هل صحيح أن المرجع السيد الطباطبائي اليزدي تعاون مع الاحتلال البريطاني؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة ثقة الأسلام الشيخ ياسر الحبيب حفظه الله
السلم عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
كل عام وانتم بألف خير بمناسبة عيد الأضحى المبارك وبالذكرى الأولى لأعدام الطاغيه السافل الناصبي المقبور صدام التكريتي شيخنا العزيز هذه مجموعة من الأسئله اتمنى من شخصكم الكريم الأجابة عليها

الأكذوبه التي تقال عن سماحة اية الله العظمى الأمام المجاهد الحاج السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي من انه تعامل مع الأحتلال البريطاني مامصدرها؟وماهو الرد عليها؟
ابواحمد


باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

هذا افتراء يكذّبه الواقع التاريخي، فإنه (قدس سره) عندما بدأ الغزو الإنجليزي أفتى بالجهاد وأرسل ابنه السيد محمد إلى ساحات القتال، ورسالته إلى والي بغداد العثماني قد وثّقت ذلك. (راجعها في كتاب النجف الأشرف وحركة الجهاد لكامل سلمان الجبوري ص99).
بل كان (قدس الله نفسه) يحث الحكومة العثمانية على أن تكسب ودّ الشيعة الذين عانوا الويلات من ظلمها وجورها طوال السنين الماضية، غير أن هذه الحكومة الناصبية لم تكن تعير أهمية لذلك، فزادت من جرائمها ضد الشيعة حتى خلال الحرب مع الإنجليز! فرغم أن الشيعة تطوّعوا للدفاع معها ضد تقدّم القوات الإنجليزية إلا أن قوّادها الأتراك كانوا يعاملونهم بقسوة وعنف، ولهذا فرّ بعضهم إلى النجف الأشرف.
عند ذلك أرسل الوالي العثماني إلى النجف الأشرف قوة عسكرية اقتحمت المدينة من أسوارها وبطشت بالأهالي أيّما بطش، وكان الجنود يداهمون البيوت ليلا ونهارا ويتحسسون أجساد النساء! (راجع لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث للدكتور علي الوردي ج4 ص188).
وكان من الطبيعي أن يستفز ذلك الناس فثاروا على الحكومة العثمانية وبدأوا ينادون بأن محاربتها أولى من محاربة المشركين. وترافق ذلك مع قيام هذه الحكومة باقتحام مدينة الحلة وقتل العشرات من أهلها!
والشيعة أصلا ما كانوا بمناصرة العثمانيين لأنهم ذاقوا الويلات منهم، وقد كان القادة الأتراك يتوعّدون الشيعة أثناء معاركهم مع البريطانيين أمام مرأى ومسمع من تطوّع من الشيعة معهم في تلك المعارك! فكانوا يقولون أنهم بعد الانتصار على البريطانيين سيتوجهون إلى النجف الأشرف وسائر المدن الشيعية لقتل كل من لم يشارك معهم في القتال باعتبار أن هؤلاء خونة! الأمر الذي دفع شيخ عشيرة بني مالك وهو الشيخ بدر الرميض للرد عليهم قائلا: ”أنتم الخونة للإسلام لا نحن! وتحزّبكم ضد العرب كافٍ للتدليل على ذلك. ثم إنكم أولى بالحرب والقتلا ممن نحارب! ووالله لولا فتوى علمائنا لما وجدتموها في هذه الساحات التي نقاتل معكم فيها ضد الإنجليز“! (الحقائق الناصعة في الثورة العراقية لفريق المزهر الفرعون ج1 ص40).
مع كل هذا حاول السيد الطباطبائي اليزدي (قدس سره) أن يدفع المؤمنين الشيعة إلى مناصرة الحكومة العثمانية والقتال صفا واحدا ضد الإنجليز رغم ضجر الشيعة من ذلك، فأفتى ثانية بوجوب الجهاد، وكلّف ابنه السيد محمد بأن يخطب في الناس لاستنهاضهم في الخامس عشر من شهر محرم لسنة 1334، بل كان يتكفل بنفقات المجاهدين بينما كان القادة الأتراك ينعمون بالأموال من بيت مال المسلمين يصرفونها على ملذاتهم وشهواتهم!
كل هذه التضحيات لم تجدِ نفعا مع هؤلاء العثمانيين النواصب، فسياستهم الرعناء وتخطباتهم العسكرية جعلت البريطانيين يتقدّمون صوب العاصمة بغداد حتى أسقطوها وأسقطوا سائر المدن العراقية، عندئذ لم يجد السيد اليزدي (قدس سره) في اليد من حيلة!
