بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم:
أرجو من سماحة الشيخ مشكوراً ان يبين لنا تفسير الأية الكريمة:بسم الله الرحمن الرحيم(إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:40)
فمن هو الثاني مع الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والذي لم تنزل عليه السكينة من الله وجزاكم الله خير جزاء المحسنين وشكرا لكم لتحيتكم لنا والعزيزة علينا والله الموفق.
أخوكم
أبو نبــــــأ
باسمه تقدّست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. المشهور أنه أبو بكر بن أبي قحافة لعنة الله عليه، والروايات تعضّد ذلك. إلا أن ثمة رأيا آخر لبعض المحققين الجدد يقول أنه عبد الله بن أريقط بن بكر، الذي كان دليل رحلة الهجرة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وأنا في هذه المسألة متوقف لورود إشكالات في كلا القوليْن، ففي الأول؛ تضاربت الأقوال فيمن خرج مع النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) أول مرة من مكة، فثمة من يقول أنه أبو بكر، وثمة من يقول أنه ابن أريقط، وعلى دعوى أن ابن أريقط التحق بهما لاحقا بعد ثلاثة أيام في غار ثور وأوصلهما إلى المدينة؛ يبقى إشكال أنه كيف رجع إلى مكة بعد ذلك وعاش فيها دون أن يناله عقاب المشركين على مساعدته رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الإفلات من قبضتهم؟ إذ قد زعموا أنه رجع إلى مكة وبقي كافرا، ويبعث هذا على تعجّب يقودنا إلى احتمال أنهم أرادوا التصرّف في السيرة بما يبعد ابن أريقط عن كونه الصاحب في الهجرة وفي الغار ووضع أبي بكر (لعنه الله) مكانه التماسا للفضيلة والمنقبة، وليس ادعاؤهم أن ابن أريقط مات كافرا إلا مقوّيا لذلك الاحتمال، فإنه لا يُعقل أن يُقدم كافر على هذه الخدمة الجليلة لرسول الإسلام - ومن دون مقابل أو منفعة مالية – معرّضا نفسه لخطر القتل من قبل المشركين، فيقوى أنه كان هو الصاحب وهو المعنيَّ بالآية.
وأما في القول الثاني؛ فأعظم ما يمنع قبوله عدم ورود أية إشارة في الروايات إليه، مع أن القضية جارية على الألسن ولها الشهرة الكاملة، وإذ ذاك لا يُعقل أن تغيب عن توضيحات الأئمة (صلوات الله عليهم) بما يكشف هذا اللبس، كما كشفوا اللبس عن المعنيِّ بآية (عبس وتولى) وأوضحوا أنه عثمان بن عفان (لعنة الله عليه) لا رسول الله.. حاشاه.
فلذا أنا في هذا الموضع من التاريخ متوقّف، كما أتوقّف في مسألة بنات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهل أنهن بناته حقا أم ربائبه، لأن الإشكالات والتعارضات عديدة.
وعلى أي تقدير؛ فإن الآية الشريفة (ثاني اثنين..) ليست في مقام المدح بل في مقام الذم لذلك الصاحب الذي نُهي عن الحزن وحُرم من السكينة، فلا تبقى لأبي بكر منقبة.. وكيف تكون؟!
نسأل الله تعالى أن يعجّل فرج إمامنا المهدي (صلوات الله عليه) ليزيل كل غموض في الدين أو العلم أو التاريخ، فإنه في أيامه – عجّل الله قدومها – سيفيض علينا من علومه وينبئنا بالخبر اليقين.
وفقكم الله تعالى لخير الدارين. والسلام.
13 من شهر رمضان المبارك لسنة 1426 من الهجرة النبوية الشريفة.