ماتفسير هذه الايات
((بسم الله الرحمن الرحيم))
اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ
(( صدق الله العلي العظيم ))
سجاد هادي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ج1: جاء في تفسير الآيات الكريمات في كنز الدقائق للشيخ المشهدي - الصفحة 384:
”«اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ»: قيل: بالإضافة إلى ما مضى، أو عند اللَّه، لقوله: «إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً ونَراهُ قَرِيباً» أو لأنّ كلّ ما هو آت قريب، وإنّما البعيد ما انقرض ومضى.
وفي مجمع البيان: وإنّما وصف ذلك بالقرب، لأنّ أحد أشراط السّاعة مبعث رسول اللَّه (صلَّى اللَّه عليه وآله). فقد قال: ”بعثت أنا والسّاعة كهاتين“. وفي الجوامع عن أمير المؤمنين (عليه السّلام): ”أنّ الدّنيا ولَّت حذّاء، ولم يبق منها إلَّا صبابة كصبابة الإناء“. واللَّام صلة لـ «اقترب». أو تأكيد للإضافة، وأصله: اقترب حساب النّاس، ثمّ اقترب للنّاس الحساب، ثمّ اقترب للنّاس حسابهم. قيل: وخصّ النّاس بالكفّار لتقييدهم بقوله: «وهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ»، أي: في غفلة من الحساب، معرضون عن التّفكّر فيه. وهما خبران للضّمير. ويجوز أن يكون الظَّرف حالا من المستكنّ في «معرضون».
«ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ» ينبّههم عن سنة الغفلة والجهالة.
«مِنْ رَبِّهِمْ»: صفة لـ «ذكر» أو صلة لـ «يأتيهم».
«مُحْدَثٍ» تنزيله، ليكرّر على أسماعهم التّنبيه، كي يتّعظوا. وقرئ بالرّفع، حملا على المحلّ.
«إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وهُمْ يَلْعَبُونَ»: يستهزئون به، لتناهي غفلتهم وفرط إعراضهم عن النّظر في الأمور والتّفكّر في العواقب. و«هُمْ يَلْعَبُونَ» حال من الواو. وكذلك «لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ» أي: استمعوه جامعين بين الاستهزاء به، والتّلهّي والذّهول عن التّفكّر فيه. ويجوز أن يكون الحال من واو «يلعبون». وقرئ بالرّفع على أنّه خبر آخر للضّمير.
«وأَسَرُّوا النَّجْوَى»: بالغوا في إخفائها، أو جعلوها بحيث خفي تناجيهم بها.
«الَّذِينَ ظَلَمُوا»: بدل من واو «أسرّوا» للإيماء بأنّهم ظالمون فيما أسرّوا به. أو فاعل له، والواو لعلامة الجمع. أو مبتدأ والجملة المتقدّمة خبره. وأصله: وهؤلاء أسرّوا النّجوى. فوضع الموصول موضعه، تسجيلا على فعلهم بأنّه ظلم. أو منصوب على الذّم. وفي شرح الآيات الباهرة: قال محمّد بن العبّاس: حدّثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد السّيّاريّ، عن محمّد بن خالد البرقيّ، عن محمّد بن عليّ، عن عليّ بن حمّاد الأزديّ، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي عبد اللَّه (عليه السّلام) في قوله عزّ وجلّ: «وأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا» قال: الَّذين ظلموا آل محمّد حقّهم.
«هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ»: بأسره في موضع النّصب، بدلا من «النّجوى» أو مفعولا لقول مقدّر. قيل: كأنّهم استدلَّوا بكونه بشرا على كذبه في ادّعاء الرّسالة، لاعتقادهم أنّ الرّسول لا يكون إلَّا ملكا، واستلزموا منه أنّما جاء به من الخوارق - كالقرآن - سحر، فأنكروا حضوره. وإنّما أسرّوا به، تشاورا في استنباط ما يهدم أمره، ويظهر فساده للنّاس عامّة. وفي روضة الكافي: عليّ بن محمّد عن عليّ بن العبّاس، عن عليّ بن حمّاد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: وقال: «إنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ» يقول: بما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك والظَّلم بعدك. وهو قول اللَّه (عزّ وجلّ): «وأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ». والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة“.
شكرا لحسن التواصل.
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
ليلة 17 ربيع الآخرة 1436 هجرية