بسم الله الرحمن الرحيم عظم الله اجورنا و اجوركم باستشهاد مولانا أبي عبد الله الحسين المظلوم الشهيد عليه السلام في هذا اليوم فما اعظم المصيبة و اجل الرزية فحسبنا الله و نعم الوكيل و انا لله و انا اليه راجعون . السلام عليكم و رحمة الله و بركاته كلنا قد تعلمنا ان الامام الحسين عليه السلام قد خرج ليثبت دين الله تعالى و بقتله عليه السلام قد ثبت عليه السلام دين جده و اشعل جمرة الايمان في قلوب المسلمين و كان هو عليه الصلاة و السلام يقول خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي رسول الله صلى الله عليه و آله، فهل بقتل الامام الحسين عليه السلام و استشهاده تثبيت للدين ؟ و كيف نوفق بين ذلك و بين ما ورد في زيارة الناحية المقدسة ( لَقَد قَتَلُوا بِقَتْلِكَ الإِسْلامَ، وَعَطَّلوا الصَّلاةَ وَالصِّيَامَ، وَنَقَضُوا السُّنَنَ وَالأحْكَامَ، وَهَدَّمُوا قَوَاعِدَ الإيْمَانِ، وحَرَّفُوا آيَاتَ القُرْآنِ، وَهَمْلَجُوا فِي البَغْيِ وَالعُدْوَانِ. لَقَدْ أصْبَحَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ) مَوتُوراً، وَعَادَ كِتَابُ اللهِ (عَزَّ وَجَلَّ) مَهْجُوراً، وَغُودِرَ الحَقُّ إِذْ قُهِرْتَ مَقْهُوراً، وَفُقِدَ بِفَقْدِكَ التَّكبِيرُ وَالتهْلِيلُ، وَالتَّحْرِيمُ وَالتَّحِليلُ، وَالتَّنْزِيلُ وَالتَّأوِيلُ، وَظَهَرَ بَعْدَكَ التَّغْيِيرُ وَالتَّبدِيلُ، والإِلْحَادُ وَالتَّعطِيلُ، وَالأهْوَاءُ وَالأضَالِيلُ، وَالفِتَنُ وَالأَبَاطِيلُ. ) ام ان للنص تأويل اخر ؟ و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بمراجعة الشيخ،
هو ما فصَّلناه في بعض محاضراتنا في الليالي الحسينية، وإجماله أنه صلوات الله عليه خرج ليحقق الفرز بين الإسلام الحقيقي والإسلام المزيف، بين إسلام أهل البيت عليهم السلام ومن تبعهم من شيعتهم الأبرار؛ وبين إسلام أهل السقيفة ومن تبعهم كالأمويين ووعاظ السلاطين، فلولا ثورته المجيدة وما أحدثته من مشاعر ملتهبة فيّاضة إلى يوم الناس هذا لما تحقق هذا الفرز، ولاستولت النسخة المزيفة من الإسلام على كل شيء حتى لا يبقى في الدنيا أثر يذكر من النسخة الحقيقية، ولا يبقى في الناس من يحملها، إذ عامة الناس يأخذون دينهم ومذهبهم من السلطان وعلماء بلاطه، وهم على دين ملوكهم، نشاطهم في التحقيق عن جوهر الدين ضعيف، وهِمَّتُهم في دنياهم أعظم من هِمَّتِهم في دينهم، لأنهم كما قال الحسين عليه السلام: «الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درَّت معايشهم». ومع كل هذا لا يكون من الغريب تلاشي الدين الحقيقي، ولا سيما مع التمازج والاختلاط الذي من قوانينه الطبيعية أن يغلب الأقوى والأكثر؛ الأضعف والأقل.
إلا أن كل هذا لم يحصل ببركة هذه الثورة العظيمة التي قادها سيد الشهداء صلوات الله عليه، فإنه على الرغم من كل الخطط الكبرى التي جرت عليها الحكومات والأنظمة وأشياعها طوال قرون، وكل ما أعدته من قوة وعتاد، وكل ما ارتكبته من حملات قمع وإبادة، وكل عمليات التلقين وغسل الأدمغة المركزة المسنودة بأموال ضخمة.. كل ذلك كان يبطل ويفقد تأثيره كلما جاء يوم العاشر من محرم! حيث تتجدد الذكرى الحسينية بكل ما يصاحبها من اتِّقاد مشاعر الغضب والأسى، وبكل ما تحمله من حيثيات؛ تقود الفرد المسلم - على أقل تقدير - إلى التساؤل والتفكير؛ فالتمييز بين خطين؛ والتفريق بين منهجين؛ والفرز بين مسارين. فبهذا كُتب للإسلام بنسخته الحقيقية البقاء بفضل الحسين صلوات الله عليه.
أما ما ورد في زيارة الناحية المقدسة من التعبير بأنهم إذ قتلوه عليه السلام قد قتلوا الإسلام، فإنما المراد هو ما حصل في أنفسهم ومن شايعهم وما كانت لهم السيطرة عليه في الآن أو الحين، فإنهم في الشام مثلا قد قتلوا الإسلام الحقيقي وأحلوا محله الإسلام المزيف، وأحدثوا وبدّلوا وعطّلوا وحرَّفوا ما شاء الله أن يفعلوا، إلا أن ذلك كله كان في آنٍ أو حين أو طور أو رقعة من الأرض أو فئة من الناس، لا أنهم قد قتلوا الإسلام كله على العموم والتأبيد، إذ لم يزل الإسلام حيًّا في أنحاءٍ وأناسٍ يتجدد بتجدد الذكرى الحسينية كل زمان. وها أنت ترى أن الإسلام الحقيقي قد عاد إلى بلاد الشام حتى أنك لتسمع على مآذن مساجدها: «أشهد أن عليا ولي الله»! وذلك كله بفضل سيد الشهداء وتضحيته الغالية أرواحنا فداه. وبعبارة علمية يمكن لنا أن نقول: أن ما ورد في زيارة الناحية إنما يجري مجرى (كان الناقصة) لا (كان التامة).
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
14 ربيع الآخر 1446 هجرية