السلام عليكم شيخنا العزيز
ما الرد على النواصب بهذا القولين عن الامام علي عليه السلام و يقولون أنها من كتبنا
1)
قال علي رضي الله عنه على منبر الكوفة: لا أوتى برجل يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري...الكشي: ترجمة رقم: (257)، معجم الخوئي: (8/153، 326)
و القول الثاني عن أمير المؤمنين عليه السلام
عن والله ما كانت لي في الخلافة رغبة ، ولا في الولاية إربة ، ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها
فكيف أرد على هؤلا الكذابين؟
أسف على الاطاله
أحمد من الكويت
باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ج1: لسنا ندري إلى متى سيستمر هؤلاء النواصب الكذبة في بترهم للأحاديث وتدليسهم فيها! فإن هذا المقطع الذي نقلوه هو جزء من حديث طويل يُكذِّب فيه الإمام الصادق (عليه السلام) ما رواه أحد أعلام المخالفين وهو سفيان الثوري (لعنة الله عليه) من أحاديث كذب بها عليه وعلى آبائه الأطهار، وكان من بينها هذا الحديث! إلا أن المخالفين لا يستحون من أن يأخذوه ويُخرجوه عن سياقه رغم أنه في معرض النفي والتكذيب!
وإليك تمام الرواية التي رواها الكشي (رضوان الله تعالى عليه) في رجاله ضمن ترجمة سفيان الثوري، وهي التي نقلها عنه المحقق الخوئي في معجمه:
”عن ميمون بن عبد الله قال: أتى قوم أبا عبد الله (الصادق) عليه السلام يسألونه الحديث من الأمصار، وأنا عنده، فقال لي: أتعرف أحدا من القوم؟
قال: قلت: لا. قال: كيف دخلوا علي؟ قلت: هؤلاء قوم يطلبون الحديث من كل وجه، لا يبالون ممن أخذوا الحديث!
فقال لرجل منهم: هل سمعت من غيري من الحديث؟ قال: نعم. قال: فحدثني ببعض ما سمعت.
قال: إنما جئت لأسمع منك، لم أجئ أحدثك. وقال للآخر: ذلك ما يمنعه أن يحدثني بما سمع؟ قال: تتفضل أن تحدثني بما سمعت، أجعل الذي حدثك حديثه أمانة لا تحدث به أحدا؟ قال: لا. قال: فأسمعنا بعض ما اقتبست من العلم حتى نقتدي بك إن شاء الله تعالى.
قال: حدثني سفيان الثوري عن جعفر بن محمد، قال: النبيذ كله حلال إلا الخمر! ثم سكت.
فقال أبو عبد الله عليه السلام: زدنا!
قال: حدثني سفيان عمن حدثه عن محمد بن علي أنه قال: من لا يمسح على خفيه فهو صاحب بدعة! ومن لم يشرب النبيذ فهو مبتدع! ومن لم يأكل الجريث وطعام أهل الذمة وذبائحهم فهو ضال! أما النبيذ فقد شربه عمر نبيذ زبيب فرشحه بالماء! وأما المسح على الخفين فقد مسح عمر على الخفين ثلاثا في السفر ويوما وليلة في الحضر! وأما الذبائح فقد أكلها علي وقال: كلوها، فإن الله تعالى يقول: اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، ثم سكت.
فقال أبو عبد الله عليه السلام: زدنا!
فقال: قد حدثتك بما سمعت. فقال: أكل الذي سمعت هذا؟ قال: لا. قال: زدنا!
قال: حدثني عمرو بن عبيد، عن الحسن، قال: أشياء صدق الناس بها وأخذوا بها وليس في الكتاب لها أصل، منها عذاب القبر! ومنها الميزان! ومنها الحوض! ومنها الشفاعة! ومنها النية ينوي الرجل من الخير والشر فلا يعمله فيثاب عليه! ولا يثاب الرجل إلا بما عمل إن خيرا فخير وإن شرا فشر!
فقال: فضحكت من حديثه! فغمزني أبو عبد الله عليه السلام أن كف حتى نسمع. قال: فرفع رأسه إليَّ فقال: وما يضحكك؟ أمن الحق أم من الباطل؟ قلت: أصلحك الله وأبكي! وإنما يضحكني منك تعجبا كيف حفظت هذه الأحاديث؟ فسكت.
فقال أبو عبد الله عليه السلام: زدنا!
قال: حدثنا سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر، أنه رأى عليا على منبر بالكوفة، وهو يقول: لئن أُتيت برجل يفضلني على أبي بكر وعمر لأجلدنَّه حد المفتري!
فقال أبو عبد الله عليه السلام: زدنا!
قال: حدثنا سفيان عن جعفر أنه قال: حب أبي بكر وعمر إيمان وبغضهما كفر!
فقال أبو عبد الله عليه السلام: زدنا!
فقال: حدثنا يونس بن عبيد، عن الحسن: أن عليا أبطأ على بيعة أبي بكر، فقال له عتيق: ما خلفك يا علي عن البيعة، والله لقد هممت أن أضرب عنقك! فقال له: يا خليفة رسول الله لا تثريب، فقال: لا تثريب!
قال له أبو عبد الله عليه السلام: زدنا!
قال: حدثنا سفيان الثوري، عن الحسن: أن أبا بكر أمر خالد بن الوليد أن يضرب عنق علي إذا سلَّم من صلاة الصبح، وأن أبا بكر سلَّم بينه وبين نفسه، ثم قال: يا خالد لا تفعل ما أمرتك!
فقال: أبو عبد الله عليه السلام: زدنا!
فقال: حدثني نعيم بن عبد الله عن جعفر بن محمد أنه قال: ودَّ علي بن أبي طالب أنه بنخيلات ينبع يستظل بظلهنَّ ويأكل من حشفهنَّ ولم يشهد يوم الجمل ولا النهروان. وحدثني به سفيان عن الحسن.
قال أبو عبد الله عليه السلام: زدنا!
قال: حدثنا عبّاد، عن جعفر بن محمد، أنه قال: لما رأى علي بن أبي طالب يوم الجمل كثرة الدماء، قال لابنه الحسن: يا بني هلكتُ! قال له: يا أبه ألستُ قد نهيتك عن هذا الخروج؟ فقال علي: يا بنيّ لم أدر أن الأمر يبلغ هذا المبلغ!
فقال له أبو عبد الله عليه السلام: زدنا!
قال: حدثنا سفيان الثوري عن جعفر بن محمد: أن عليا لما قتل أهل صفين بكى عليهم! فقال: جمع الله بيني وبينهم في الجنة!
قال ميمون: فضاق بي البيت وعرقت، وكدت أن أخرج من مسكي، فأردت أن أقوم إليه فأتوطّأه! ثم ذكرت غمز أبي عبد الله عليه السلام فكففت.
فقال له أبو عبد الله عليه السلام: من أي البلاد أنت؟ قال: من أهل البصرة. قال: هذا الذي تحدث عنه وتذكر اسمه جعفر بن محمد هل تعرفه؟ قال: لا قال: فهل سمعت منه شيئا قط؟ قال: لا. قال: فهذه الأحاديث عندك حق؟ قال: نعم، قال: فمتى سمعتها؟ قال: لا أحفظ، إلا أنها أحاديث أهل مصرنا منذ دهرنا لا يمترون فيها. قال له أبو عبد الله عليه السلام: لو رأيت هذا الرجل الذي تحدث عنه فقال لك: هذه التي ترويها عني كذب وقال: لا أعرفها ولم أحدث بها، هل كنت تصدقه؟ قال: لا! قال: ولمَ؟ قال: لأنه شهد على قوله رجال لو شهد أحدهم على عتق رجل لجاز قوله.
فقال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، حدثني أبي، عن جدي - قال: ما اسمك؟ قال: ما تسأل عن اسمي؟ - إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ثم أسكنها الهواء، فما تعارف منها ائتلف هاهنا وما تناكر منها ثمة اختلف هاهنا، ومن كذب علينا أهل البيت حشره الله يوم القيامة أعمى يهوديا، وإن أدرك الدجال آمن به، وإن لم يدرك آمن به في قبره.
يا غلام ضع لي ماءاً وغمزني وقال: لا تبرح، وقام القوم فانصرفوا، وقد كتبوا الحديث الذي سمعوا منه .
ثم إنه عليه السلام خرج ووجهه منقبض فقال: أما سمعت ما يحدِّث به هؤلاء؟ قلت: أصلحك الله ما هؤلاء، وما حديثهم؟ قال: أعجب حديثهم كان عندي الكذب عليَّ والحكاية عني ما لم أقل ولم يسمعه عني أحد، وقولهم: لو أنكر الأحاديث ما صدقناه! ما لهؤلاء لا أمهل الله لهم ولا أملى لهم!
ثم قال لنا: إن عليا لما أراد الخروج من البصرة قام على أطرافها ثم قال: لعنك الله يا أنتن الأرض ترابا، وأسرعها خرابا، وأشدها عذابا، فيك الداء الدويّ، قيل: ما هو يا أمير المؤمنين؟ قال: كلام القدر الذي فيه الفرية على الله، وبغضنا أهل البيت، وفيه سخط الله، وسخط نبيه صلى الله عليه وآله وكذبهم علينا أهل البيت، واستحلالهم الكذب علينا“. (رجال الكشي ج2 ص692).
ج2: هذا النص مقتبس من كلامه (عليه السلام) لطلحة والزبير (لعنهما الله) حين طالباه بأن يكون لهما حصّة في الحكم وحصة أكثر في المال! وهو وارد في نهج البلاغة برقم: 205.
ولا يعني هذا النص أنه (عليه السلام) لا يعتبر الخلافة حقا له، وإنما يعني أنه لم يكن راغباً أو ساعياً إليها بحسب ما كانت عليه آنذاك، فإن الخلافة الشرعية إنما تنعقد للإمام المعصوم وحده، وينبغي أن تكون البيعة له على هذا الأساس، أي أن يعتقد الناس بإمامته أولا ثم يبايعونه بالخلافة ليحكم.
إلا أن الذي جرى بعد مقتل عثمان (لعنه الله) أن الناس حملت أمير المؤمنين (عليه السلام) على أن يتولى الخلافة وكان عامّتهم يبايعونه دون اعتقاد بأنه إمام معصوم منصوب من الله تعالى، وإنما كانوا يبايعونه على ما بايعوا عليه الثلاثة قبله! وهذا خلل في البيعة. ولذا فإنه (عليه السلام) لم يكن يرغب بخلافة أو حكومة بهذا الداعي، فقال لهم: ”دعوني والتمسوا غيري، فإنّا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان“. (نهج البلاغة: 92).
والذي كان يحرص عليه أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) هو أن يعي الناس حقّه الإلهي أولاً، ويعتقدوا بإمامته، ثم بعد ذلك يبايعونه بالخلافة والحكم، أما أن يضطروه إلى ذلك دون ذاك - كما حصل - فإن ذلك لا رغبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) فيه كما بيّن.
والنواصب الجهلة قد أخذوا هذا النص وفسّروه على هواهم ليوهموا الناس أن عليا (عليه السلام) لم يكن يعتبر الخلافة حقا له! مع أنه (عليه السلام) في كلامه لم ينفِ ذلك وإنما نفى رغبته في توليّها آنذاك مع ذلك الخلل الذي أشرنا إليه، والفرق شاسع بين الأمريْن. فالمرء قد يُسلب منه بيته مثلا، ثم لما يُراد إرجاعه إليه يُقال له: إنما نعطيكه بعنوان أنه هبة لا بعنوان أنه حق لك وقد استرجعته، فيرفض المرء ذلك قائلا: لا رغبة لي فيه إذ يكون إرجاعه إليّ على هذا النحو. ولا يعني هذا أن البيت أساساً ليس حقا له؛ وإنما يعني أن آلية إرجاعه إليه فيها خلل يأباه، ولو كان في العنوان والاعتبار فحسب.
وبعبارة: إن الخلافة التي لم يكن أمير المؤمنين (عليه السلام) راغبا فيها هي خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، أما الخلافة التي كان راغبا فيها فهي خلافة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم. إلا أن القوم اضطروه إلى قبول السلطة كيفما كانت إذ لم يكن لهم أمير ولا حاكم، فحملوه عليها كرها، وهذا هو معنى قوله عليه السلام: ”ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها“. وبعد ذلك سعى أمير المؤمنين (عليه السلام) لإصلاح هذه السلطة وإعادتها إلى ما ينبغي أن تكون عليه الخلافة النبوية الشرعية، ولذا كرهه القوم وحاربوه.
والنصوص في نهج البلاغة وغيره حافلة بتأكيد أمير المؤمنين (عليه السلام) على حقّه وحق أهل بيته من آل محمد (صلى الله عليه وآله) في الولاية والخلافة، لكن على أساس الوصية الإلهية، فقد قال عليه السلام: ”لا يُقاس بآل محمد صلى الله عليه وآله من هذه الأمة أحد، ولا يُسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا. هم أساس الدين، وعماد اليقين، إليهم يفيء الغالي، وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة، الآن إذ رجع الحق إلى أهله، ونُقل إلى منتقله“. (نهج البلاغة: 2).
فكيف تعامى النواصب عن هذا النص الصريح في أن آل محمد هم أصحاب الولاية على الأمة والوصية الربّانية وأن الحق - أي الخلافة - قد عاد إلى أهله بعد مقتل عثمان حيث تولّى علي (عليه السلام) الحكم؟!
وكيف تعاموا عن نصّ الخطبة الشقشقية الصريحة في نكيره (عليه السلام) على أبي بكر وعمر وعثمان في أنهم قد سلبوه حقّه في الخلافة؟!
إن هذه النصوص مجتمعة واردة في نهج البلاغة، وبعضها يفسّر بعضها الآخر، إلا أن النواصب يأخذون ما تشابه منها ويتركون محكمها ابتغاء الفتنة! ويؤمنون ببعض نصوص كتاب نهج البلاغة ويكفرون ببعض! ”أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ؟! فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ، وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ“. (البقرة: 86).
زادك الله وإيانا بصيرة. والسلام.
الثلاثون من ربيع الأول لسنة 1429 من الهجرة النبوية الشريفة.