السلام عليكم ورحمة الله، عنظي شبهة طرحها الوهابية وأرجوا منكن الرد عليها..
الشبهة:
ينقل الشيخ محمد تقي المجلسي رحمه الله في كتابه روضة المتقين المجلد ٩ ص٢٥٥ عن السيد المرتضى رحمه الله تعالى قدحاً في ثقة الإسلام الكليني رحمه الله:
حتى إن السيد (المرتضى) قدح في ثقة الإسلام أنه لم يكن ينبغي له أن يذكر أمثال هذه الأخبار (بعض روايات الجبر والتشبيه) لأنه إن كان يعتقدها فهو قدح في مذهبه، و إن كان لم يعتقدها فلماذا ذكر أخبارا تكون سبب ضلالة جماعة؟ انتهى.
السؤال:
١- كيف يقدح عالم جليل (السيد المرتضى) بعالم جليل آخر (الشيخ الكليني)؟
٢- ما حكمة رواية ثقة الإسلام رضوان الله عليه، لبعض روايات الجبر والتشبيه؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بمراجعة الشيخ،
ج1: ليس في هذا شيء، فإنه نقد علمي لا شخصي، والتشيع مدرسة النقد الرائدة التي لا تقر بالعصمة إلا للمعصوم عليه السلام. ولقد كان السيد المرتضى مع نقده للشيخ الكليني وأخباره التي أخرجها في كتابه الكافي؛ يعظِّمه ويترحَّم عليه، كما في قوله: «وهذا الخبر المذكور بظاهره يقتضي تجويز المحال المعلوم بالضرورات فساده، وإن رواه الكليني رحمه اللّٰه في كتاب التوحيد، فكم روى هذا الرجل و غيره من أصحابنا رحمهم اللّٰه تعالى في كتبهم ما له ظواهر مستحيلة أو باطلة. والأغلب الأرجح أن يكون هذا خبرا موضوعا مدسوسا». (رسائل الشريف المرتضى ج1 ص410)
والتشنيع على علمائنا بما كان بينهم من نقود وردود سخيف، ولا سيما إذا كان صادرا من الوهابية وغيرهم من بقايا أبناء عائشة، ذلك لأن ما بين علمائهم أشنع وأفظع، قد خرج عن حدود الأدب بل عن حدود الشرع حتى بلغ إهدار الدماء والتحريض على ضرب الأعناق! فهذا الذهبي يقول: «قال أحمد بن حنبل: بلغ ابن أبي ذئب أن مالكا لم يأخذ بحديث: البيعان بالخيار. فقال: يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه! ثم قال أحمد: هو أورع وأقول بالحق من مالك! قلت: لو كان ورعا كما ينبغي لما قال هذا الكلام القبيح في حق إمام عظيم، فمالك إنما لم يعمل بظاهر الحديث لأنه رآه منسوخا، وقيل: عمل به وحمل قوله: حتى يتفرقا؛ على التلفظ بالإيجاب والقبول، فمالك في هذا الحديث وفي كل حديث؛ له أجر ولا بد، فإن أصاب ازداد أجرا آخر، وإنما يرى السيف على من أخطأ في اجتهاده الحرورية. وبكل حال: فكلام الأقران بعضهم في بعض لا يعول على كثير منه، فلا نقصت جلالة مالك بقول ابن أبي ذئب فيه، ولا ضعف العلماء ابن أبي ذئب بمقالته هذه، بل هما عالما المدينة في زمانهما رضي الله عنهما»! (سير أعلام النبلاء للذهبي ج7 ص142)
ج2: قد ذكر الحكمة المجلسي رحمه الله في الموضع نفسه بعدما نقل كلام المرتضى، فقال: «وجوابهم: إنا حاملو الفقه، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نضَّر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها، وحفظها، وبلّغها من لم يسمعها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه. رواه الخاصة والعامة بطرق صحيحة». (روضة المتقين ج9 ص255)
فالحق مع الكليني رحمه الله، لأن الأمانة العلمية تقتضي منه نقل هذه الأخبار كما سمعها وبلغته، سواءً رأى لها وجها صحيحا أم لم يرَ، فحتى على الفرض الأخير ليس له حرمان غيره من العلماء من النظر في هذه الأخبار لعلهم يرون لها وجها صحيحا لم يهتدِ هو إليه.
إنما جريمة طمس الأحاديث وإخفائها والشطب عليها، أو التصرف فيها والتلاعب في ألفاظها؛ من ديدن كهنة البكرية، لا من ديدن علمائنا الأبرار رضوان الله عليهم.
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
10 صفر الأحزان 1443 هجرية