هل اشترك هشام بن الحكم في قتل الإمام الكاظم عليه السلام؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل اشترك هشام بن الحكم-عليه الرحمة- في قتل الإمام الكاظم صلوات الله عليه وآله حسب هذه الرواية: جعفر بن معروف، قال: حدثني الحسن بن النعمان، عن أبي يحيى وهو إسماعيل بن زياد الواسطي، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سمعته يؤدي إلى هشام بن الحكم رسالة أبي الحسن عليه السلام قال: لا تتكلم فإنه قد أمرني أن آمرك أن لا تتكلم، قال: فما بال هشام يتكلم وأنا لا أتكلم، قال، أمرني أن آمرك أن لا تتكلم وأنا رسوله إليك. قال أبو يحيى: أمسك هشام بن الحكم عن الكلام شهرا لم يتكلم ثم تكلم فأتاه عبد الرحمن بن الحجاج، فقال له: سبحان الله يا أبا محمد تكلمت وقد نهيت عن الكلام، قال: مثلي لا ينهى عن الكلام. قال أبو يحيى: فلما كان من قابل، أتاه عبد الرحمن بن الحجاج، فقال له يا هشام قال لك أيسرك أن تشرك في دم امرء مسلم؟ قال: لا، قال: وكيف تشرك في دمي، فان سكت والا فهو الذبح؟ فما سكت حتى كان من أمره ما كان (صلى الله عليه). اختيار معرفة الرجال - الشيخ الطوسي - ج ٢ - الصفحة ٥٤٩


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بمراجعة الشيخ،

لا عدل في تحميل هشام بن الحكم دم الكاظم عليه السلام بسبب استمراره في الكلام، لأنه لو كان - عياذًا بالله - لما ترحَّم عليه الرضا والجواد عليهما السلام. فإن الرضا عليه السلام لمّا سئل عنه قال: «رحمه الله!كان عبدًا ناصحًا وأوذي من قبل أصحابه حسدًا منهم له». والجواد عليه السلام لمّا سئل عنه قال: «رحمه الله، ما كان أذبَّه عن هذه الناحية». (رجال الكشي)

والرواية محل السؤال - علاوة على ضعفها بجعفر بن معروف وإسماعيل بن زياد الواسطي - فإنها مروية من أصحاب الخط المعادي لهشام والذي ينتهي إلى عبد الرحمن بن الحجاج، وقد كانت بينه وبين هشام منافرة تترجمها رواية جاء فيها: «قال عبد الرحمن بن الحجاج لهشام بن الحكم: كفرتَ والله وبالله العظيم وألحدت فيه! ويحك ما قدرت أن تشبه بكلام ربك إلا العود يُضرب به»؟! (رجال الكشي) وهي في نفسها ضعيفة أيضًا. وقد علمت أن هشامًا كان محسودًا من أصحابه كما قال الرضا عليه السلام.

وقد روي تفسير نهيه عن الكلام بأنه كان مقيَّدا بزمان المهدي العباسي، وأن هشامًا التزم به، وهو ما رواه الكشي بسنده عن يونس قال: «قلت لهشام: إنهم يزعمون أن أبا الحسن عليه السلام بعث إليك عبد الرحمن بن الحجاج يأمرك أن تسكت ولا تتكلم، فأبيت أن تقبل رسالته، فأخبرني كيف كان سبب هذا؟ وهل أرسل إليك ينهاك عن الكلام أم لا؟ وهل تكلمت بعد نهيه إياك؟ فقال هشام: إنه لمّا كان أيام المهدي؛ شدَّدَ على أصحاب الأهواء، وكتب له ابن المفضل صنوف الفرق صنفا صنفا، ثم قرأ الكتاب على الناس. فقال يونس: قد سمعت الكتاب يُقرأ على الناس على باب الذهب بالمدينة ومرة أخرى بمدينة الوضاح، فقال: إن ابن المفضل صنَّف لهم صنوف الفرق، فرقةً فرقةً، حتى قال في كتابه: وفرقة يقال لهم: الزرارية، وفرقة يقال لهم : العمارية، أصحاب عمار الساباطي، وفرقة يقال لهم : اليعفورية، ومنهم فرقة أصحاب سليمان الاقطع، وفرقة يقال لهم الجواليقية. قال يونس: ولم يذكر يومئذ هشام بن الحكم ولا أصحابه. فزعم هشام ليونس أن أبا الحسن عليه السلام بعث إليه فقال له: كُفَّ هذه الأيام عن الكلام  فإن الأمر شديد. قال هشام: فكففتُ عن الكلام حتى مات المهدي وسكن الأمر. فهذا الأمر الذي كان من أمره وانتهائي إلى قوله».

نعم؛ ثمة رواية تذكر اتهام الرضا عليه السلام لهشام بأنه السبب في سجن ومقتل الكاظم عليه السلام لأنه الذي «قال لهم وأخبرهم» أي تكلم بالتشيع وقال للعباسيين وأخبرهم مفصحًا عن اعتقاد أهل الرفض حتى عرَّض ذلك الإمام عليه السلام للخطر. والرواية هي ما رواه الكشي بسنده عن البزنطي، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: «أما كان لكم في أبي الحسن عليه السلام عظة؟ ما ترى حال هشام بن الحكم؟ فهو الذي صنع بأبي الحسن ما صنع، وقال لهم وأخبرهم. أترى الله أن يغفر له ما ركب منا»؟!

إلا أن هذه الرواية معارضة بأخرى يبرئه فيها الرضا عليه السلام من التهمة بأمر الناس بتوليه، وهي ما رواه الكشي بسنده عن جعفر بن عيسى، قال: «قال موسى بن الرقي لأبي الحسن الثاني عليه السلام: جُعلت فداك؛ روى عنك المشرقي وأبو الأسود أنها سألاك عن هشام بن الحكم فقلتَ: ضال مضل شَرَكَ في دم أبي الحسن! فما تقول فيه يا سيدي؟ نتولاه؟ قال: نعم. فأعاد عليه: نتولاه على جهة الاستقطاع؟ قال: نعم تولوه! نعم تولوه! إذا قلت لك فاعمل به ولا تريد أن تغالب به. اخرج الآن فقل لهم: قد أمرني بولاية هشام بن الحكم. فقال المشرقي لنا بين يديه وهو يسمع: ألم أخبركم أن هذا رأيه في هشام بن الحكم غير مرة»؟!

وبضع روايات تذم هشام بن الحكم لا تقاوم الروايات الكثيرة المعتبرة المادحة له، على أن الذامة قد تكون صادرةً لحكمة الإبقاء عليه أو حفاظًا لأمن المحيط الإمامي  بتوزيع الأدوار، كما ورد الذم لمثل زرارة بن أعين مثلا. والله العالم وحججه عليهم السلام.

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى

18 ربيع الآخر 1446 هجرية


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp