بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و ال محمد آل الله
و اللعنة الدائمة و الوبيلة على أعدآئهم و ظالميهم أعدآء الله إلى يوم لقآء الله .
سلام عليكم
نطلب بيان مختصر لمفاد : الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد .
باسمه جل ثناؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد سيدنا ومولانا أبي عبد الله الحسين واستشهاد أهل بيته وأصحابه عليهم جميعا أفضل الصلاة وأتم السلام، جعلنا الله وإياكم من الثائرين الطالبين بدمائهم مع المنتقم لهم مولانا صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف.
هذه من تخرّصات الفلاسفة وقد تلقّفها منهم بعض العرفاء مع شيء من التغيير فيها، وقد أسهبنا في بيانها في دروسنا في الكلام. وخلاصة القول هو أن الفلاسفة زعموا أن الواحد الذي هو الله جل جلاله حيث أنه بسيط الذات فلا بد أن لا يصدر منه إلا الواحد في المرة الأولى، لأن صدور المعلولات من علة واحدة يقتضي – بزعمهم – تكثّر ذات العلة إذ لا يمكن صدورها على كثرتها من البسيط من دون توسط الآلات والأجزاء، كما أن صدورها ينقض وجوب السنخية بين العلة والمعلول إذ العلة بسيطة والمعاليل متكثرة، وهو محال عندهم. وعلى هذا قالوا بأن الصادر الأول إنما كان العقل الأول، والعقل الأول هذا صدر عنه عقل ثانٍ، ومن الثاني صدر الثالث، وهكذا إلى العاشر الذي هو عندهم العقل الفعّال، ومنه صدر العالم والمخلوقات! وبهذا هم أخرجوا الله تعالى عن عموم قدرته، بل أثبتوا له العجز حيث لم يكن بمقدوره إلا أن يخلق شيئا واحدا في المرة الأولى، تعالى عن ذلك علوا كبيرا. وهذا القول تلقّفه العرفاء مع شيء من التغيير حين قالوا: ”الوحدة في الكثرة والكثرة في الوحدة وأن الواحد الشخصي يصدر منه واحد نوعي“ فأثبتوا أن الكثرات إنما هي عارضة في وجودها على الذات الواحدة وتستمد منها الوجود وتفتقر في وجودها إليه، فنقضوا بذلك دعوى الفلاسفة إلا أنهم أوقعوا أنفسهم في ما لا يقل عن دعواهم كفرا وهو ”وحدة الوجود والموجود“!
وقد نقضنا الادعائين بأن صدور الكثرة من الواجب البسيط لا يستلزم تركبه أو تكثّره كونه فاعلا مختارا، وإنما يصح الإشكال لو كان فاعلا غير مختار، ومنشأ الصدور إنما هو بإعمال القدرة أي المشيئة والإرادة وهما من الصفات الفعلية المنفكة عن الذات لا من الصفات الذاتية التي هي عين الذات كالقدرة نفسها حتى يصح الإشكال ويقال أن صدور الكثرة منه يقتضي أن تكون واجبة معه فيكون متكثرا، وقد نبّه على ذلك إمامنا الرضا عليه السلام بقوله: ”المشيئة والإرادة من صفات الأفعال، فمن زعم أن الله تعالى لم يزل مريدا شائيا فليس بموحد“ (توحيد الصدوق ص338).
وكذلك نقضنا الدعوى بأن المقتضي لتعلق القدرة بالمقدور إنما هو الإمكان وما دام هو ثابت في الجميع فيثبت على السواء في كل مقدور فيصح صدور الكثرة منه، وأن السنخية لا أصل لها وإنما الأصل للعلة والمعلول، وما إلى ذلك من نقوضات ذكرناها في دروسنا، فراجع.
أنار الله دربكم بمحمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم. والسلام.
الثاني من شهر صفر الأحزان لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.