ما ردكم على فضل الله الذي يقول أن باب بيت الزهراء لم يكن صلبا فكيف ثُبّت المسمار؟ وهل حكمت عليه الحوزات العلمية بأنه ضال مضل؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بارك الله فيك شيخنا الكريم على جوابك الوافي والشافي لسؤالي السابق وبالفعل كما عودتنا دائما أدلتك تفحم الوهابية من جميع المداخل والنواحي ، الله يوفقك دنيا وآخره ،

مولانا الآن بالكويت بدأت أفكار محمد حسين فضل الله اللبناني تنتشر بين الشباب ، فكثيرا ما سمعت من شباب الشيعة نفسهم أن لم يتم الرد من أحد علماء الحوزة الكبار أو أي عالم شيعي أو مرجع على أفكار هذا الشخص مما يولد لدى هؤلاء الشباب ثبات كلام فضل الله في رؤسهم ،

س1 :ففضل الله طرح موضوع مظلومية الزهراء وبالأخص الهجوم على الدار ، وأهم ما أشار إليه أن باب بيت فاطمة الزهراء لم يكن صلبا أي كان من القش أو ماشابه وأن المسمار الذي يتكلون عنه في أغلبيه مجالس الحسين في يوم وفاة مولاتي فاطمة الزهراء أن هذا المسمار من أين أتى؟

فهل يمكن شيخنا الكريم الرد على مثل هذه الشبهة من مصادرنا وإثبات خطأه أو أن فعلا كان هناك مسمسار وتم كسر ضلع الزهراء من خلف الباب على يد ذلك اللعين؟

س2 : هل هناك وثائق أو إصدار بيانات من كبار علماء ومراجع الشيعة ينفون اعترافهم بفضل الله ومرجعيته وأنه بتري وخصوصا آية الله السيستاني حفظه الله؟ اتمنى إذا توجد إصدارات أن يتم إرفاقها ، لأنه أفكاره بدأت تتغلغل في عقول الشباب وأيضا الكبار منهم والنساء للأسف.

س3: كثيرا مارأينا تطلق كلمة بتري على فضل الله وأحد أعضاء مجلس الأمة الكويتي والمرحوم الشيخ أحمد الوائلي بمجرد ترضيهم على أحد الصحابة المنافقين، فبإمكاننا اعتبار كلامهم مجرد تقية أو مجرد مسايرة للأعلام والناس بغرض الابتعاد عن الفتنة؟ فلماذا تطلقون عليهم بتريين باستثناء فضل الله منهم؟

ووفقنا الله وإياكم في السداد والصواب والهداية ،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

علي


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جواب الشيخ:

اعلم أيها الأخ المؤمن أن هذا البتري المبتدع - عجّل الله هلاكه - هو (مسمار باب التشيع) في زماننا هذا! فكما أن عمر وعصابته (لعنهم الله) جرحوا بذلك المسمار صدرها (صلوات الله عليها) حين انقضّوا عليها؛ كذلك أبناء عمر اليوم جرحوا بهذا المسمار صدورنا حين انقضّوا علينا!
وكما أن ذلك المسمار أفاد عمر وعصابته من جهة أنه موجود في وجه الباب الداخلي؛ كذلك هذا المسمار أفاد أبناء عمر اليوم من جهة أنه موجود في داخل الوسط الشيعي! فاتخذوه مسماراً يجرحون به الجسد الشيعي ويسيلون منه الدم! فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وما يحق للمؤمن أن يحزن لأجله هو الذي ذكرتَه من أن بعضاً من الشباب الغافلين سحرهم هذا البتري العميل بسحره فالتفّوا حوله راقصين! وأخذوا يروّجون أكاذيب تمجّده وتدعو له! من قبيل أنه مجتهد عظيم ومفكر لم يسبقه الأوائل ولن يلحق به الأواخر وأنه لم يرد على أطروحاته أحد!
مع أن الواقع خلاف ذلك تماماً، ويكفي لاكتشافه أن يقصد أحد هؤلاء المغرّر بهم المحافل والحوزات العلمية المعتبرة، ليجتمع بالعلماء وطلبة العلم سائلاً ومستفسراً ومستطلعاً، وحينها سيعلم أن هذا البتري المبتدع ممن لا يساوي عندهم عفطة عنز! فلا اجتهاداً قد حاز! ولا علماً عميقاً بل ولا فكراً سليماً قد نال! وهو بعدُ فاسق كاذب خائن مزوّر! لا يتقن إلا لغة التمثيل والتصنّع! وليس له إلا إنشاء الكلام مع ما فيه أحياناً من الركاكة وسوء العبارة، وإلا فهذه كراساته التي يضحك منها صبيان الحوزة لفقرها وضعفها وضحالتها وهو يظنّ أنها مؤلفات ذات شأن في العلم والتحقيق!
وعلى أية حال؛ هذه نفثة من صدر مهموم، فإلى الجواب عمّا سألتَ:

ج1: ليس مهماً تحديد ماهية مصنوعية الباب، بل المهم إثبات أنه كان من السُّمك بمقدار يستلزم الفتح بعد الإغلاق والدفع للدخول والكسر أو الحرق للاقتحام، وهذا أمر أثبتته الأحاديث والروايات المعتبرة.

منها ما رواه شيخنا العلامة المجلسي (قدس سره) بسند عن ابن عباس في حديث الأعرابي من بني سُليم والضبّ الذي نطق وشهد للنبي (صلى الله عليه وآله) بالنبوة: ”فمضى سلمان حتى طاف تسعة أبيات من بيوت رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يجد عندهن شيئاً، فلما أن ولّى راجعاً نظر إلى حجرة فاطمة عليها السلام فقال: إن يكن خيرٌ فمن منزل فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله. فقرع الباب فأجابته من وراء الباب: مَن بالباب؟ فقال لها: أنا سلمان الفارسي - إلى أن قال - فوثب النبي صلى الله عليه وآله حتى ورد إلى حجرة فاطمة عليها السلام، فقرع الباب، وكان إذا قرع النبي صلى الله عليه وآله الباب لا يفتح له الباب إلا فاطمة عليها السلام.. إلى آخر الخبر“. (بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج43 ص72)
الشاهد هو قوله: ”فقرع الباب“ ولو كان الباب من قشٍّ أو مادة هشّة كما يزعمون لما أمكن قرعه، إذ القرع المُسمع لا يكون إلا على ما فيه سُمك وصلابة معهودة. وقد نصّت الرواية على أن سلمان (عليه الرضوان) قد قرعه، والنبي (صلى الله عليه وآله) كذلك، فلا محالة يكون الباب مصنوعاً مما له سُمك وصلابة معهودة.

ومنها ما رواه الموفق الخوارزمي بسنده عن ابن عباس في حديث تزويج علي بالزهراء (صلوات الله عليهما وآلهما) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعا لهما ثم قال: ”قوما إلى بيتكما، جمع الله بينكما وبارك في سركما وأصلح بالكما. ثم قام فأغلق عليه بابه بيده“. (مناقب الموفق الخوارزمي ص340)
الشاهد هو قوله: ”فأغلق عليه بابه بيده“ وهو يقتضي أن يكون للباب سُمك وثُخن يسمح بغلقه واحتياج دفعه لفتحه، وهذا هو ما يُستشعر مما رواه شيخنا الكليني (قدس سره) بسنده عن إمامنا الباقر (صلوات الله عليه) عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضوان الله عليه: ”خرج رسول الله صلى الله عليه وآله يريد فاطمة عليهما السلام وأنا معه، فلمّا انتهيتُ إلى الباب وضع يده عليه فدفعه، ثم قال: السلام عليكم. فقالت فاطمة: عليك السلام يا رسول الله.. إلى آخر الخبر“. (الكافي للكليني ج5 ص528)
فتأمل في قوله: ”وضع يده عليه فدفعه“ وما جاء في الرواية السابقة من قوله: ”فأغلق عليه بابه بيده“ تعرف أن هذا الباب كسائر الأبواب، الغاية منه الصدّ عن الدخول بغير إذن، ولذا يُقفل ثم لكي يُفتح يُدفع، فإن قلنا أنه من قشٍّ لما صدق عليه هذا الوصف لأنه لا يكون صادّاً عن الدخول بل ساتراً فحسب، بل لا إمكان لأن يُقفل إلا أن نقول بأن له عضادة من جانب وقائماً يتقوّم به من خشب أو ما أشبه، وإذا قلنا بذلك ثبت المطلوب، أعني أن العصابة اللعينة لم تكن تتمكن من اقتحام الدار إلا بكسر هذا الباب أو حرقه، وإمكان أن يكون المسمار في عضادته أو ما تقوّم به مما كان صلباً ثخيناً.

