بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وعلى آله الطاهرين، واللعن الدائم على اعدائهم الى يوم الدين
شيخنا الجليل ياسر الحبيب
السلام علكيم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الجليل وهناك عدة تساؤلات حول الصلاة عند النواصب.
- من قال وابتدع التكفير بالصلاة؟؟(اي وضع يد على يد). ولماذا؟؟ ولماذا لم ينهاه المسلمون رغم حرصهم الشديد على اتباع سنة الرسول بحذافيرها؟؟. ومَن مِن ابرز علمائهم يقول بأن التكفير خطأ وبدعة؟
- من ابتدع غسل الرجلين في الوضوء؟؟ ولماذا؟؟ ولماذا لم ينهاه المسلمين؟؟ ومن قال منهم بأن هذا خطأ وبدعة؟؟
- من نهى عن قول ( حي على خير العمل ) في الأذان والإقامة؟؟ ولماذا ؟؟ ولماذا لم ينهاه المسلمين؟ ومن قال بأن هذا خطأ وبدعة؟؟
- يصلي الكثير من النواصب صلاة التراويح في شهر رمضان المبارك. وهي كما يعلم كل مسلم بدعة، ابتدعها عمر لعنة الله عليه؟؟ لماذا لم ينهاه المسلمين؟؟ ومن قال بأن هذا بدعة؟؟
- لقد حرم عمر لعنة الله عليه متعة الحج والزواج، لماذا؟؟، ولماذا لم ينهاه المسلمين؟
ومن قال من علمائهم بخطأ عمر؟؟، وما سبب اجتراء عمر عليه اللعنة على سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وتغييرها؟؟
إن هذه الأمور التي سألت عنها أنا، الكل يعلم بأنها باطلة وخطأ، لماذا لم يعي هذه الامور علماء سوئهم ولم ينهوا عنها إن كانوا يعلمون؟؟؟
عذراً إن اكثرت عليكم يا شيخنا الجليل
باسمه جلّ ثناؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إنه لا يخفى أن جلّ هذه البدع ابتدعها عمر بن الخطاب (لعنة الله عليه) كما ثبت بالتواتر، وقد شهد بذلك على نفسه كما في مسألة ما يسمى بصلاة التراويح إذ قال: "نعم البدعة هذه"! (كتاب البخاري ج2 ص252).
أما لماذا لم ينكر عليه المسلمون؟ فلأن عمر كان ظالما طاغيا متجبّرا لا يقبل أن يعارضه أحد، كما هو حال صدام التكريتي مثلا، فمَن من علمائهم تجرأ وأنكر عليه بدعته في الدين حين أمر بكتابة آيات القرآن الحكيم بدمه النجس؟!
فكذلك كان حال أولئك الأسلاف، قد تركوا دين الله وراء ظهورهم واستلسموا للحاكم الظالم ورضخوا للواقع الجديد، إلا ثلة مؤمنة منهم تمسّكوا بإيمانهم واستجمعوا شجاعتهم والتفّوا حول إمامهم الشرعي علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهما) فأصبحوا في موقع المعارضة المقهورة، وهؤلاء اعترضوا على أصل النظام الانقلابي الذي أسسه أبو بكر وعمر (عليهما اللعنة) في يوم السقيفة المشؤوم، وعن كل ما يستتبع ذلك من بدع وتحريفات لدين الله تعالى، ومنها هذه البدع المزبورة.
أما علماء السوء الذين ذكرتهم؛ فعدم إنكارهم على عمر بدعه وإحداثه في دين الله معلوم السبب، فإنهم لو صنعوا ذلك لخرجوا من دينهم وللفظهم قومهم ولما بقت لهم باقية! فكيف تريدهم أن يصنعوا ذلك ليخسروا دنياهم من أجل آخرتهم؟! بل تراهم في هذه الموارد يلتمسون لعمر ألف عذر وعذر، ويوجّهون بدعه ومحدثاته بمختلف الأوجه، حتى وإن كانوا بها يسيئون إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما في مسألة ما يسمى بصلاة التراويح، حيث قالوا أن رسول الله لم ينهَ عن إقامتها جماعة في شهر رمضان إلا خشية من أن يفرضها الله عليهم ما داموا يواظبون عليها جماعة! وقد فطن عمر إلى ذلك في ما بعد مضي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وارتحاله إلى الرفيق الأعلى، فجمع الناس على الأمر الأوّل!! (راجع مغني المحتاج للشربيني ج1 ص226).
وكأن الله سبحانه وتعالى يشرّع أحكامه على حسب ما يتراءى له من المستجدات! وكأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يهرب بالمسلمين من فرائض الله تعالى قبل أن تنزل عليهم! ما هذا الهراء؟! ألا يخجل هؤلاء؟!
هكذا هم! يحطّون من قدر رسول الله فيصوّرونه على أنه يفرّ من حكم الله! ويرفعون من قدر عمر فيصوّرونه بمظهر الرجل الحازم الذي لا يساوم على دين الله!
وبكل ثقة أقول: إن الواقع هو أن عمر بن الخطاب (لعنة الله عليه) هو النبي الحقيقي لهؤلاء القوم لا محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله)! فمن يلاحظ مسلكهم في الفقه وكيف يرفضون فيه تشريعات رسول الله ويقدّمون عليها تشريعات عمر يستنتج ذلك. فإنا لله وإنا إليه راجعون!
وبالمناسبة أذكر لك ما ينبغي أن تذكّر به من يجادلك؛ وهو أن التكفير في الصلاة بدعة بلا شك ولا ريب، ويشهد على ذلك رفض بعض علمائهم له، كمالك بن أنس إمام المالكية الذي قال: "تركه أحبّ إليّ"! (راجع المغني لابن قدّامة ج1 ص572). وكذلك حكى الطحاوي عن الليث بن سعد أنه قال: "سبل اليدين في الصلاة أحبّ إليّ" أي إرسالهما كما نفعل نحن. (راجع نيل الأوطار ج2 ص204).
ولذا ترى المالكية إلى اليوم يسبلون أياديهم في الصلاة ولا يتكتّفون، أما البقية من أحناف وشافعية وحنابلة، فلا يرون التكتّف واجبا، بل أقصى ما يقولون فيه أنه "سنة" على اصطلاحهم، أي هو مستحب وليس بواجب، ولذا هم لا يبطلون صلاة من أسبل يديه.
وأما قولنا فيه أنه بدعة فبضميمة أنه لو كان رسول الله (صل الله عليه وآله) يفعله حقا لما اختلف عليه اثنان من الأمة، لأنه (صلوات الله عليه وآله) كان يؤدي الصلاة خمس مرات في اليوم وأمام مرأى جميع المسلمين، فلا يُعقل أن يفعل التكتّف ولا يثبت عند المسلمين مع كل هذا التكرار اليومي، فيقع الاختلاف فيه هكذا.
إنما هو بدع عمر (لعنة الله عليه) حيث جاءه بعض المجوس من فارس ففعلوه أمامه، فسأل عنه، فقالوا أننا نصنعه تعظيما لملوكنا، فاستحسن عمر أن يفعله المسلمون في صلاتهم!! (راجع جواهر الكلام ج11 ص19).
فالآن من الذي أخذ دينه عن المجوس؟! نحن أم هم؟!
وإن شئت أن تضحك فاضحك على ما ذكره شيخهم الهالك المدعوّ بابن العثيمين في هذه المسألة، حيث قال: "لقد جرى في سنة من السنين مسألة في (منى) على يدي ويد بعض الإخوان، وقد تكون غريبة عليكم، حيث جيء بطائفتين، وكل طائفة من ثلاثة أو أربعة رجال، وكل واحدة تتهم الأخرى بالكفر واللعن وهم حجاج! وخبر ذلك أن إحدى الطائفتين قالت: إن الأخرى إذا قامت تصلي وضعت اليد اليمنى على اليسرى فوق الصدر! وهذا كفر بالسنة! حيث إن السنة عند هذه الطائفة إرسال اليدين على الفخذين! والطائفة الأخرى تقول: إن إرسال اليدين على الفخذين دون أن يجعل اليمنى على اليسرى كفر مبيح للعن! وكان النزاع بينهم شديداً! فانظر كيف لعب الشيطان بهم في هذه المسألة التي اختلفوا فيها، حتى بلغ أن كفّر بعضهم بعضاً بسببها التي هي سنة من السنن فليست من أركان الإسلام ولا من فرائضه ولا من واجباته! غاية ما هنالك أن بعض العلماء يرى أن وضع اليد اليمنى على اليسرى فوق الصدر هو السنة وآخرين من أهل العلم يقولون: إن السنة هو الإرسال"! (دروس وفتاوى في الحرم المكي ص26).
والحمد لله الذي جعلنا من أتباع أهل بيت الوحي والعصمة والطهارة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. والسلام. 27 من شهر رمضان المبارك لسنة 1426 من الهجرة النبوية الشريفة.