ما هي الأدلة التي تدل على أن التطبير من الشعائر؟ لأنني لا أرى به حضارة الإسلام

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

أنا شخص موالي إلى أبعد درجة تتصورها ولكن لدي بعض التحفظات على بعض ما يسمى بالشعائر الحسينية وهي التطبير والمشي على الجمر فلا أرى فيها حضارة الإسلام ولا سماحته فيها فأرجو إذا كانت لديك قدرة على إقناعي بالمنطق وليس بالروايات لأني شبعت منها؟


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يعبد الإنسانُ اللهَ عن طريق الآيات القرآنية والروايات، فإذا ثبتت العبادة عن طريقها -أي الآيات القرآنية وروايات المعصومين عليهم السلام- فيتعبد الإنسانُ بهذه العبادات ويتقرب بها إلى الله تبارك وتعالى، ولا يلتفت لقول القائلين واعتراض المعترضين، فالمستهزئون لم يتركوا حتى أشرف الأنبياء وسيد المرسلين النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله)، فقد استهزأوا به وبدعوته وبالمؤمنين الذين كانوا معه.

فإذا كان الإنسان يعبأ بقول المعترضين فمن الأولى أن يترك الإنسان الحج لأن البعض يزعمون أنه ليس فيه حضارة أصلا! إذ يقولون: كيف لرجل عاقل أن يطوف حول حجر سبعة أشواط بكيفية مخصوصة لا يحيد عنها، ثم يهرول بين موضعين، ثم يرمي سبع جمرات لا ست ولا ثمان باتجاه معين وفي بعض المسائل قد يعيد حجه مرة أخرى أو غير ذلك لأمر بسيط ارتكبه؟

أما من يعترض على الشعائر الحسينية بدعوى أنها تنفر الناس من التشيع، فإن كان المعترض من المخالفين فلنسأله هل أن إدماء الرأس - الذي أقل ما نقول فيه أنه كالحجامة - أقل تنفيرا أم وضع التراب على الرأس واللحية؟! سيكون الجواب أن الأول أقل تنفيرا من الثاني، إذن ثبت الأشد تنفيرا في كتبهم ومصادرهم المعتبرة، إذ أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قام بوضع التراب على رأسه ولحيته لأنه شهد مقتل الحسين (عليه السلام) آنفا وهذا ما أورده البخاري وكذا الترمذي والطبراني والحاكم وغيرهم من محدّثي أهل العامة يروون عن سلمى أنها دخلت على أم سلمة (رضوان الله تعالى عليها) وهي تبكي فسألتها: ما يبكيكِ؟ فقالت: ”رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وعلى رأسه ولحيته التراب! قال: شهدتُ قتل الحسين آنفا“! (التاريخ الكبير للبخاري ج3 ص324 وسنن الترمذي ج5 ص323 والمعجم الكبير للطبراني ج23 ص373 ومستدرك الحاكم ج4 ص19).

أما إن كان المعترض من النصارى، فعندهم ما فيه من الشناعة ما يكفي، فيكفي مثلاً أنهم يأكلون خبزاً يزعمون أنه الربّ أو أن الربّ يسوع المسيح (عليه السلام) قد اتحد به! فهل من الحضارة أن يأكل الإنسان ربّه؟!

أو كتحول الخبز والخمر الطبيعيين إلى جسد المسيح ودمه الحقيقيين! وذلك بفعل كلمات ينطق بهن الكاهن، فيحول الخبز والخمر إلى الله! والعياذ بالله. ودليلهم على ذلك هو ما ورد عندهم في كتابهم (إنجيل متى الإصحاح 26: 26 - 28): ”26 وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ الْخُبْزَ، وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ وَقَالَ:«خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي». 27 وَأَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً:«اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ، 28 لأَنَّ هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا“

أفمثل اعتراض هؤلاء وتشنيعهم على شرع الله يبالي الإنسان لاعتراضهم؟!

وإن كان المعترض من الهندوس فيكفيه عبادته للبقر!

وما لدى الأمم المنحرفة من الخرافات والباطل وما يُشنّع عليهم الكثير الكثير. فلماذا كل الأمم تفتخر بمعتقداتها وتجاهر بها إلا بعض ممن ينتسب إلى التشيع يشعر بعقدة النقص ويستحي من أن يجاهر بمعتقده الذي هو من صميم الحق ومتوافق مع الحضارة الإنسانية في مثلها العالية؟!

فينبغي للمؤمن أن لا يلتفت لقول المعترضين ولا لأفواه المغرضين، لأن العبادة تقوم على الدليل الشرعي لا على أذواق الناس.

وقد فصّل الشيخ في ذلك في كثير من الإجابات والمحاضرات، وقال في إحدى إجاباته ”ثم إن هذا العمل -أي التطبير- بنفسه مستحب لأنه نوع من أنواع الحجامة التي أوصى بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووصفها بأنها تغيث الإنسان من الأمراض، وهذا ثابت حتى في مصادر المخالفين، فقد رُوي عن ابن عمر قال: ”كان رسول الله يحتجم هذا الحجم في مقدَّم رأسه ويسمّيه أم مغيث“. (المعجم الأوسط للطبراني ج8 ص16).

وعليه فالتطبير بنفسه مستحب، فإذا اقترن أداؤه بالمواساة لسيد الشهداء (عليه السلام) زاد استحبابه وكان خيرا على خير، وهو مفيد طبّياً وهذا ثابت عند الأطباء، فالذين يواظبون على أداء هذه الشعيرة المقدّسة يكونون أقل من غيرهم عُرضة للإصابة بالجلطة الدماغية، بل إننا نعرف بعض الذين نجوا منها بفضل التطبير. وهو أيضا يوطّن النفس على الشجاعة والبطولة وتحمّل الأهوال، فيكون نوعا من التدريب العسكري، وقد استخدمته الجيوش العثمانية في ما مضى لتقوية قلوب أفرادها“.

وللإطلاع على بعض ردود الشيخ المنطقية والعلمية (اضغط هنا) و (اضغط هنا) و (اضغط هنا) و (اضغط هنا) و (اضغط هنا) و (اضغط هنا) و (اضغط هنا).

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

27 شهر رمضان المبارك 1430


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp