بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وعلى آله الطاهرين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. عليكم سؤالي هو: ما مدى صحة هذا الدعاء الهي عظم البلاء وبرح الخفاء وانكشف الغطاء ...... يا محمد يا علي يا علي يا محمد, اكفياني فإنكما كافيان وانصراني فإنكما ناصران, يامولانا يا صاحب الزمان الغوث الغوث ادركني ادركني الساعة الساعة العجل العجل... وهل هذا الدعاء من شخص قدر رآه في عالم الرؤيا؟ وإن كان صحيحاً فهل طلب الكفاية من الرسول صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام وطلب الغوث من صاحب الزمان نوع من الشرك والعياذ بالله؟ في حال إن معظم الادعية المتعلقة بالمعصومين بالاخص الصحيفة السجادية لم يكن من نمط هذا الدعاء واما ادعية التوسل بالأئمة الأطهار فكان الطلب منهم التقرب الى الله كما في دعاء التوسل( إنا توسلنا واستشفعنا بكم الى الله وقدمناكم بين يدي حاجاتنا ....) فكان التوسل بالأئمة الى الله ولم يكن فيها نوع من طلب من الأئمة أو الرسول الكريم بالكفاية والغوث. رحمكم الله. ابو ياسر الجبوري ـ سويسرا
باسمه تقدّست أسماؤه. وعليكم السلام والرحمة والإكرام.
الدعاء مذكور بألفاظ وصور متنوعة في كثير من كتب الأدعية والزيارات والكتب الروائية أيضا، فهو مذكور في جمال الأسبوع وفرج الهموم للسيد ابن طاووس، وفي دلائل الإمامة لابن جرير الطبري الإمامي، كما أورده الشهيد الأول في كتاب المزار، والحر العاملي في الوسائل، والميرزا النوري في المستدرك. وفي الجملة لا إشكال في الاعتقاد بسلامة وروده عن المعصوم (عليه السلام) والتعبّد به بناء على قاعدة التسامح في أدلة السنن، سيما وأن أعاظم العلماء جعلوه في دائرة الاعتبار وأوردوه في كتبهم وعملوا به.
أما عن مصدريّته؛ فمتعدد ومتنوع أيضا، فتارة ذُكر الدعاء في تعقيب صلاة الحجة (عليه السلام) بلفظ: "يا محمد يا علي يا علي يا محمد اكفياني فإنكما كافياني، يا محمد يا علي يا علي يا محمد انصراني فإنكما ناصراني، يا محمد يا علي يا علي يا محمد احفظاني فإنكما حافظاني، يا مولانا يا صاحب الزمان ... إلى آخر الدعاء".
وتارة ذُكر في أعمال الزيارة للإمام صاحب العصر (عليه السلام) في سرداب الغيبة المقدس في سامراء المشرفة بلفظ مشابه أورده الشهيد الأول في كتاب المزار.
وأخرى ذُكر تحت مسمى "دعاء الفرج" – كما في دلائل الإمامة – حيث روى الطبري عن أبي الحسين الكاتب أو أبو الحسن محمد بن أحمد بن أبي الليث ما حاصله أنه جرت بينه وبين سلطان زمانه ومكانه (وكان يدعى أبا منصور بن الصالحان) ما أوجب اختفاءه وهروبه منه، فلجأ إلى حرم الكاظمين (عليهما السلام) ببغداد وهناك التقى بالإمام الحجة (عليه السلام) (في اليقظة لا المنام) حيث أمره الإمام (أرواحنا فداه) بهذا الدعاء وهو دعاء الفرج المعروف الذي قضى به الله حاجته.
وما جرى بسبب المواظبة على هذا الدعاء من الكرامات وقضاء الحوائج والتي شاعت بين المؤمنين قديما وحديثا يؤكد أصالته واعتباريته.
أما عن ألفاظه وكلماته فليست بغريبة عن بقية الأدعية إنْ باللفظ أو بالمعنى، فقد روى الصدوق في كمال الدين وإتمام النعمة أن الخاتم الذي أهداه الإمام العسكري (عليه السلام) لإبراهيم ابن مهزيار كان منقوشا عليه: "يا الله يا محمد يا علي"..
أما عن طلب الغوث والكفاية والنصرة من المعصومين (عليهم الصلاة والسلام) فلا إشكال فيه ولا يستلزم الشرك والعياذ بالله، ذلك لأن الاستمداد منهم إنما هو في طول إرادة الله تعالى لا في عرض إرادته، فقد أمر الله تعالى جميع الخلائق بالطاعة لهم كما قال الإمام الحسين الشهيد (صلوات الله عليه): "والله ما خلق الله شيئا إلا وقد أمره بالطاعة لنا" (الوسائل ج20 ص236). فإذا طلب السائل من الأئمة (عليهم السلام) شيئا فإنه في الواقع يطلب إرادة الله والولاية الممنوحة من قبله للمعصومين (صلوات الله عليهم).
تمثيل ذلك بالمختصر الآتي:
إذا كنت مريضا، فإنك تسأل الأئمة (عليهم السلام) الشفاء. ولأن المرض مخلوق (إذ هو ليس إلا من قبيل الميكروب أو الفايروس) فإنه مشمول بأمر الطاعة للأئمة عليهم السلام التي أمر بها الرب تبارك وتعالى. فعندما يأمر الأئمةُ المرضَ بالارتفاع عن المريض، لابد له أن يأتمر ويستجيب، فيشفى المريض. وإذا كان هذا شركا (والعياذ بالله) فإن طلب الشفاء من الطبيب شرك أيضا.
وإذا كنت غريقا فإنك كما تطلب ممن حولك الغوث وليس في ذلك نوع شرك، فإنك أيضا تطلب الغوث من الأئمة (عليهم السلام) الذين هم "أحياء عند ربهم يُرزقون" فيُؤمر البحر مثلا بأن يقذفك إلى شاطئ الأمان، أو تؤمرالملائكة بأن تلتقطك وتسعفك، فالملائكة أيضا مأمورة بتنفيذ أوامر أهل بيت النبوة عليهم الصلاة والسلام. وعلى هذه فقس.
وفقكم الله لجوامع الخير في الدنيا والآخرة .
23 من محرم الحرام 1426 للهجرة الشريفة.