9 شعبان 1438
من هم البترية: البترية طائفة تدّعي التشيع، توالي أهل البيت عليهم السلام وتوالي أعدائهم (أبي بكر وعمر).
البترية برأيي لا ينبغي الاستهانة بهم، لأنهم توغلوا في جميع مفاصل الدولة والسلك الإعلامي والصحفي ومؤسسات المجتمع المدني، لم يتركوا نافذة إلا وخرجوا منها حتى مواقع التواصل الاجتماعي، في حين نرى أتباع التيار البرائي (نايمين ورجليهم بالشمس)، إلا ما رحم ربي.
ينقسم البترية إلى ثلاثة أقسام، منهم من يعرف أنه بتري ويُنظّر لذلك أمثال (كثير النوى وسالم بن أبي حفصة قديماً، ومحمد حسين فضل الله ومحمد باقر الصدر حديثاً). ومنهم من هو جاهل بهذا الأمر، وهم من العوام.
أما القسم الأخير فهم أنصاف المتعلمين والمثقفين الذين منهم من يبحث عن الدنيا، فتراهم يطبّعون العلاقات مع أعداء أهل البيت عليهم السلام (رموز النفاق من الصحابة)، بحجج واهية، تارة باسم التقية، وباسم الوحدة الإسلامية تارة أخرى، فهم بهذا العمل أزالوا التقية عن مواضعها كما يقول الإمام عليه السلام (للتقية مواضع من أزالها عن مواضعها لم تستقمْ له) فهل استقامت لهم التقية يا تُرى..!
كما وأجادوا كل صنوف التملّق، لأتباعهم (أتباع الدين البكري والوهابي) لمكاسب دنيوية رخيصة تحت مسمى الوحدة الإسلامية، التي ما أنزل الله بها من سلطان، والتي لو كانت من دين الله، لكان الأئمة عليهم السلام أول من أقامها بل وأمروا أتباعهم للعمل بها.
لقد سعى الأئمة عليهم السلام في التصدي للبترية، وقضوا عليهم فكرياً، والروايات فيهم كثيرة، منها من تشير إليهم بالاسم مثل رواية الإمام الصادق عليه السلام (لو أن البترية صف واحد ما بين المشرق إلى المغرب ما أعز الله بهم دينا).
وهناك طائفة أخرى من الروايات تُشير إليهم بالمعنى كقول الإمام الرضا عليه السلام (إن ممن ينتحل مودتنا أهل البيت مَن هو أشد فتنة على شيعتنا من الدجال! فقلت: بماذا؟ قال: بموالاة أعدائنا ومعاداة أوليائنا! إنه إذا كان كذلك اختلط الحق بالباطل واشتبه الأمر، فلم يُعرف مؤمن من منافق).
نظرة تأريخية
بعد أن تأسس الحزب الشيوعي عام 1912 على يد فلاديمير لينين، ثم نجاح الثورة البلشفية بعد ذلك، تأثر الكثيرون من العرب بالشيوعية، لكن بعض الإسلاميين رفضوا الانخراط به، وظلت عينهم على السلطة وحب التحزّب، حتى ظهر لهم حسن البنا في عام 1928، فأسس لهم حزب (الأخوان المسلمين).
تأثر الكثير من الشيعة بفكرة حزب الاخوان المسلمين، لكن كان هناك مانع يردعهم عن الالتحاق به، وهو كيف ينتمون لحزب غير شيعي..؟ بل كيف سيقنعون أتباعهم بهذه الفكرة..؟
نقطة تحول
في أواسط القرن العشرين؛ تأسس حزب الدعوة الإسلامية، متأثراً بأفكار حسن البنا وحزب الأخوان المسلمين، ونستطيع القول هنا أن حزب الدعوة ما هو إلا نسخة مع بعض التعديلات من حزب الاخوان المسلمين، ولكن بلباس شيعي.
كان من أبرز الشخصيات المؤسسة لهذا الحزب هو محمد باقر الصدر، ومرتضى العسكري، ومحمد مهدي الحكيم وطالب الرفاعي.أما مرجعهم الديني فهو محمد حسين فضل الله، ولهذا نرى أن أغلب القيادات في حزب الدعوة من مقلديه.
كان تأسيس هذا الحزب هو نقطة تحوّل بالأحداث التي جرت بعد ذلك، فكان لبروز هذا الحزب وانتماء أبناء الشيعة له، بمثابة البعث الجديد للبترية بعد أن قُبِروا، وإحياءاً للفكر (البتري) بعد أن هلك.
كانت هذه الفترة تمثّل حقبة مأساوية للشيعة في تاريخ العراق الحديث، فقد أصبح الترضي على أعداء أهل البيت عليهم السلام (كأبي بكر أو عمر عليهم اللعنة) يُذكر في الكتب الشيعية (فدك في التاريخ) والأشرطة الصوتية (النداء الثالث) بلا خوف ولا حياء من ردود الأفعال.
إن من أهم الأسباب التي أدت الى انتشار هذا الحزب حسب اعتقادي هو أن أعضاء حزب الدعوة سعوا إلى طلب العلم، فترى هناك الكثير من النخب الثقافية والعلمية ينتمون إلى هذا الحزب خاصة في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات من القرن المنصرم، لهذا تأثر الناس بهم، وخاصة من العوام.
أما السبب الثاني هو الحالة التي ضخّموا بها محمد باقر الصدر، وكأن الذي يسمع به؛ يَعتبر أن الشيعة لم ولن تلدَ (فطحلاً) مثل محمد باقر الصدر أبداً..!، في حين هو لا يأتي إلى عشر معشار علماء الشيعة الأفذاذ كالمفيد والطوسي والمجلسي وغيرهم من علماء الطائفة.
أما السبب الأخير لصعود نجمهم، هو حالة العداء التي أعلنوها ضد السلطة (وتركهم للتقية..!)، وذهبت بسببها دماء الأبرياء من المخدوعين بهم ومن هم لا ينتمون أصلاً لهذا الحزب، فكما هو معلوم أن غالبية الشيعة كانوا يضمرون العداء للحكومة، في حين اتخذت الحكومة قرار التصدي والقتل لكل من ينتمي لهم أو يؤمن بأفكارهم، ولهذا تعاطفت الناس معهم.
بعد عام 2003 وبعد تسلّمهم السلطة في العراق، فشلوا فشلاً ذريعاً في إدارة الدولة العراقية، وصار الأمر واضحاً للجميع، بأن حزب الدعوة حزب سياسي، يطلب الدنيا والسلطة والمال، وطوّعوا الدين لأغراضهم السياسية، فلعبوا بالدين كيفما شاؤوا، فترضّوا على أعداء أهل البيت عليهم السلام، وداسوا على جراحاتهم، فأخزاهم الله في الدنيا قبل الآخرة، وخاب مسعاهم، وانكشف زيفهم وخداعهم للناس، وانقسموا على أنفسهم وتشظّوا (ماكان لله ينمو)، وما بقي منهم قد دخل سن اليأس، فمآلهم إلى الانقراض لا محالة.
ولقد رأينا ورأيتم قول الصادق عليه السلام فيهم (لو أن البترية صف واحد ما بين المشرق إلى المغرب، ما أعز الله بهم دينا). فلم نرَ منهم عزاً لا للدين ولا لأتباع الدين.
أقول قولي هذا إلى الذين ما زالوا مخدوعين بهم، ارجعوا إلى دينكم، فالحياة لا تكون حياة إلا مع آل بيت النبوة صلوات الله عليهم وبالضد من أعدائهم، ارجعوا إلى الزهراء صلوات الله عليها واعملوا بفتواها (قاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أَيمان لهم)، واقضوا على منابع الانحراف واقبروهم فكرياً كما فعل الأئمة عليهم السلام، وتصدوا لهم أينما وجدتموهم. نعمل نحن وإياكم لنطوي هذه الصفحة السوداء من تاريخ الشيعة الحديث. وفقنا الله وإياكم لخدمة آل محمد عليهم السلام.
ملاحظات لابد منها:
1- راجع كتاب (فدك في التاريخ) لمحمد باقر الصدر، صفحة 88، يترضّى على (أبي بكر) ويرمي الزهراء عليها السلام بالفشل!
2- راجع النداء الثالث لمحمد باقر الصدر (باليوتيوب)، حيث يقول (إن حكم أبي بكر قام على الإسلام والعدل)!!
3- راجع خطاب عباس الموسوي الأمين السابق لحزب الله وكيف يترضى على أبي بكر وعمر بكل وقاحة.
اسأل نفسك هذا السؤال قبل الحكم..؟
هل أنت مع الزهراء عليها السلام، أم مع من ترضّى على أعدائها؟
واعلم بأنك ستقف بين يدي جبار السماوات والأرض. وبماذا ستجيب من يرضى الله لرضاها، ويسخط لسخطها؟
(مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ).
أترك لكم الحكم...؟
بقلم: أمير الإبراهيمي