ويذكر التاريخ أن السير ”رونالد ستورز“ عندما زار النجف الأشرف بعد الانتصار الإنجليزي وقام بزيارة المرجع السيد اليزدي (قدس سره) مقدّما آيات التعظيم والتبجيل - رغم أن هذا السيد كان رأس حربة في مقاومتهم! - طلب منه السيد أن يعفو عن المقاتلين وأسرى الحرب، وأن يحفظ استقلالية المدن والعتبات المقدسة، وأن يعيّن من أهل كل محلّة قائمقام، فما كان من السير ستورز إلا أن أبدى استجابة كاملة للمطالب مع كامل التلطف والاحترام، فقال له السيد: ”إن الأتراك لو كانوا يسلكون مثل هذا السلوك لما أضاعوا تعلق العرب بهم ولما خسروا هذه الحرب“! (مذكرات السير رونالد ستورز ص283).
ويذكر السير ستورز أنه حاول تقديم مبلغ مالي كبير للسيد بعنوان أنه مساعدة للفقراء إلا أن السيد رفض استلامه معتذرا. (المصدر نفسه).
أفبعد كل هذه المواقف المشرفة يُقال أن السيد (قدس سره) قد تعامل مع الاحتلال البريطاني؟! نعم.. إنه تعامل معه على أساس أنه أمر واقع بعد هزيمة العثمانيين، لا أنه سهّل دخول هذه القوات المحتلة بل إنه كان من أوائل المتصدين لها رغم ظلم العثمانيين وجرائمهم ومجازرهم والدماء التي سفكوها. على أن مواقفه (قدس سره) في هذا الصدد كثيرة ومتعددة، فعلى من يريد الوقوف على تفصيلاتها الرجوع إلى كتب الذين أرخوا لتلك الحقبة.
إن مشكلة البكريين والنواصب هي في أنهم هم الذين ينهزمون ويفرّطون بالبلاد الإسلامية ويفتحون الباب أمام المحتلين والمستعمرين ويصبحون عملاء لهم.. ثم بعد ذلك يلقون تبعته على الشيعة!
إن البكريين من خلال حكومتهم العباسية هم الذين فرّطوا بالعراق وعاصمة الخلافة - بزعمهم - عندما غزاها المغول بقيادة هولاكو واستباحها! وكان علماؤهم في إيران أوّل من ذهب إليه يقبّل أقدامه ويقدّم الولاء والطاعة له قبل وصوله إلى العراق! ثم بعد ذلك يرمون بتبعة احتلال العراق على الشيعة والعالم نصير الدين الطوسي والوزير ابن العلقمي مع أن الأول استطاع أن يهدي المغول إلى الإسلام والثاني حاول المقاومة ونصح خليفة العباسيين بأن يتدبّر شؤون مملكته ويلتفت إلى جيشه المنهار لكنه كان منشغلا بخمرته وجاريته حتى آخر لحظة حين الجيش المغولي يحيط بقصره!
إن البكريين هم الذين فرّطوا بفلسطين والقدس قديما وحديثا، ففي القديم حين قام صلاح الدين الأيوبي (لعنه الله) بتقديم كل فلسطين للصليبين واحتفظ فقط بالقدس، ثم بعد هلاكه قدّمها أبناؤه لهم على طبق من ذهب أيضا حين تحالف بعضهم مع الصليبيين ضد بعضهم الآخر! وفي الحديث حين باعوا طلبا للثروة والمال أراضي فلسطين لليهود حتى استطاعوا أن يكونوا قوة ديموغرافية تتمركز في شمال فلسطين وفي القدس نفسها فأعلنوا فيها دولتهم! ثم بعد هذا يلقون بالتبعة ويلومون الشيعة ويقولون أنهم هم الذين تعاونوا مع الصهاينة مع أن الشيعة هم وحدهم الذين حققوا نصرا على هؤلاء الصهاينة في جنوب لبنان بينما لا تزال الأراضي العربية التي يحكمها البكريون محتلة وفي عواصمهم كالقاهرة وعمّان والرباط والدوحة يرفرف العلم الإسرائيلي!
إن البكريين هم الذين فرشوا أراضيهم بالورد لقدوم الأميركيين في حربي الخليج الأولى والثانية ففتحوا لهم ديارهم يؤسسون فيها قواعدهم العسكرية الدائمة في ما يسمى بالسعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات وعمان والأردن وحتى موريتانيا، فيما حكّامهم كانوا ومازالوا مجرّد كلاب لسادة البيت الأبيض يأتمرون بأوامرهم فينبحون على شعوبهم! وكان صدام التكريتي واحدا من هؤلاء لولا أنه لم يكن كلبا وفيا فجاء سادته من أميركا ليلقنوه درسا وبهذا فتح هو وأضرابه وأهل ملته الباب أمام قدومهم واحتلالهم لأرضنا! ثم بعد ذلك يأتي هؤلاء البكريون الجبناء الذين لم يسجّل التاريخ لهم ولا لأئمتهم – بدءا من أبي بكر وعمر – أي انتصار.. يأتون ويلقون بتبعة هزائمهم على الشيعة!
منطق مقلوب لأن البكريين لا عقل لهم حيث يقوم دينهم على تخدير العقل وجعل تفكير الواحد منهم منحصرا في بطنه وفرجه!
جعلنا الله وإياكم من الفائزين في الآخرة. والسلام.

الثامن من ذي الحجة لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp