إنما أخذ أبو بكر خشية عليه إذا كان هنالك مغزى آخر ومن يحقق في الروايات ويرى الدلائل والقرائن والشواهد يعرف بأنه إنما أخذ أبا بكر معه خشية من أن يقوم أبي بكر بالتآمر عليه في مكة فيبلغهم بإن رسول الله قد هاجر وأنه في طريقه إلى كذا وكذا فيقبضون على رسول الله صلى الله عليه وآله لا أكثر ولا أقل .. هذه الشبهة الاولى وقد حلها الإمام صاحب العصر عليه السلام ..
إسلام عمر بن الخطاب وصاحبه طمعا
ثم يكمل الإمام يقول وأما ما قال لك الخصم بأنهما أسلما طوعا أو كرها ؟ يعني هل كان إسلامهما عن طوع ورغبة أم كره وإجبار، لمَ لم تقل بل إنهما أسلما طمعا لا هو رغبة في الإسلام وإقرارا به ولا هو أيضا إكراه على الإسلام في ذلك الوقت بل طمعا لماذا ؟ وذلك بأنهما يخالطان مع اليهود ويخبران بخروج محمد صلى الله عليه وآله واستيلائه على العرب من التوراة والكتب المقدسة وملاحم قصة محمد صلى الله عليه وآله ويقولون لهما يكون استيلائه على العرب كاستيلاء بختنصرعلى بني إسرائيل إلا أنه يدعي النبوة ولا يكون من النبوة في شيء ، إنما أسلما طمعا لماذا لأنهما كانا يخالطان اليهود وللعلم نحن قد أثبتنا إذا تتذكرون في بحث كيف زيف الإسلام من مصادرهم أنه ما قبل ظهور رسول الله صلى الله عليه وآله وبعثته كان أبو بكر وعمر يتخالطان مع اليهود في الرحلات التجارية إلى الشام وكانوا ينزلون على بعض رهبانهم وأحبارهم وكان هؤلاء يبلغونهما كما يروي المخالفون في مصادرهم أنه هنالك نبي سيظهر في مكة هذه مواصفاته وسيخوض حروبا وسيركع العرب وستكون له دولة عظيمة وأنه عندنا أكثر من هذا المخالفون يروونه ، يقولون أنهما تنبأوا لهما أيضا بأنكما من خلفائه كما نجد في كتبنا المقدسة ، وهذا البرفسور علي حيدر تومس مكلوين الذي رأيتموه في بعض المؤتمرات الأخيرة هنا في لندن هو بنفسه كتب هذا البحث في الجريدة هناك كتب وهو خبير بالإنجيل في الكتاب المقدس لليهود والنصارى كتب بحثا يثبت فيه هذا الشيء مواصفات عمر في الإنجيل وكيف أنه سيتمرد على نبي آخر الزمان وكيف أنه سيعمل ضد الله وسيحرف الدين ، هذه حقيقة واقعة ويثبتها أيضا كما ذكرناه في تلك المحاضرات إذا تتذكرون بالمصادر وبالجزء وبالصفحة يثبتها العلاقة القوية التي كانت بين عمر وبين كعب الأحبار وبين اليهود عموما حتى بعد إسلامه الظاهري حينما كان حتى في زمن رسول الله في المدينة المنورة يتنقل كل يوم سبت يذهب إلى مجالس اليهود لكي يتعلم منهم ، إلى أن نهاه رسول الله كما يروي المخالفون في مصادرهم وزجره وعنفه ..
(وقال أمتهوكون يا ابن الخطاب كما تهوكت اليهود والنصارى أما والله لو أن موسى بعث لما وسعه إلا أن يتبعني )
أتتركني وتذهب لتتعلم من اليهود بدلا من أن تتعلم مني ، نستطيع أن من شكل عقلية عمر إنما هم أساتذته اليهود ولذلك ظهر خبيثا وكان حرِّيفا في تحريف الدين كما فعل اليهود بتحريف دين أنبيائهم علموه كيف يحرف دين الإسلام هذه كانت وظيفة عمر لعنه الله ..
قال عليه السلام فلما ظهر أمر رسول الله تساعدا معه كانا يعلمان أن رسول الله حتما سينتصر ، الغلبة ستكون لرسول الله فأسلما ظاهرا فساعدا معه على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله طمعا أن يجدا من جهة ولاية رسول الله ولاية بلد إذا انتظم أمره وحسن باله واستقامت ولايته كانا طامعين أنه إذا دخلا في الإسلام رسول الله بعدما يستقيم أمره ويشكل الدولة الإسلامية يجعلهما حكاما على بعض الأمصار والولايات يعطي هذا ولاية وهذا ولاية ، فلما آيّسا من ذلك ورأوا أن رسول الله لا يلقي لهم بالا وقفا مع أمثالهما ليلة العقبة وتلثما مثل من تلثم منهم فنفروا بدابة رسول الله لتسقطه ويصير هالكا بسقوطه بعد أن صعدا العقبة فيمن صعد ..
هذه المسألة سبق أن ناقشناها في محاضرة خاصة مفصلة من الذي حاول إغتيال رسول الله صلى الله عليه وآله وكتب الله لها الفشل وكان من المتآمرين أبو بكر عمر عثمان وغيرهم ، فحفظ الله تعالى نبيه من كيدهم ولم يقدروا على أن يفعلوا شيئا وكان حالهما كحال طلحة والزبير إذ جاءا عليّا عليه السلام وبايعاه طمعا أن تكون لكل واحد منهما ولاية فلما لم يكن ذلك وأيّسا من الولاية نكثا بيعته وخرجا عليه حتى آل أمر كل واحد منهما إلى ما يؤول أمر من ينكث العهود والمواثيق يعني إلى جهنم وبئس المصير..
هكذا الإمام المهدي صلوات الله عليه أجاب عن هذين الإشكالين بما أفرح قلب الجليل سعد ابن عبدالله القمي الأشعري رضوان الله عليه وهكذا وضع الإمام النقاط على الحروف والرواية كما ذكرنا مفصلة وفيها تتمة بسيطة نرجئها إن شاء الله إذا أتيحت لنا الفرصة إلى محاضرة قادمة وصلى الله على سيدنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين ..