الشيعة في مواجهة تهويد وتحريف الدين الإسلامي - قصة كفاح تاريخية -
ملخّص الجلسة الثانية والعشرون:
قد عرفنا أن جمعاً من أصحاب وأزواج رسول الله صلى الله عليه وآله كانوا معتدين جداً بكعب الأحبار اليهودي عليه اللعنة، إلى درجة تصديقه وتحويل أحاديثه إلى أحاديث نبوية شريفة -كما تقدم في الجلسة السابقة-.
مثال آخر على هذا التحويل الذي جرى من تحويل أحاديث كعبٍ إلى أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله:
في تفسير ابن كثير المجلد 1 ص239:
قال الإمام أحمد بن حنبل في مسنده أخبرنا يحيى بن بكير عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه سمع نبي الله صلى الله عليه وآله يقول "إن آدم عليه السلام لما أهبطه الله تعالى إلى الأرض قالت الملائكة: أي رب {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟ قال: إني أعلم ما لا تعلمون} قالوا: ربنا نحن أطوع لك من بني آدم، قال الله تعالى للملائكة: هلموا ملكين من الملائكة حتى يهبط بهما الأرض، فننظر كيف يعملان؟ قالوا: ربنا! هاروت وماروت، فأهبطا إلى الأرض ومُثّلت لهما الزهرة امرأةً من أحسن البشر فجاءتهما فسألاها نفسها فقالت: لا والله حتى تكلما بهذه الكلمة من الإشراك، فقالا: والله لا نشرك بالله، فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي تحمله فسألاها نفسها قالت: لا والله حتى تقتلا هذا الصبي فقالا: والله لا نقتله أبدا، فذهبت ثم رجعت بقدح خمر تحمله، فسألاها نفسها، قالت: لا والله حتى تشربا هذا الخمر، فشربا فسكرا، فوقعا عليها، وقتلا الصبي، فلما أفاقا، قالت المرأة: والله ما تركتما شيئا أبيتما علي إلا قد فعلتما حين سكرتما، فخيّرا بين عذاب الدنيا وعذاب والآخرة، فاختارا عذاب الدنيا".
وينقل ابن كثير أيضاً هذه الرواية عن معاوية بن صالح نافع قال: سافرت مع ابن عمر، فلما كان من آخر الليل قال: يا نافع انظر طلعت الحمراء؟ قلت: لا. مرتين أو ثلاثا، ثم قلت: قد طلعت، قال: لا مرحبا بها ولا أهلا، قلت: سبحان الله، نجم مسخر سامع مطيع. قال: ما قلت لك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي رسول الله: إن الملائكة قالت: يا رب كيف صبرك على بني آدم في الخطايا والذنوب! قال: إني ابتليتهم وعافيتكم. قالوا: لو كنا مكانهم ما عصيناك، قال: فاختاروا ملكين منكم، قال: فلم يألوا جهدا أن يختاروا، فاختاروا هاروت وماروت .." -إلى نهاية الرواية-.
وهاتان الروايتان التي تقدمتا وغيرها من الروايات عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وآله! إلا أن ابن كثير يأتي ويستدرك على هذين الحديثين فيقول: "وهذان أيضا غريبان جدا. وأقرب ما يكون في هذا أنه من رواية عبد الله بن عمر، عن كعب الأحبار لا عن النبي صلى الله عليه وآله، كما قال عبد الرزاق في تفسيره، عن الثوري، عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن ابن عمر، عن كعب قال" ذكرت الملائكة أعمال بني آدم، وما يأتون من الذنوب، فقيل لهم: اختاروا منكم اثنين، فاختاروا هاروت وماروت. فقال لهما: إني أرسل إلى بني آدم رسلا وليس بيني وبينكم رسول، انزلا لا تشركا بي شيئا ولا تزنيا ولا تشربا الخمر. قال كعب: فوالله ما أمسيا من يومهما الذي أهبطا فيه حتى استكملا جميع ما نهيا عنه.
يقول ابن كثير: “فدار الحديث ورجع إلى نقل كعب الأحبار ، عن كتب بني إسرائيل، والله أعلم “.
لمزيد من التفصيل راجع الجلسة الثانية والعشرين من الليالي الرمضانية لسنة 1438: