الشيعة في مواجهة تهويد وتحريف الدين الإسلامي - قصة كفاح تاريخية -
ملخّص الجلسة الحادية العشرون:
قد عرفنا كيف أن جمعاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله من المنافقين أو المنحرفين أو من ضعاف الإيمان كانوا يرجعون إلى كعب الأحبار اليهودي، ويأخذون بقوله في المعارف الدينية وفي غير ذلك أيضاً.
وكان مما شاهدناه ووقفنا عليه في ذلك، أن تأثير كعب الأحبار تخطى التأثير على الرجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله، بل وصل إلى النساء أيضاً، ولزوجات رسول الله صلى الله عليه، حيث كان بعضهن يأخذن بقول كعبٍ كصفية بنت حيي التي نجح كعب الأحبار في استثارة جذورها اليهودية وتحفيزها لأن تصلي في القدس باتجاه الصخرة، فتجمع بين القبلتين، وهو المخطط القديم الذي كان يجتهد كعبٌ لتنفيذه.
صفية كانت إحدى تلك الشخصيات التي تأثرت بكعب الأحبار، وعائشة بنت أبي بكر لعنهما الله أيضاً ممن تأثر بكعب الأحبار اليهودي.
هناك لك أثرٌ ينقله أهل الخلاف بسند حسنٍ، وينقله السيوطي في تفسيره في المجلد 7 ص253:
وأخرج عبد بن حميد والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ في العظمة بسند حسن عن عبد الله بن الحارث قال كنت عند عائشة رضي الله عنها وعندها كعب رضي الله عنه، فذكر إسرافيل عليه السلام، فقالت عائشة أخبرني عن إسرافيل فقال كعب له أربعة أجنحة، جناحان في الهواء وجناح قد تسرول به وجناح على كاهله والقلم على أذنه فإذا نزل الوحي كتب القلم ودرست الملائكة وملك الصور أسفل منه جاثٍ على إحدى ركبتيه وقد نصب الأخرى فالتقم الصور محني ظهره وطرفه إلى إسرافيل قد ضم جناحيه ان ينفخ في الصور.
إذن عائشة تسأل كعباً وتتلقى شيئاً من المعارف الدينية من كعب الأحبار! ومفاد هذا الخبر أيضاً أن النافخ في الصور ليس إسرافيل عليه السلام بل مَلَكٌ آخر، وهذا مخالف للإجماع!
في تفسير القرطبي بالمجلد 7 ص20 يقول: "والأمم مجمعةٌ على أن الذي ينفخ في الصور إسرافيل عليه السلام".
وفي كتاب التذكرة للقرطبي ص488: "قال علماؤنا والأمم مجمعة على أن الذي ينفخ في الصور إسرافيل عليه السلام".
ويستدرك القرطبي بعد قوله ذلك فيقول: "قد جاء حديثٌ يدل على أن الذي ينفخ في الصور غير إسرافيل. خرّجه أبو نعيم الحافظ قال حدثنا أحمد بن القاسم قال حدثنا عفان بن مسلم قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عبد الله بن الحارث قال: "كنت عند عائشة وعندها كعب الأحبار فذكر كعب إسرافيل، فقالت عائشة يا كعب أخبرني عن إسرافيل (...) فقالت عائشة هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول".
ويكمل القرطبي "فصل: قلت: وما خرجه أبو عيسى الترمذي وغيره يدل على أن صاحب الصور إسرافيل عليه السلام ينفخ فيه وحده".
وفي الصفحة 507 من تفسير القرطبي: عن أبي هريرة قال: "حدثنا رسول الله ونحن في طائفة من أصحابه فقال إن الله تعالى لما فرغ من خلق السماوات والأرض خلق الصور وأعطاه إسرافيل فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر".
وفي الصفحة 509 يقول القرطبي: "هذا الحديث ذكره الطبري والثعلبي وصححه ابن العربي في سراج المريدين".
إذن لا يمكن إلا أن يُعترفَ بأن عائشة كذبت هنا على رسول الله صلى الله عليه وآله، إذ أعجبها حديث كعب فصدّقته وقالت هكذا سمعت رسول الله يقول.
فبدأت -منذ عهدٍ مبكر- عملية تحويل أحاديث وأقوال كعب إلى أحاديث نبوية شريفة! ولا عجب من أن تفعل عائشة ذلك، لأنها ما كانت تتورع عن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله.
لمزيد من التفصيل راجع الجلسة الحادية والعشرين من الليالي الرمضانية لسنة 1438: