السلام عليكم شيخنا الحبيب . طبعا لا شك أن الادلة كثيرة ومتواترة من كتب سنة عمر ومن كتب الشيعة أن يزيد هو من أمر بقتل الأمام الحسين عليه السلام وأنا شخصيا مطلع على أكثرها . لكن هنك شبهة بعض الحمقى من ابناء عائشة يهرجون بها ونحن نريد أن نقطع دابرهم بكل شبهة وهي ما روي في كتاب مقتل الحسين للخوارزمي الجزء الثاني صفحة 64 الحديث طويل نذكر موضع الشاهد الذي يستشهدون به حمير عائشة [فأطرق يزيد ساعة ، ثم رفع رأسه وبكى ، وقال : والله ، يا هذا! لقد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين ، أما والله ، لو صار إليّ لعفوت عنه ، ولكن قبح الله ابن مرجان ، فقال عبد الرحمن بن الحكم ـ أخو مروان ابن الحكم ـ ، وكان جالسا عند يزيد في المجلس : فقال يزيد : نعم! فلعن الله ابن مرجانة إذ أقدم على قتل مثل الحسين ابن فاطمة ؛ أما والله ، لو كنت أنا صاحبه لما سألني خصلة إلّا أعطيته إياها ، ولدفعت عنه الحتف بكل ما استطعت ، ولو بهلاك بعض ولدي ولكن إذا قضى الله أمرا لم يكن له مرد]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجوركم بذكرى وفاة السيدة زينب عليها السلام.
سيرة في الجبابرة المكرة والسياسيين الدهاة التنصل من الجرائم والرمي باللائمة فيها على أجنادهم وأتباعهم بل وإظهار الذم والتوبيخ لهم متى تلمسوا خطورة الهيجان والنكير الشعبي.
إنّ الكتاب العزيز يُخبرنا أنّ هذا حال الطغاة الظلمة حتى في الآخرة! فكيف بهم في الدنيا؟!
قال تعالى: (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ).
في تفسير العياشي رحمه الله عن أبي جعفر عليه السلام: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«وَاللَّهِ - يَا جَابِرُ - هُمْ أَئِمَّةُ الظُّلْمِ وَأَشْيَاعُهُمْ».
وبعد المقدمة السابقة نفصل الجواب في نقاط فنقول:
أولا: السؤال: يزيد بن معاوية لعنهما الله ماذا فعل بابن زياد لعنهما الله؟ هل عزله عن منصبه؟! لقد بقي في موقعه واليا من قبل يزيد بن معاوية عليهما لعنة الله إلى أن هلك يزيد لعنه الله.
ثانيا: هذا الخبر المروي في مقتل الخوارزمي بصرف النظر عن كونه لا حجة فيه علينا إذا تعارض مع الخط العام لما ورد عندنا نحن شيعة أهل البيت عليهم السلام فليس عن أئمتنا وشيعتهم.
ولكن على فرض ثبوته لا يعدو كما أسلفنا كونه مناورة ومراوغة سياسية ماكرة على عادة الحكام الظلمة في التنصلات (المفضوحة) من مسؤوليتهم عن جرائمهم.
فما كان ابن زياد ليجرؤ على عمل بتلك الفظاعة والخطورة وهي قتل سيد شباب أهل الجنة سبط النبي صلى الله عليه وآله من عند نفسه وهو مجرد والٍ!
ونحن لا نقول ذلك تكهنا، وإنما في مصادر التاريخ ما يكشف عن أنّ السبب في تلك المراوغة السياسية الماكرة المفضوحة هو امتصاص الغضب الشعبي في بلاد المسلمين آنذاك على يزيد لعنه الله، فأظهر الأخير بدوره تمثيليات الندم وألقى باللائمة على ابن زياد!
جاء في تاريخ الخلفاء التالي: (ولما قتل الحسين وبنو أبيه بعث ابن زياد برؤوسهم إلى يزيد، فسر بقتلهم أولًا، ثم ندم لما مقته المسملون على ذلك، وأبغضه الناس، وحق لهم أن يبغضوه) السيوطي - تاريخ الخلفاء: ص:166
ثالثا: هذه مصادر القوم تذكر بكثرة تناهز التواتر وفق تصريح أحد أعلام المخالفين أنّ الآمر هو يزيد لعنه الله فلا يمكن بعد هذا لعاقل ومحقق منصف يتحرى المنهج العلمي إلا الإذعان لما ذكرناه في النقطتين السابقتين.
تاريخ الخلفاء: (وبعث أهل العراق إلى الحسين والرسل والكتب يدعونه إليهم، فخرج من مكة إلى العراق في عشر ذي الحجة ومعه طائفة من آل بيته رجالا ونساء وصبيانا، فكتب يزيد إلى واليه بالعراق عبيد الله بن زياد بقتاله، فوجه إليهم جيشا أربعة آلاف عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص، فخذله أهل الكوفة كما هو شأنهم مع أبيه من قبله، فلما رهقه السلاح عرض عليه الاستسلام والرجوع والمضي إلى يزيد فيضع يده في يده، فأبوا إلا قتله، فقتل وجيء برأسه في طست حتى وضع بين يدي ابن زياد، لعن الله قاتله وابن زياد معه ويزيد أيضا. (السيوطي - تاريخ الخلفاء: ج:1 - ص:157)
وفي البداية والنهاية: (وقد أخطأ يزيد خطاً فاحشاً في قوله لمسلم بن عقبة أن يبيح المدينة ثلاثة أيام، وهذا خطأ كبير فاحش، مع ما انضم إلى ذلك من قتل خلق من الصحابة وأبنائهم، وقد تقدم أنه قتل الحسين وأصحابه على يدي عبيد الله بن زياد). (ابن كثير - البداية والنهاية: ج:8 - ص: 243)
والكثير من المصادر والمنقولات تثبت قتل الحسين عليه السلام بأمر من يزيد بن معاوية عليه لعنة الله حتى بلغت في مجموعها حدّ التواتر المعنوي كما نصّ عليه التفتزاني أحد كبار علماء أهل الخلاف. قال التفتازاني: والحق إن رضا يزيد بقتل الحسين واستبشاره بذلك، وإهانته أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) مما تواتر معناه. (ابن عماد الحنبلي-شذرات الذهب: ج:1-ص:123)
وقال الحافظ ابن عساكر: نسب إلى يزيد قصيدة منها :
ليت أشياخي ببدر شهدوا
جزع الخزرج من وقع الأسل
لعبت هاشم بالملك بلا
ملك جاء ولا وحي نزل
وقال الذهبي فيه: كان ناصبيا، فظا، غليظا، يتناول المسكر ويفعل المنكر، افتتح دولته بقتل الحسين، وختمها بوقعة الحرة، فمقته الناس،ولم يبارك في عمره. (المصدر السابق)
وفيما قدمناه من أدلة الكفاية والعبرة لذي مُعتبر.
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
15 رجب الأصب 1444 هجرية