الشيخ الحبيب يرد على نائب وهابي كويتي طالب الشيعة بالتبرؤ منه!

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

2007 / 11 / 23

نشرت جريدة الوطن الكويتية وعلى صدر صفحتها الأولى مقالة لإحدى شخصيات الفرقة الوهابية الناصبية المعروفة بحقدها على الشيعة والتشيع وهو المدعو وليد الطبطبائي النائب في مجلس الأمة الكويتي، طالب فيها الشيعة بإعلان براءتهم من الشيخ ياسر الحبيب وهيئة خدام المهدي (عليه السلام) مقابل أن يعلنوا من جانبهم براءتهم من الإرهابي المجرم أبي مصعب الزرقاوي وما يسمى بتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين! كما عبّر لأول مرة عن ”حبه للشيعة“ ولكن بشروط منها: ”ما دام هؤلاء ... يحبون الصحابة رضوان الله عليهم ويترضون عليهم“! كما دعاهم لأن يكون شعار الجميع: ”محبة الآل والأصحاب“!

وقد قام سماحة الشيخ الحبيب بكتابة رد مفصّل على ترّهات الطبطبائي، حيث تم إرساله إلى جريدة الوطن رغم أن الشيخ شكك في بداية رسالته إلى رئيس تحريرها في أن تكون لديه الجرأة الكافية لنشر الردّ كاملا.

والمعروف عن وليد الطبطبائي عبادته لكرسي الانتخابات، وقد أراد بمقاله الأخير كسب عواطف بعض عوام الشيعة استعدادا للجولة الانتخابية القادمة بعدما يتم تغيير الدوائر الانتخابية فتكون للأصوات الشيعية تأثير في دائرته التي يرشّح نفسه فيها لعضوية البرلمان. كما أراد انتزاع تنازل ثمين من الشيعة بالترضي على ما يسمى بالصحابة كلّهم وإقرانهم بأهل بيت النبوة (عليهم الصلاة والسلام) وكذلك انتزاع براءتهم من الشيخ الحبيب. إلا أن أحدا من المؤمنين الشيعة في الكويت لم يعره أي اهتمام ولم يستجب لدعوته لمعرفته بتاريخه الأسود في معاداة التشيّع ومحاربته. فيما قابله بعض الكتاب والأكاديميين من طائفته البكرية بالتهكم والسخرية، حيث كتب الدكتور أحمد البغدادي في جريدة السياسة: ”النائب السلفي د. الطبطبائي يقول: (انا سني وأحب الشيعة) وسعادة رئيس الوزراء يقول كلنا كويتيون, لا سنة ولا شيعة, طيب ليش (غاثين) عيال الشيعة بتدريسهم المذهب السني في مدارس الحكومة? هل نسمع قريبا عن مقترح يقدمه النائب السلفي د. الطبطبائي لتدريس المذهب الجعفري في مدارس الحكومة“?! (جريدة السياسة الكويتية 19 ديسمبر 2005).

جدير بالذكر أن الطبطبائي مشهور بفضيحة كشفتها جريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 2004/4/24 حين أنقذه رجال الإنقاذ من الغرق في إحدى شواطئ الفساد والعري في مدينة ”كانكون“ المكسيكية حيث كان يسبح هناك إلى أن فقد وعيه وكاد أن يغرق ويموت!! إلا أن الطبطبائي السلفي والدكتور في الشريعة الإسلامية برّر الموقف بتصريح قال فيه أنه ذهب بعيدا عن العراة إلى ”شاطئ خالٍ لم يكن فيه أحد“ لأن المنظر الطبيعي الخلاب للبحر في تلك المدينة المكسيكية استهواه فأراد أن يسبح هناك!!

كما أن الطبطبائي مشهور بسرقاته الأدبية من كتّاب آخرين أبرزهم فهمي هويدي حيث يقتطع مقاطع كاملة من كتاباته وينسبها لنفسه! وقد تحدثت الصحف الكويتية عن هذه السرقات والفضائح أكثر من مرة موجهة له انتقادات شديدة.

وهنا ننشر نص مقال الوهابي الطبطبائي، وردّ سماحة الشيخ عليه:

أنا سني... وأحب الشيعة!