ولا أدلّ على أن الباب كانت له صلابة معهودة من الروايات التي صرّحت بأنه كان من السعف والجرائد وقد أوصدته الزهراء (عليها السلام) في وجوه عمر وعصابته فاضطروا إلى كسره وحرقه للدخول.
فقد روى العياشي (قدس سره) أن القوم لمّا انتهوا إلى الباب: ”رأتهم فاطمة صلوات الله عليها فأغلقت الباب في وجوههم، وهي لا تشك أن لا يُدخل عليها إلا بإذنها، فضرب عمر الباب برجله فكسره وكان من سعف، ثم دخلوا فأخرجوا عليا عليه السلام ملبّباً“. (تفسير العياشي ج2 ص66)
وكذا روى شيخنا المفيد (قدس سره) أن القوم لمّا همّوا بالهجوم: ”ظنّت فاطمة عليها السلام أنه لا يُدخل بيتها إلا بإذنها، فأجافت الباب وأغلقته، فلمّا انتهوا إلى الباب ضرب عمر الباب برجله فكسره وكان من سعف، فدخلوا على علي عليه السلام وأخرجوه ملبّباً“. (الاختصاص للمفيد ص186)

فلو كان الباب من قشٍّ أو حتى من سعف أو جريد غير منسوج ومشدود لما كان معنى لأن تغلقه الزهراء (عليها السلام) كما لا يكون معنى لأن يضطر عمر (لعنه الله) لكسره برجله، فالكسر يدلّ على أنه كان صلباً ثخيناً ولذا اضطر لكسره لكي يقتحم الدار.

وبإمكان أي أحدٍ اليوم أن يرى الأبواب التي تُصنع من الجرائد والسعف، كيف تُنسج وتُشد يدوياً لتصبح من أثخن الأبواب، فكذلك الأمر كان في القديم.

وقد كان أهل بيت النبوة (عليهم السلام) لا يجعلون لبيوتهم أبواباً أو سقوفاً من خشب أو ساج أو ما أشبه مما يكون ثميناً، بل مما يكون رخيصاً كجرائد النخيل وسعفها، وما ذلك إلا زهداً منهم في الدنيا، فقد قال مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث: ”ونحن أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله لا سقوف لبيوتنا ولا أبواب ولا ستور إلا الجرائد وما أشبهها“. (الخصال للصدوق ص373)

وكون باب الزهراء (صلوات الله عليها) من سعف وجريد النخل هو ما سهّل حرقه وكسره واقتحام الدار في ثواني معدودة في الحملة الثالثة، ففوجئت الزهراء وفوجئ أمير المؤمنين (صلوات الله عليهما) بالهجوم الذي جرى بغتة. وقد أوعد مولانا رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي فعل ذلك بالويل، إذ قال لأمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث: ”واعلم يا علي؛ أني راضٍ عمّن رضيت عنه ابنتي فاطمة، وكذلك ربّي وملائكته. يا علي؛ ويل لمن ظلمها! وويل لمن ابتزها حقها! وويل لمن هتك حرمتها! وويل لمن أحرق بابها“! (بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج22 ص485)

وأما أن المسمار من أين جاء؟ فقد جاء من المصادر التي أثبتت وجوده! وليس يعنينا أن نرجم بالغيب فنقول أنه قد نساه النجار في الباب أو أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قد ضربه فيه لغرض أو لآخر، إنما يعنينا أن نسلّم بوجوده وأنه قد تسبّب في جرح سيدة نساء العالمين (صلوات الله عليها) وكان عاملاً من عوامل شهادتها بأبي هي وأمي.
وحالنا هنا كحالنا في التسليم بأن الخضر (عليه السلام) قد خرق السفينة، وليس يعنينا أن نشكّك فنقول: ومن أين جاء الفأس الذي خرق به السفينة؟! ولماذا لم تغرق السفينة؟! إلى غير ذلك من التشكيكات السخيفة التي لا تغيّر من الحقيقة شيئاً.

وقد روى خبر المسمار مقاتل بن عطية إذ قال: ”ولمّا جاءت فاطمة خلف الباب لتردّ عمر وأصحابه؛ عصر عمر فاطمة خلف الباب حتى أسقطت جنينها ونبت مسمار الباب في صدرها وسقطت مريضة حتى ماتت“. (الخلافة والإمامة لمقاتل بن عطية ص160)

وخبر المسمار مشهور حتى نفى التردّد فيه على نحو الإجمال سماحة آية الله العظمى السيد تقي الطباطبائي القمي (دام ظله) في فتواه بهذا الشأن تعليقاً على قول الأصفهاني:
ولست أدري خبر المسمار سل صدرها خزانة الأسرار
ومن نبوع الدم من ثدييها يُعرف عظم ما جرى عليها
والباب والجدار والدماء شهود صدق ما به خفاء

وأما عن كسر الضلع وإسقاط الجنين؛ فقد استفاض في المصادر المعتبرة، ومنها ما رواه سُليم بن قيس الهلالي (رضوان الله تعالى عليه) عن سلمان الفارسي (رضوان الله تعالى عليه) قال في مجريات الهجوم على دار فاطمة صلوات الله عليها: ”فألجأها إلى عضادة بيتها ودفعها، فكسر ضلعاً من جنبها، فألقت جنينها من بطنها، فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت“. (كتاب سُليم ج2 ص586)
ومنها ما رواه شيخنا المفيد (رضوان الله تعالى عليه) بسنده عن إمامنا الصادق (عليه السلام) قال في حديث: ”فرفسها برجله وكانت حاملة بابن اسمه المحسن، فأسقطت المحسن عليه السلام من بطنها، ثم لطمها، فكأني أنظر إلى قرط في أذنها حين نُقِفَت“! (الاختصاص للمفيد ص183، والنقف هو الضرب على الرأس بقصد كسر الهامة عن الدماغ!)
ومنها ما رواه الطبري عن عمار بن ياسر (رضوان الله تعالى عليه) في حديث: ”فلمّا قُبض رسول الله صلى الله عليه وآله وجرى ما جرى يوم دخول القوم عليها دارها وإخراج ابن عمها أمير المؤمنين عليه السلام؛ ضربوا الباب على بطنها حتى أسقطت ولداً تماماً، وكان أصل مرضها ذلك ووفاتها عليها السلام“. (نوادر المعجزات للطبري ص98)
وممن ذكر ذلك من المخالفين إمامهم سعيد بن مسعود بن محمد عفيف الدين الكازروني (المولود سنة 727 والمتوفى سنة 785) وهو صاحب شرح للبخاري وكتب أخرى، قال في كتابه المطالع المصطفوية في شرح مشارق الأنوار النبوية للصغاني الحنفي في ترجمة فاطمة الزهراء عليها السلام: ”وولدت لعلي الحسن والحسين والمحسن، وقيل: سقط المحسن من بطنها ميتاً بسبب أن عمر بن الخطاب دقّ الباب على بطنها حين جاء بعلي إلى أبي بكر لأخذ البيعة“. (مخطوطة المطالع المصطفوية في شرح مشارق الأنوار النبوية - ترجمتها عليها السلام في قسم حرف الفاء).

وبعد هذا، هل ترى المؤمن الغيور يترك أقوال وروايات جهابذة الطائفة وأعلامها في تفاصيل مظلومية الزهراء (صلوات الله عليها) بدءاً من المفيد ومروراً بالمجلسي ووصولاً إلى التقي القمي ليأخذ بقول بتري مبتدع فاسق لا يستحي من أن يترضّى على أبي بكر وعمر إرضاءً لأهل الخلاف؟!

ج2: لم يشهد عصرنا الحديث اجتماعاً من مراجع الطائفة وعلمائها على الحكم بمروق شخص ودحض أباطيله كما حصل بالنسبة لهذا البتري المبتدع، فقد نال أكبر كمٍّ من الفتاوى الصادرة ضده(1) بما لم يسبق له مثيل منذ زمن طويل! بل لعلها لا تكون مجازفة إن قلنا أنه لم يسبق مطلقاً!
ويكفيك مطالعة كتاب بعنوان: (الحوزة العلمية تدين الانحراف) لترى تلك الفتاوى نصاً وصورة.

ج3: قد قلنا في جواب سؤال سابق(2): إنّا حين نرى ناقضاً من نواقض الإيمان قد أتى به فلان، كانت وظيفتنا الأولية إخراجه من الإيمان، إلا أن يأتينا ويدّعي أنه قد جاء بهذا الناقض الظاهري تقية، فإذا جاء نظرنا في دعواه، فإن كانت التقية تسوغ في مثله قبلنا وإذا لم تكن لم نقبل وبقى خارجاً عن الإيمان، لأن للتقية مواضع من أزالها عن مواضعها لم تستقم له. هذا إن جاء وأما إن لم يجئ فإنا ننظر هل ما أتى به وفعله إن افترضنا أنه ادّعى التقية فيه كان مما لا يؤدي إلى الفساد في الدين أم لا؟ فإن كان مما لا يؤدي قبلنا، وإن كان مما يؤدي لم نقبل وبقى خارجاً عن الإيمان.

وهذا الطريق رسمه إمامنا الصادق (صلوات الله عليه) كما في رواية شيخنا الكليني عن مسعدة بن صدقة قال: ”سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول وسُئل عن إيمان من يلزمنا حقه وأخوّته كيف هو وبما يثبت وبما يبطل؟ فقال عليه السلام: إن الإيمان قد يُتّخذ على وجهيْن؛ أما أحدهما فهو الذي يظهر لك من صاحبك، فإذا ظهر لك منه مثل الذي تقول به أنت حقّت ولايته وأخوّته إلا أن يجيء منه نقضٌ للذي وصف من نفسه وأظهره لك، فإن جاء منه ما تستدل به على نقض الذي أظهر لك خرج عندك مما وصف لك وأظهر، وكان لما أظهر لك ناقضاً إلا أن يدّعي أنه إنما عمل ذلك تقية، ومع ذلك يُنظر فيه فإن كان ليس مما يمكن أن تكون التقية في مثله لم يُقبل منه ذلك، لأن للتقية مواضع من أزالها عن مواضعها لم تستقم له، وتفسير ما يُتّقى مثل أن يكون قوم سوء ظاهر حكمهم وفعلهم على غير حكم الحق وفعله، فكل شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لا يؤدي إلى الفساد في الدين فإنه جائز“. (الكافي ج2 ص168).

ومنه تعلم أن جواز التقية مقيّد بما لا يؤدي إلى الفساد في الدين، وصدور تلك النواقض ممن يقتدي العوام بفعالهم أمثال محمد باقر الصدر وأحمد الوائلي ومحمد حسين فضل الله وغيرهم من الذين ترحّموا وترضّوا وأثنوا على قتلة وأعداء أهل بيت النبوة (عليهم السلام) مع عدم إكراههم على ذلك قد أدّى واقعاً إلى الفساد في الدين، بل لو كان مع الإكراه لكان يجب عليهم أن يمدّوا رقابهم للسيف دفعاً لمحذور إبطال الحق وإحقاق الباطل والتلبيس على العوام، فكيف والحال هذه؟! وإذا تبيّن عدم وجود مسوغ التقية في حقهم، كان ذلك ناقضاً ويترتّب عليه اعتبارهم خارجين عن الإيمان، أي أنهم منحرفون بتريّون.

وأما أنهم جاءوا بذلك مسايرة للإعلام والناس؛ فهذا هو الأرجح، وهو بعدُ من أكبر المحرّمات، وإلا لجاز للمسلم مثلاً أن يساير اليهود والنصارى وإعلامهم الطاغي على العالم فيثلب الإسلام ويهين شخصية النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) بامتداح أعدائه كيهود خيبر ونصارى نجران إرضاءً ليهود ونصارى اليوم! فهل ترى ذلك جائزاً وسائغاً؟!

من الذي لقّن هؤلاء البتريين السفلة جواز الترحّم أو الترضّي على قتلة وأعداء أهل البيت (عليهم السلام) إرضاءً للمخالفين ومسايرة للناس؟! إن إمامنا أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) لم يجز ذلك إلا في حالة واحدة هي حالة الخوف، أي الاضطرار، أي التقية من القتل والعذاب الشديد، وذلك قوله عليه السلام: ”قد أذنت لك في تفضيل أعدائنا إنْ ألجأك الخوف إليه“. (وسائل الشيعة للحر العاملي ج16 ص229)
إذن؛ فأنت ليس مسموحاً لك أن تقول: ”عمر رضي الله عنه“ إلا في حالة واحدة وهي أن يدفعك إلى ذلك الخوف على نفسك وعرضك ومالك، وفي غير هذه الحالة الاضطرارية ليس مأذوناً لك أن تنطق بمثل هذه العبارة التي هي من ضروب الكفر. فهل أن هؤلاء البتريين السفلة الذين يترضّون اليوم في وسائل الإعلام قد دفعهم الخوف إلى ذلك؟! هل هم مجبورون عليه؟! هل سيُقتلون لو أنهم سكتوا؟!
سبحان الله! أي فقيه من فقهاء الإسلام جوّز هذا الذي يصنعونه من التملّق لأهل الخلاف على حساب الولاية لآل محمد والبراءة من أعدائهم؟! أي فقيه أجاز لمن يخوض الانتخابات أن يترضّى على الطاغية عمر بن الخطاب إرضاءً لأتباعه وكسباً لأصواتهم؟! لا بارك الله في سياسة وانتخابات من هذا النوع!

أبعدنا الله وإياكم عن كل مبتدع بتري زنديق، والسلام.



(1) أرفقنا مع الجواب بعض هذه الفتاوى، وهي:















(2) للإطلاع (اضغط هنا).

ليلة الحادي والعشرين من ربيع الأول لسنة 1431 من الهجرة النبوية الشريفة


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp