السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نفر من الطائفة البكرية عليهم اللعنة يزعم بأن جميع المؤمنين والمؤمنات هم من اهل البيت حسب قوله تعالى كدأب آل فرعون والذين من قبلهم (8:54)
كيف نرد عليهم يا فضيلة الشيخ؟
مع السلامة
طه ابو زيد
باسمه تعالى شأنه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أسعد الله أيامنا وأيامكم بذكرى ميلاد مولانا الإمام الحسن الزكي العسكري صلوات الله وسلامه عليه.
هذا قول أخرق أحمق! فإنّا لو سلّمنا به واعتبرنا أن جميع المؤمنين والمؤمنات هم من آل محمد (صلى الله عليه وآله) فهل تحرم الصدقة على كل هؤلاء فلا يتأتّى دفعها لأحد إطلاقا؟!
قطعا لا، إذ سيقول لك فقهاء البكرية أن هؤلاء ليسوا من ذريته (صلى الله عليه وآله) أو من أهل بيته المخصوصين بحرمة التصدّق عليهم إكراماً لهم.
ولو سلّمنا جدلا بأن جميع المؤمنات والمؤمنات هم من آل محمد (صلى الله عليه وآله) فهل لو بُعث محمد (صلى الله عليه وآله) ما كان لهم أن يزوّجوا بناتهم إليه لأنه جدّهم؟!
قطعا لا، إذ سيقول لك فقهاء البكرية أن هؤلاء ليسوا من ذرية (صلى الله عليه وآله) أو من أهل بيته على المعنى الحقيقي حتى يحرم زواجه منهم.
ومن هنا يُعرف أن لاصطلاح (آل محمد) أو (أهل البيت) معنى خاصاً لا يدخل فيه غير الذي أدخله محمد سيد الأنبياء (صلى الله عليه وآله) وهم علي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة التسعة من ذرية الحسين عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام.
وهذا المعنى قد حدّده النبي وأوضحه تماماً في روايات صحيحة متضافرة، منها ما رواه الحاكم بسنده عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال: لما نظر رسول الله إلى الرحمة هابطة قال: أدعوا لي أدعوا لي. فقالت صفية: مَن يا رسول الله؟ قال: أهل بيتي؛ علياً وفاطمة والحسن والحسين. فجيء بهم، فألقى عليهم النبي كساءه ثمّ رفع يديه ثم قال: اللّهم هؤلاء آلي فصل على محمد وآل محمد. وأنزل الله عز وجلّ : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً“. (مستدرك الحاكم ج3 ص147 وعلّق عليه بقوله: هذا حديث صحيح الإسناد).
فتأمّل في قوله صلى الله عليه وآله: ”اللهم هؤلاء آلي“ فإنه قد حدّد فيه المشمولين بهذا الوصف الاصطلاحي الخاص.
نعم؛ قد يجوز استعمال لفظ (الآل) للدلالة على الأتباع في الجملة، كما في قوله تعالى: ”كدأب آل فرعون والذين من قبلهم“، إلا أن ذلك مجاز، كقولك للمسلم: ”إنه أخي“ والحال أنه ليس أخاك من أبيك وأمّك، ولا تنكشف أختك أمامه، ولا ترث منه أو يرث منك، وإنما صار أخا لك مجازاً بعلقة الإسلام، لا حقيقة.
فهكذا يصير المؤمن الحقيقي مجازاً من آل محمد صلى الله عليه وآله، كسلمان وأبي ذر (رضوان الله تعالى عليهما) مثلا، حيث قال النبي عن الأول: ”سلمان منا أهل البيت“ وقال عن الثاني: ”يا أبا ذر؛ أنت منا أهل البيت“، إلا أن ذلك لا يعني أنهما قد نالا خصوصيات أهل البيت ومراتبهم الحقيقية، وإنما صارا منهم مجازاً لشدة إخلاصهما واتباعهما للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك قوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام: ”فمن تبعني فإنه منّي“. (إبراهيم: 37).
رزقنا الله وإياكم فهما وعلما. والسلام.
السابع من ربيع الآخر لسنة 1429 من الهجرة النبوية الشريفة.