السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد و عجل فرجهم والعن اعدائهم
عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد سيد الأحرار الامام الحسين عليه السلام جعلنا الله و اياكم من المطالبين بثأره مع حفيده الحجة ابن الحسن عليه وعلى آبائه السلام
ماهو تفسير أهل البيت للآية الكريمة (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّـهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجورنا وأجوركم بمصابنا بالحسين عليه السلام، وجعلنا وإياكم من الطالبين بثاره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد عليهم السلام
جاء في تفسير البرهان في رواية طويلة عن أبي حمزة الثمالي أنّه جاء رجل لمجلس الإمام الباقر عليه السلام، فالتفت الإمام إلى الرجل، فقال له: من أنت؟ قال: أنا قتادة بن دعامة البصريّ، فقال أبو جعفر عليه السلام: أنت فقيه أهل البصرة؟ قال: نعم. فقال له أبو جعفر عليه السلام: ويحك يا قتادة، إنّ الله عزّ وجلّ خلق خلقا من خلقِه، فجعلهم حججا على خلقه، فهم أوتادٌ في أرضه، قُوّام بأمره، نجباء في علمه، اصطفاهم قبل خلقه أظِلّة عن يمين عرشه. قال فسكت قتادة طويلا، ثم قال: أصلحك الله، والله لقد جلستُ بين يدَي الفقهاء، وقدّام ابن عبّاس، فما اضطرب قلبي قدّام واحد منهم ما اضطرب قدّامك، فقال أبو جعفر عليه السلم: ويحك أتدري أين أنت؟ أنت بين يدَي (بُیُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَیُذۡكَرَ فِیهَا ٱسۡمُهُۥ یُسَبِّحُ لَهُۥ فِیهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلآصَالِ * رِجَال لَّا تُلۡهِیهِمۡ تِجَـٰرة وَلَا بَیۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِیتَاۤءِ ٱلزَّكَوٰةِ) فأنت ثَمَّ، ونحن أولئك. فقال له قتادة: صدقت والله، جعلني الله فداك، والله ماهي بيوت حجارة ولا طين… (البرهان في تفسير القرآن ج5)
وروى الشيخ صاحب الحدائق الناضرة في حدائقه:
في الكافي عن الحسين بن يسار، عن رجل رفعه، في قول الله تعالى "رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله”. قال: هم التجار الذين لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله تعالى، إذا دخل مواقيت الصلاة، أدَّوا إلى الله تعالى حقّه منها.
وعن أسباط بن سالم قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وساق الخبر عنه عليه السلام إلى أن قال: يقول الله عز وجل: "رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله”.
يقول القصّاص: إنّ القوم لم يكونوا يتّجرون، كذبوا ولكنّهم لم يكونوا يدعون الصلاة في ميقاتها، وهو أفضل ممّن حضر الصلاة ولم يتّجر.
وعن أبي بصير في الصحيح أو الموثّق، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله مؤمن فقير شديد الحاجة من أهل الصُّفّة وكان لازما لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عند مواقيت الصلاة كلّها، لا يفقده في شئ منها، وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يرقّ له وينظر إلى حاجته وغربته. ثم يقول: يا سعد، لو قد جائني شئ لأغنيتك.
قال: فأبطأ ذلك على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فاشتد غمّ رسول الله، فعلم الله -عزّ وجلّ- ما دخل على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من غمّه بسعد، فأهبط جبرئيل عليه السلام ومعه درهمان. فقال له: يا محمّد، إنّ الله -عزّ وجلّ- قد علم ما دخل عليك من الغمّ بسعد، أفتحبّ أن تغنيه؟قال: نعم. فقال له: فهاك هذين الدرهمين، فاعطه إيّاهما، ومره أن يتّجر بهما، فأخذهما رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من جبرائيل عليه السلام، ثمّ خرج إلى صلاة الظهر، وسعد قائم على باب حجرات رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- ينتظره. فلمّا رآه رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- قال: يا سعد أتحسن التجارة؟ فقال له سعد: والله ما أصبحت أملك مالا أتّجر به.
فأعطاه النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم الدرهمين، فقال له: أتّجر بهما، وتصرّف لرزق الله عزّ وجلّ. فأخذهما سعد ومضى مع النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم حتّى صلّى معه الظهر والعصر فقال له النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: قم واطلب الرزق، فقد كنت بحالك مغتمّا يا سعد.
قال: فأقبل سعد لا يشتري بدرهم شيئا إلا باعه بدرهمين، ولا يشتري بدرهمين إلا باعه بأربعة دراهم، وأقبلت الدنيا عليه، حتى كثر متاعه وماله، وعظمت تجارته واتّخذ على باب المسجد موضعا وجلس فيه، وجمع تجاراته إليه، وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا أقام بلال للصلاة يخرج وسعد مشغول بالدنيا، لا يتطهّر ولا يتهيّأ كما كان يفعل قبل أن يتشاغل بالدنيا، وكان النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: يا سعد، شغلتك الدنيا عن الصلاة! وكأن يقول: ما أصنع، أضيع مالي؟ هذا رجل قد بعته وأريد أن أستوفي منه، وهذا رجل قد اشتريت منه وأريد أن أوفيه. فدخل رسول الله من أمر سعد غمّ شديد أشدّ من غمّه بفقره فهبط جبرائيل عليه السلام فقال: يا محمّد، إنّ الله تعالى قد علم غمّك بسعد، فأيّما أحبّ إليك، حاله الأولى أو حاله هذه؟ فقال: يا جبرئيل، بل حاله الأولى، فقد ذهبت دنياه بدينه وآخرته.
فقال له جبرئيل عليه السلام: إنّ حبّ الأموال والدنيا فتنة ومشغلة عن الآخرة، قل لسعد، يردّ عليك الدرهمين الذين دفعتهما إليه، فإن أمره يصير إلى الحال التي كان عليها أولا، قال: فخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فمرّ بسعد، فقال له: أما تريد أن تردّ علينا الدرهمين الذين أعطيتكهما؟
فقال له سعد: ومئتين. فقال له: لست أريد منك إلا الدرهمين، فأعطاه سعد درهمين. قال: فأدبرَت الدنيا عن سعد، حتى ذهب ما كان معه وما جمع، وعاد إلى حالته التي كان عليها. (الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة ج18 / باب: استحباب المبادرة إلى الصلاة وترك التجارة)
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
13 صفر الأحزان 1441 هجرية