الشيعة في مواجهة تهويد وتحريف الدين الإسلامي - قصة كفاح تاريخية -
ملخّص الجلسة التاسعة عشرة:
من محاسن الاتفاق أننا وفي سيرنا هذا قد وصلنا إلى هذه المحطة في ليالي استشهاد أمير المؤمنين علي عليه السلام ومصيبته. محطتنا هي ما كان من توتر ملحوظ بين أمير المؤمنين عليه السلام وكعب الأحبار عليه اللعنة.
وما هو سر هذا التوتر؟ ولماذا عادى كعبٌ علياً صلوات الله عليه؟ ولماذا توافق كعبٌ مع عمر؟ الجوابُ صار معلوماً مما تقدم في الجلسات السابقة. إن عمر منافق وأشرب بالثقافة اليهودية، فلا عجب أن يتوافق هو وكعب الأحبار وأن يتوادا.
أما لماذا لم يحصل مثل هذا ما بين علي عليه السلام وكعب، فلأن علي عليه السلام نقي ومخلص للإسلام وهو إمام الإسلام والمسلمين، فمن الطبيعي أنه لن يسكت على ما يراه من كعب من تحريفٍ لهذا الدين وخلطه بالعقائد والمفاهيم اليهودية والإسرائيلية المنحرفة. ولم يسكت عن هذا التحريف الذي مارسه كعب بضوء أخضر من الطاغية الثاني عمر بن الخطاب لعنه الله.
وتصدى لهما أمير المؤمنين علي عليه السلام في غير موقف، وهذا التصدي أدى بطبيعة الحال لأن يحقد كعب على علي عليه السلام، خاصةً وأن الإمام صلوات الله عليه حكم عليه ورماه صراحةً بالكذب، وأنه كذّاب.
ولكم أن تتخيلوا ما يعتمل في نفس كعب أنه رمي بالكذب، من شخصية إسلامية مرموقة كعلي بن أبي طالب عليهما السلام. فالإنسان كلما تعاظم شأنه في نفسه وانتفخ فإنه لا يتحمل حينئذ أدنى كلمة تقال ضده.
كعب الأحبار -من الواضح من سيرته- أنه كان منتفخ الذات، لأنه “كعب الأحبار” وذلك الحبر العظيم في قومه ونحلته، واليهود يرجعون إليه ويستفتونه والعالم والقارئ للكتب المقدسة، فهذا حاله قبل أن يتظاهر بالإسلام، وبعد تظاهره بالإسلام ثنيت له الوسادة وأعطي مركزاً مرموقاً من قبل عمر بن الخطاب حتى صار وزيراً له ومفتياً للدولة ومحدثاً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ومعلّماً لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله!
فشخص منتفخ الذات هكذا؛ لا يتحمل بأن يرمى بكلمة، فكيف إذا كان قائلها علي بن أبي طالب عليهما السلام، وكيف لو كانت الكلمة حادة إلى حد أنه يكذبه صراحةً ويقول أنه كذاب، فإن ذلك مما يحمل كعباً لأن يحقد على أمير المؤمنين عليه السلام.
من تلك المواقف والمواجهات بين الطرفين هذين الموقفين، أحدهما من طرق أهل الخلاف، والآخر من طرقنا:
في تفسير القرطبي المجلد 15 ص196: قال ابن عباس: سألت عليا عن هذه الآية فقال: ما بلغك فيها؟ فقلت: سمعت كعبا يقول: إن سليمان لما اشتغل بعرض الأفراس حتى توارت الشمس بالحجاب وفاتته الصلاة، قال: إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي أي: آثرت حب الخير عن ذكر ربي الآية ردوها علي يعني الأفراس وكانت أربع عشرة، فضرب سوقها وأعناقها بالسيف، وأن الله سلبه ملكه أربعة عشر يوما؛ لأنه ظلم الخيل. فقال علي بن أبي طالب: كذب كعب، لكن سليمان اشتغل بعرض الأفراس للجهاد حتى توارت أي: غربت الشمس بالحجاب، فقال بأمر الله للملائكة الموكلين بالشمس: ردوها يعني الشمس، فردوها حتى صلى العصر في وقتها، وأن أنبياء الله لا يظلمون لأنهم معصومون.
لكن المأساة هو أن أكثر المفسرين البكريين أخذوا بتفسير كعب الأحبار، وتركوا تفسير أمير المؤمنين علي عليه السلام!
- في تفسير الرازي في هذه الآية: قال الأكثرون معناه أنه مسح السيف بسوقها وأعناقها أي قطعها.
- وفي تفسير ابن الجوزي: والمفسرون على القول الأول (أي ضربها بالسيف).
- وابن تيمية في منهاج السنة المجلد 5 ص231: "وسليمان بن داود لما فاتته صلاة العصر بسبب الخيل، طفق مسحا بالسوق والأعناق، فعقرها كفّارة لما صنع".
لمزيد من التفصيل راجع الجلسة التاسعة عشرة من الليالي الرمضانية لسنة 1438: