بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
ألا ترى سماحة الشيخ أنه من أولى تحصين الصف الشيعي وتقويته خاصة وأنني أتعجب من موقف الشيعة وعلى رأسهم المراجع ولا أستثني أحدا تجاه نسف مقام الإمامان علي الهادي والحسن العسكري صلوات الله وسلامه عليهما. استنكار ... بيانات ... وكأنه حادث مرور ... فما الحل علما أن العيب فينا وليس في أعدائنا ...
ما هو موقف سماحتكم من الإحتلال الأمريكي للعراق ؟
هل أنتم راضون على مردود قائمة الإئتلاف الموحد ؟
الإنسان يتمنى لو أن الشهيد محمد صادق الصدر والشهيد محمد باقر الصدر كانا بيننا الآن ... ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
باسمه عزّ شأنه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد مولاتنا الصديقة الكبرى سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها وأرواحنا فداها، جعلنا الله تعالى ممن يوفّق للثأر لها مع ولدها المنتظر المهدي الحجة أرواحنا فداه وعجل الله فرجه الشريف.
لنصارح أنفسنا بقول أن الوضع المزري الماثل حاليا في العراق إنما هو من صنع أيدينا جمهورا وقيادات! أما الجمهور فلأن الانهزامية والإحباط بلغتا فيه مبلغ أن يرى أقدس مقدّساته تُنتهك وتُدمَّر فلا يثور أو ينتفض! وأما القيادات فلأن الجُبن وضعف الرأي والهوى والحسد بلغت جميعا فيها مبلغ أن ترى أنهارا من الدماء تسيل فلا تعلن الدينية منها الجهاد دفاعا عن النفس ولا تتحرك السياسية منها إلا حين تبدأ لعبة الانتخابات والكراسي والمناصب!
والأنكى أنك تجد في العراق من يشرعن هذه الحالة المأسوية ويبرّرها بل وينظّر لها! فتنقلب على السذج والبسطاء الموازين حتى يصبح الجبن شجاعة! والاستسلام بسالة! والقعود قياما! وعدم الفتوى بالجهاد حكمة! والتعرّض للذبح يوميا قربة وتضحية! وترك الإرهابيين طلقاء مراعاة للوحدة! وإهمال الأنقاض على جسدي إماميْن معصوميْن بُعد نظر!
هل أتاك حديث البيتيْن المتقابليْن في محلّة واحدة؟! سنعرضه لك هنا، ربما تدرك أنت ويدرك إخوانك في العراق ماذا يجري على أرضهم وفي وطنهم!
كان هنالك بيتان كبيران متقابلان في محلّة واحدة، بينهما مركز شرطة.
في البيت الأول؛ يقطن ثمانون فردا تغلب عليهم الطيبة، منهم خمسة رؤساء متفرّقين! ومنهم نساء وأطفال. ويمتلك هذا البيت بستانا عظيما فيه من كل الثمرات، وفيه نفائس وجواهر ثمينة.
في البيت الثاني؛ يقطن عشرون فردا يغلب عليهم الإجرام، منهم ثلاثة رؤساء متآلفين، ومنهم نساء وأطفال. وليس للبيت إلا ساحة ترابية جدباء مقفرة.
ولأن الوضع على هذا النحو، فقد تفضّل أصحاب البيت الأول بإعطاء حصة مما ينتجه بستانهم إلى أصحاب البيت الثاني، إلا أن هؤلاء لم يقنعوا وطمعوا بالمزيد، وقد امتلأت قلوبهم بالحسد والحقد على أصحاب البيت الأول، وطفقوا يخططون للسيطرة عليه، وهكذا بعد برهة وجيزة من الزمن استطاعوا الاستيلاء على مركز الشرطة، فأصبحوا هم الآمر والناهي في المحلّة.
عندما استولى أصحاب البيت الثاني على مركز الشرطة، لم يكترث أصحاب البيت الأول بالأمر كثيرا، فآثروا الانطواء على أنفسهم وترك المجال فسيحا أمام أصحاب البيت الثاني لامتلاك زمام القوة والقدرة في المحلة.
ما مضت إلا فترة يسيرة حتى تعرّض البيت الأول لاقتحام مسلح من الشرطة الذين هم من أصحاب البيت الثاني! وإذا بهم ينهبون البستان وشيئا من الجواهر الثمينة! تصدّى لهم بعض من شجعان البيت الأول إلا أنهم حيث كانوا يفتقدون السلاح؛ تعرّضوا إلى القتل والتصفية لأن السلاح بيد خصومهم.
عرف أصحاب البيت الأول حجم الخطأ الفادح الذي أوقعوا أنفسهم فيه، إلا أنهم بدلا من محاولة تصحيحه بالسير قدما نحو تغيير الوضع القائم؛ آثر جلّهم أن يترك الأمر على حاله طلبا للسلامة!
لم تتوقف تعدّيات أصحاب البيت الثاني، إذ كانت القوة بيدهم من خلال مركز الشرطة، فاستمرّوا في اقتحام البيت الأول متى ما رغبوا، وفي كل مرة كانوا ينهبون ما يشاءون، ومن يتصدّى لهم كان مصيره القتل!
لم يتحمّل كثير من أبناء البيت الأول الوضع، ولذا؛ قامت طائفة منهم بالهروب إلى الخارج! أما الأخرى التي بقت فقد ذاقت الويلات، ففكّرت في تصحيح الوضع بالقوة، ومن هنا رجعت إلى رؤساها الخمسة لتستشيرهم وتأخذ منهم الإذن. ثلاثة من هؤلاء رفضوا وآثروا الانعزال، وأما الاثنان الآخران فقبلا؛ إلا أنهما بسبب التناحرات الشخصية لم يقدّما شيئا بل أخرّا! ولم يصحّحا خطأً بل أفسدا!
ومضى الأمر على هذا النحو زمنا طويلا، إلى أن جاءت قوة عسكرية واحتلّت مركز الشرطة وطردت من كانوا فيه. فرح أصحاب البيت الأول بالأمر كثيرا، وظنوا أنه الخلاص من الجحيم الذي كانوا يعيشون فيه.
أما أصحاب البيت الثاني فقد حزنوا حزنا شديدا وغضبوا على تجريدهم مما كانوا يتمتعون به على حساب البيت الأول، وظنوا أن هذه هي النهاية لأن أصحاب البيت الأول لن يكرروا أخطاءهم مرة أخرى وسينتهزونها فرصة لإعادة تنظيم صفوفهم وتقوية أنفسهم لئلا يُهضموا من جديد.
إلا أن أصحاب البيت الثاني وجدوا أن أصحاب البيت الأول عادوا إلى سيرتهم القديمة من الخنوع والاستسلام! فوجدوها فرصة سانحة لمشاكستهم ومناوشتهم علّهم بذلك يفرضون على القوة العسكرية معادلتهم الجديدة فيقتنصون بعضا من الاقتناصات!
بدأ بعض أبناء البيت الثاني أولا بكسر نافذة من نوافذ البيت الأول، فلم يفعل أهله شيئا وقاموا فقط بإصلاحه!
تشجّع أهل البيت الثاني من ذلك أكثر؛ فحرقوا جزءا من بستان البيت الأول، فلم يفعل أهله شيئا سوى الشكوى لدى مركز الشرطة!
استغل أهل البيت الثاني وجودهم في مقابل البيت الأول، ففتح بعضهم النار من نافذة من النوافذ في جنح الليل فأصاب كتف أحد أبناء البيت الأول بإصابة بالغة لكنها لم تقتله، فلم يفعل ذووه شيئا سوى الذهاب به إلى المستشفى للعلاج!
في الليلة التالية فتحوا النار فإذا بهم يُردون شيخا طاعنا في السن قتيلا! تأثر أهل البيت الأول لكنهم لم يتحرّكوا لتأديب المجرمين من البيت الثاني وكان أكثر اهتمامهم أن يشيّعوا القتيل بجنازة عظيمة يبكون فيها ويندبون ويلطمون!
في الليالي التالية كثرت الاعتداءات، والضحايا من أهل البيت الأول يكثر عددهم! فلم يفعلوا شيئا سوى التوجه إلى مركز الشرطة في كل مرة للشكوى!
تمادى أهل البيت الثاني لما رأوا من جبن وضعف البيت الأول، فنقلوا هجماتهم لوضح النهار بلا حياء ولا استحياء! ولأن عددهم قليل فقد استعانوا بمن يماثلهم في الإجرام من خارج المحلّة، فاستقدموا من البيوت المجاورة عددا كبيرا من الأوغاد ووفّروا لهم المأوى داخل حجر ودور بيتهم ليمارسوا مهامهم في إرعاب أهل البيت الأول.
وذات مرّة قام هؤلاء بزرع عبوة متفجّرة أمام باب المنزل الأول، فانفجرت مخلّفة عددا كبيرا من القتلى الأبرياء، ومنهم النساء والأطفال الرُّضَّع! ومع هذا؛ لم يخطُ أهل البيت الأول خطوات جدية لتأديب أهل البيت الثاني، واكتفى رؤساهم بإلقاء الخطب الاستنكارية للجريمة، كما اكتفى من هم دونهم بتنظيم مسيرة احتجاجية داروا فيها داخل أروقة منزلهم باكين لاطمين!
أما مركز الشرطة فرغم أنه قام بحملات ضد أهل البيت الثاني إلا أنه لم ينجح في إخماد جذوة الشر فيه، أو أنه بالأحرى تعمّد أن لا ينجح، ليبقى مهيمنا على المحلّة أكثر، مستفيدا مما فيها من ثروات لمدة أطول!
وبدأ الوضع يزداد سوءا، فكثرت الاعتداءات، والمذابح، والتفجيرات، والمجازر، والنهب والسلب، كل ذلك يأتي من طرف البيت الثاني ضد البيت الأول! ومع هذا لا يستحي المجرمون في البيت الثاني من تبرير جرائمهم بالقول: "إنها ليست موجهة لإخواننا من البيت الأول وإنما هي موجهة للأعداء من القوة العسكرية المحتلة لمركز شرطتنا، فأما تلك التي تُوجّه نحو بيت جيراننا فهي دخيلة علينا ولا نعرف من يقوم بها"! هذا فيما لا يستحي بعضٌ من أبناء البيت الأول من تنظيم حملات التودّد لأبناء البيت الثاني بدعوى أنها تنزع الاحتقان! فتجد هؤلاء يصلّون خلف هؤلاء والنفاق يملأ قلب كل واحد منهم! ومع أن أهل البيت الأول يدركون أن أهل البيت الثاني يعلمون بمكان تواجد المجرمين بينهم لأنهم لا ينطلقون إلا من بيتهم! مع هذا.. ينافق بعض أهل البيت الأول أنفسهم ويتودّدون إلى أصحاب البيت الثاني!
واستمر الحال إلى أن وقعت مصيبة عظمى تمثّلت في تدمير جزء كبير من البيت الأول الذي وقع على رؤوس أصحابه، فقتلوا جميعا ولم ينجُ منهم إلا القليل، وضاعت جواهرهم النفيسة الثمينة. وتزامنا مع ذلك؛ أُحرق الجزء الأكبر من البستان حتى لم يعد بالإمكان إعادة تثميره إلا بعد سنوات عديدة!
وبعد هذه الكارثة؛ لم يجد أهل البيت الأول ورؤساهم بُدّا من عقد اجتماع موسّع لتدارس الأمر. في ذلك الاجتماع وقف أحدهم وكان من المخلصين الشجعان فخطب فيهم قائلا: "أيها السادة.. باتت أوضاعنا تزداد سوءا، لم نعد نهنأ بحياتنا، ويبدو أننا عائدون إلى العهد الأول قبل مجيء هذه القوة العسكرية، وقد أصبحنا كما تروْن لا نتمكّن من الرقاد ليلة في هناء وراحة، ولم يشرق علينا صباح إلا وهو مظلم إذ نعدّد فيه قتلانا وجرحانا والخسائر التي مُنينا بها جرّاء اعتداءات أصحاب البيت الثاني، وقد تبيّن لنا أن مركز الشرطة الجديد ضعيف أو يبدي من نفسه الضعف، فلم يوفّر لنا الأمن ولا الاستقرار. ونحن إنْ استمرّت بنا هذه الحال فسنُجتثّ من أصلنا ولن تبقَ لنا باقية! فإلى متى السكوت عن هذه الجرائم؟ ولمَ لا نأخذ حقنا بأيدينا"؟!
صرخ بوجهه القوم قائلين: "ماذا تقصد بقولك نأخذ حقنا بأيدينا؟ هل تريدنا أن ندخل في حرب مع الجيران؟ هل جُننت؟ هل تريد الفتنة؟ هل تريد الفرقة؟ ألم يوصِ النبي (صلى الله عليه وآله) بالجار؟ ماذا تريد أن يقول الناس عنا؟ هل تظن أن أبناء البيت الثاني كلهم مجرمون"؟
قال لهم: "يا قوم! إن نبينا (صلى الله عليه وآله) أوصى بالجار ما دام حافظا لحقوق الجيرة، لا الجار الذي يقتل ويسفك الدماء! مالكم كيف تحكمون؟! إننا إنْ لم نتحرك لوضع حد لهذه الجرائم فمن سيضع حدا لها وأنتم تروْن تخاذل مركز الشرطة؟ هل تبقّى لنا شيء بربّكم؟! إلى متى تنتظرون؟! أنا لم أدعُكم لهدم البيت الثاني على رؤوس أصحابه، فإن فيه النساء والأطفال، وفيه الأبرياء، هؤلاء نعزلهم ونؤمنهم، أما المجرمون فنحاربهم وننزل بهم القصاص الشرعي، وكذلك الذين يؤوونهم وفتحوا دورهم لهم ليطلقوا علينا منها الرصاص، حتى ترتاح المحلّة منهم، ونتفرّغ لمستقبلنا ولحياتنا، أم لا تريدون الحياة؟! ما بكم تخافون؟! إنهم أقل منا عددنا، فهم عشرون ونحن ثمانون! إنهم هم الباغون ونحن المبغي علينا والله تعالى ينصر المظلوم! إنهم لا يملكون مثل ما نملك من تراث ولا ثروات! فما بكم أصبح الواحد منكم يخشى أن يعتّب عتبة باب داره خوفا فيما هم يخرجون ويسرحون ويمرحون بلا خوف ولا وجل! أأنتم أشباه الرجال وحلوم الأطفال وعقول ربّات الحجال؟! أما فيكم رجل يثور ويقودنا فنجتث جذور الفساد والإرهاب هذه؟! أليس البيت بيتنا وأليست الأرض أرضنا والمحلة محلتنا؟! ألسنا أهل هذه الأرض الأصليين وهم الدخلاء؟! ألسنا على الحق وهم على الباطل؟! فمالكم لا تنتفضون"؟!
عند هذا الموضع تختلف الروايات عما جرى بعد ذلك، فقسم من الروايات يقول أن كلام ذلك الرجل المخلص المحق ذهب أدراج الرياح، واستمر رؤساء البيت الأول وأتباعهم في خنوعهم وخضوعهم واستسلامهم للأمر الواقع حتى تغلّب أهل البيت الثاني عليهم تماما، واضطرت القوة العسكرية إلى أن تسلمهم مركز الشرطة من جديد، فاستغلوها فرصة لتصفية وجود البيت الأول من أساسه، فأصبح مجرد ذكرى!
وقسم من الروايات يقول أن كلام ذلك الرجل المخلص المحق أثّر في أهل البيت الأول، فأزاحوا رؤساهم الذين ضيّعوا كرامتهم واختاروا لأنفسهم رؤساء جدد أقوياء شجعان حكماء، وأعلنوها حربا على المجرمين في البيت الثاني حتى صفّوه منهم، وأرواحوا البلاد والعباد منهم، ثم أعادوا بعد ذلك بناء بيتهم وزراعة بستانهم، وعاشوا هم، والبقية القليلة من الشرفاء في البيت الثاني، متحابين متوادّين، وبسبب هذا الموقف العظيم، لم تمضِ إلا فترة وجيزة حتى التحق أهل البيت الثاني بالبيت الأول وانضموا إليهم، فأصبحوا جميعا يدا واحدة.
والآن.. اختاروا يا أهل العراق بين أن تسيروا بمقتضى الرواية الأولى أو الثانية!
نحن – كما تعلمون – موقفنا ثابت بالنسبة لأزمة العراق، وقد سبق أن بيّناه كرارا في غير بيان ومقال ومحاضرة وحتى في إجاباتنا على الأسئلة، ونكرر النصيحة لإخواننا المؤمنين ونجدّدها هنا بشكل أكثر تحديدا ودقة، في نقاط سريعة موجزة، لتصل إليك وإلى جميع من يسمع صوتنا في العراق العزيز:
(1) على جميع الشيعة المؤمنين الموالين لمحمد وآل محمد (عليهم الصلاة والسلام) أن ينبذوا جميع القيادات الدينية والسياسية التي لا تلتفت إلى الأحكام الإلهية الخاصة بالجهاد والقصاص والتي تحبط عزائمهم وتشلّ حركتهم وتمنعهم من الثورة لتصحيح الوضع القائم.
(2) على جميع الشيعة أن يأتمروا لاختيار قيادات بديلة يكون على رأس أجندتها جهاد أعداء الله من النواصب الإرهابيين الوهابيين الذين عاثوا في الأرض فسادا.
(3) على جميع الشيعة أن يعلنوها بعد ذلك حركة ثورية شعبية عامة لإعادة الاستقرار إلى العراق وإعادة بنائه من جديد.
(4) على هذه الحركة الثورية العامة أن تعلن الجهاد ضد الوهابيين القتلة الإرهابيين وكل من يؤويهم أو يدعمهم سرا أو علانية.
(5) على هذه الحركة الثورية العامة أن تخيّر القوة الأميركية والحكومة المشكلة بالانتخاب بين أن تتحرك بجدية لاستئصال الجماعات الإرهابية وفرض القانون أو أن تفسح المجال للثوار للقيام بواجبهم في ذلك.
(6) في حال عدم قيام القوة الأميركية والحكومة المشكلة بالانتخاب بما سبق، فعلى هذه الحركة الثورية العامة أن تعلن نزع الشرعية من هذه الحكومة بشرعية ثورة الشعب، وأنها ستقوم بمسؤوليتها في تنقية الوطن وإعادة الاستقرار والأمن إليه من خلال تشكيل سلطة بديلة مؤقتة.
(7) على جميع المؤمنين في الجيش والحرس الوطني الانضمام إلى إخوانهم في الحركة الثورية العامة لتشكيل الأجهزة الأمنية الموحدة التي تتكفل بالنزول إلى الشارع في المحافظات الغربية لتصفية وجود القتلة الإرهابيين، مع تأمين سلامة الأبرياء والنساء والأطفال.
(8) على هذه الحركة الثورية العامة أن تطالب بعد ذلك بجلاء القوات الأجنبية من البلاد وإعادة تنظيم مؤسسات الدولة.
إنه في الوقت الذي كان ينبغي فيه على جميع الشيعة المؤمنين في العراق أن يراجعوا مسارهم بعد حادثة الاعتداء الناصبي الحقير على مرقد الإمامين العسكريين (صلوات الله عليهما) في سامراء المقدسة؛ وفي الوقت الذي كان ينبغي فيه أن تكون هذه الحادثة سببا في إيقاظهم؛ عادت حالة الانهزامية من جديد لتطغى عليهم!
إن تقوية الصف الشيعي في العراق – وهو ما سألتم عنه – مرهون بإعادة تقييم التجربة التي نحن ماضون فيها، فبعدما تبيّن أنها تجربة فاشلة، وأن هذه الحكومة المشكلة بالانتخاب أو القوات الأجنبية لن تغيّر من الوضع القائم شيئا يُذكر، وأن هذا الوضع المأسوي سيستمر إلى المجهول.. بعد كل ذلك أصبح حريا ان نغيّر من هذا المسار ونضع مسارا بديلا ومشروعا بديلا لما هو قائم. والنقاط الذي ذكرناها آنفا هي الخطوط العريضة التي نرتئيها لهذا المشروع البديل.
إن العودة إلى قوة الشعب هي الحل الأكيد، فقد أثبت هذا الشعب جدارته في انتفاضة عام 1991 واستطاع أن يسقط أربعة عشر محافظة دفعة واحدة، والتفتوا إلى أن هذا الشعب عندما انتفض في 1991 فإنه انتفض من تلقاء نفسه لا اعتمادا على قياداته! فإنه – ومع الأسف – لطالما كانت القيادات في العراق معطّلة لإرادة الجماهير في انتزاع حقوقها بدعوى مراعاة الظروف!
كلا! تحرّروا من هذه القيود، وانطلقوا بشجاعة وافرضوا – يا شيعة العراق – معادلتكم على الآخرين، ولا تجعلوا النواصب الوهابيين الإرهابيين يفرضون معادلتهم عليكم!
أما عن موقفنا من الاحتلال الأميركي فقد سبق أن بيّنا أن وقوعه كان جبرا وقهرا، وليس العراق وحده محتلا بل جميع هذه الدول الأعرابية، فمعظمها فيها قوات أميركية، وحتى التي لا تتواجد فيها هذه القوات، فهي محتلّة بالعناوين الأخرى، سياسيا أو اقتصاديا. غاية ما هنالك أن العراق تتواجد فيها قوات أكثر، وإلا فما يسمى بالسعودية محتلة، وكذا الكويت، وكذا قطر، وكذا دول الخليج، وكذا الأردن، وكذا مصر، وكذا اليمن، وكذا جميع هذه الدول التي ليس قادتها سوى عبيد بيد الإدارة الأميركية!
ونحن إذ نرفض بقاء الاحتلال الأميركي للعراق، فإننا نرى أن التعجيل بذلك يعتمد على قيام الثورة الشعبية العامة التي تفرض معادلتها على الأميركيين، وتجعلهم يرحلون. من غير أن ندعو إلى قتالهم لأن موازين القوى مختلّة، وإنما ندعو إلى تصفية أسباب وجودهم، كوجود الإرهابيين مثلا. ثم بعد ذلك ينبغي أن نكون أكثر حكمة في التعامل مع هذه القوة العالمية الكبرى، فنخلق مصالح متوازنة تقوم على الاحترام المتبادل، لترى هذه الإدارة الأميركية أن من مصلحتها الخروج من العراق مع ضمان مصالحها فيه، كما نرى أن من مصلحتنا في العراق إخراج هذه القوات مع ضمان مصالحنا في.. أميركا!
ولنعمل في هذا كما عمل التايوانيون، الذين خلقوا لهذه القوة العظمى مصالح في بلادهم، فامتلكوا السيادة رغما عن أنف الصين، من دون أن تكون أميركا محتلة لتايوان، بل هي وقواتها خارجة عنه. وهذا ما نعنيه بقولنا: مصالح متبادلة متوازنة. فإن من الخطأ استعداء أميركا بالكامل، كما أن من الخطأ استرضاؤها بالكامل وجعلها تستعبدنا كما تفعل هذه الدول الأعرابية! بل إن الصواب الذي ليس فيه إفراط ولا تفريط، هو ما قلناه، وهذا يعتمد – حقيقة – على وجود ساسة محنّكين يعرفون كيف يتعاملون مع هذه الدول الكبرى، وهؤلاء لست أرى إلى اللحظة ظهورا لهم على أرض العراق مع الأسف! لربما هم موجودون لكن صوتهم ضعيف.
أما عن قائمة الائتلاف العراقي الموحد، فنحن غير راضين عن أدائها بل ولا عمّن فيها، ونراها وبقية الأحزاب القائمة حاليا جزءا من الأزمة في العراق! إن الإخلاص هو أساس احترامنا لأي شخص أو كيان، فأين هو في هذه الأحزاب وقياداتها ورجالها؟!
نسأل الله تعالى أن يوفق هذه الأمة لاختيار قيادات مخلصة صادقة واعية قادرة على إحداث التغيير وإنهاء هذه المأساة. كما نسأله تعالى أن يعجّل فرج إمام زماننا (صلوات الله عليه) فإن ظهوره هو الحل الأنجع لكل مآسي العالم.
حماكم الله وأهلنا في العراق من كل سوء. والسلام.
السادس من ربيع الآخر لسنة 1427 من الهجرة النبوية الشريفة.