يجب علينا كمسلمين أن ندعو للمحبة والتسامح وأن ننبذ التعصب الطائفي الذي يؤدي إلى كره الآخرين وقد يصل إلى تكفيرهم دون بينة أو برهان وخصوصا بين الشيعة والسنة. ويجب علي كمسلم سني أن أحب إخواني المسلمين الشيعة وأن أتسامح وأتعاون معهم لما فيه صالح الدين والبلاد والعباد، ما دام هؤلاء يتجهون إلى قبلتنا الكعبة ويصلون الفروض الخمسة ويؤدون أركان الإسلام الأخرى: الزكاة والصيام والحج لمن استطاع إليه سبيلا، وما دام هؤلاء يؤمنون بأن القرآن الذي بين أيدينا اليوم كامل لم يطله التحريف أو التبديل وأن يحبوا الصحابة رضوان الله عليهم ويترضون عليهم.

وأيضا يجب على المسلم الشيعي أن يحب إخوانه السنة وأن يتسامح ويتعاون معهم على البر والتقوى طالما هؤلاء يؤدون الفروض الخمسة ويعملون بأركان الإسلام ويحبون آل بيت النبي عليهم السلام ويصلون عليهم في الصلاة المفروضة وفي غير الصلاة وطالما أن هؤلاء عرفوا لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم حقهم من المحبة والنصرة والموالاة كما جاء في كتاب ربنا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

لقد جاءت آيات كريمات في فضل آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك قوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)، وقوله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى).

وروى مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ”أما بعد أيها الناس، إنما أنا بشر مثلكم يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيبه، وإني تارك فيكم الثقلين: أولهما كتاب الله عز وجل فيه الهدى والنور فتمسكوا بكتاب الله عز وجل وخذوا به»، ثم قال:«وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي“. ولا جدال في أنه لا إيمان لمن لم يحب رسول الله، قال تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) وقال تعالى: (وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون)، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحبوا الله تعالى لما يغذوكم من نعمه، وأحبوني بحب الله، وأحبوا أهل بيتي بحبي.

ومن أجمل ما قيل من الشعر للإمام الشافعي:
يا آل رسول الله حبكمو فرض من الله في القرآن أنزله
يكفيكمو من عظيم الفخر أنكمو من لم يُصلًّ عليكم لا صلاة له
ومن قصيدة الفرزدق:
من معشر حبهم دين وبغضهم كفر وقربهم منجى ومعتصمُ
مقدم بعد ذكر الله ذكرهم في كل حكم ومختوم به الكلمُ
إن عدّ أهل التقى كانوا أئمتهم أو قيل مَنْ خيرُ أهل الأرض؟ قيل همُ

إن دعوات المتطرف الزرقاوي وتنظيمه ”قاعدة الجهاد“ إلى تكفير عموم الشيعة واستحلال دمهم باطلة يجب علينا معشر السنة أن نتبرأ منها وأن ننبذها وأن نحاربها.

وإن دعوات المتطرف ياسر الحبيب وتنظيمه ”خدام المهدي“ إلى تكفير عموم السنة وإحياءه للخلافات القديمة (انظر مجلس المنبر عدد 27 بتاريخ 1423هـ) يجب على عموم الشيعة أن يتبرأوا منها وأن ينبذوها وأن يحاربوها.

أين المخرج من الفتنة؟!
إن المخرج اليوم من هذه الدعوات إلى الفتنة وهذه الحرب التي يراد لها أن تشتعل من جديد كما اشتعلت بالأمس هو في العودة إلى منابع الإسلام الأولى وإلى معينه الصافي، وهو في الدعوة إلى الاعتصام بكتاب الله عز وجل والعمل بسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام الصحيحة، والتمسك بعترة النبي صلى الله عليه وسلم وهم آل بيته الأطهار عليهم صلوات الله وسلامه ومحبتهم وذكر فضلهم ومنزلتهم وموالاتهم ومعاداة أعدائهم.

إن دعوتنا هي: التوحيد بين المسلمين ونبذ التعصب والتكفير، وعدم إثارة النزعات الطائفية، والتحذير من تقسيم مؤسسات وهيئات المسلمين إلى أقسام طائفية ضيقة ما أنزل الله بها من سلطان.

شعارنا: محبة الآل والأصحاب!
ليكن شعارنا محبة الآل والأصحاب، آل بيت النبي صلوات الله عليهم، وصحابة رسول الله رضوان الله عليهم، ونبذ كل ما يزعزع ويتهجم على آل البيت أو الصحابة.

وعليه فأنا أصرخ وأقول: أنا سني وأحب الشيعة، وليصرخ كل شيعي ويقول: أنا شيعي وأحب السنة، والأفضل أن نقول جميعا نحن مسلمون ونحب كل المسلمين.. قال تعالى: (هو سماكم المسلمين من قبل).. والله من وراء القصد.. والله ولي التوفيق.

وليد الطبطبائي



ونحن أيضا نحبكم.. لكننا لا نخدعكم ولا نقتلكم!

تعليقا على ما نشرته صحيفتكم في عددها الصادر بتاريخ 17/12/2005 من مقال للنائب وليد الطبطبائي تحت عنوان: ”أنا سني.. وأحب الشيعة“؛ نرجو منكم نشر مقالنا هذا إذا أردتم البرهنة على مصداقيتكم وحياديتكم واستيعابكم لكل الآراء، خاصة وأن المقال المذكور جرى فيه التعرّض لشخصنا والدعوة إلى البراءة منا ومقارنتنا بالإرهابيين والقتلة والمجرمين، وقد نشرتموه على الصفحة الأولى لمزيد من الإلفات والتركيز، وهو ما يوحي بأنكم تميلون إلى ما ورد فيه وتنسجمون مع ما طرحه فيه كاتبه، ولذا لم تكتفوا بنشره في الموضع المعتاد وآثرتم إبرازه أكثر. فنتمنى منكم أن تمتلكوا الشجاعة لنشر ردّنا المشروع والمكفول شرعا وقانونا وأدبا، وإن كنا نشك بسبب الضغوط الهائلة التي يمكن أن تتعرضوا إليها في حال قيامكم بذلك بعدما جرى عليكم إثر نشركم لبيان من بيانات الأخوة الخدام. فسنصبر ليوم ونختبر؛ فإن لم نجد ردّنا منشورا، جاز لنا حينها نشره عبر صحف أو وسائل إعلامية أخرى.

قد تبدو لهجةً فريدةً تلك التي صدرت من النائب وليد الطبطبائي في مقاله المعنون بعنوان: ”أنا سني.. وأحب الشيعة“ والمنشور في ”الوطن“ فمثلها لم يُعهد من ذي قبل من أصحاب التوجه السلفي الوهابي. وهذه اللهجة الفريدة والجديدة من نوعها تبعث في ذوي النّهى والألباب تساؤلات من قبيل: ”ما سرّ هذا الحب العاطفي الذي يفصح عنه الطبطبائي لأول مرة علنا؟! وما الذي تغيّر بعد كل هذه السنوات التي لم تشهد منه موقفا إيجابيا واحدا تجاه من يحبّهم الآن؟! وهل كان كلامه يطابق أفعاله مما مضى؟! أم أنه أخيرا آمن بالعمل بمبدأ التقية – على التصوّر الوهابي - فخشي على نفسه من قيام قوة شيعية في الشمال وحسب حساباته وقال ما قال“؟!

لا يُلام الشيعي إذا جنح إلى احتمالات وتأويلات كثيرة لكلام الطبطبائي المستجد، لأنه لا ينسى مواقفه السابقة المعادية للشيعة والتشيع، وافتخاره ذات مرة بتمثيل حركة ”طالبان“ المقبورة في أفغانستان مع علمه بالمذابح التي ارتكبتها هذه الحركة ضد الشيعة الهزارة، وغير ذلك من مواقفه التي لم تشهد ولو لمرة واحدة وقوفا إيجابيا منه تجاه قضايا الشيعة أو دفاعا عن حقوقهم المشروعة واستحقاقاتهم المسلوبة والتي أقلها حقهم في بناء مساجدهم بكل حرية ودون تقييدات أو تعقيدات إدارية تجعل الوصول إلى القمر أسهل من الحلم ببناء مسجد في الكويت تقام فيه الصلاة وفق أصول وأحكام الشريعة الإسلامية الإمامية!

وليس مهما الآن إلى هذه الدرجة البحث عما وراء كلام الطبطبائي المعسول، فإن الذهن يدرك أن ما يصدر عن السياسي ذي الذهن الانتخابي لا تبتعد مقاصده كثيرا عن صندوق اقتراع يتأمّل أن يحظى فيه بأوراق أكثر تضمن له كرسيه النيابي!

بل المهم أن نحمل كلام الطبطبائي على ظاهره ونردّ عليه دون استقراء بواعثه، لأن الرجل أساء إلينا ورام خلط ورقتي ”منطق القوة“ و“قوة المنطق“ بدهاء لينتزع ما ظنّ أن قومنا سيبادرون إليه، وهو البراءة منا مقابل البراءة من الإرهابي الزرقاوي! وهذه المعادلة المطلوبة إجرامية بما تحمله الكلمة من معنى، فشتّان بين من يذبح ويستخدم المتفجرات والمفخخات والأحزمة الناسفة لقتل الأبرياء؛ وبين من يكتب بالقلم ويحاضر باللسان وينتصر لكرامة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

نحن نتفهم كره معشر الوهابيين لنا، ونتفهم عمق المرارة التي يشعرون بها جرّاء خلاصنا من السجن الذي كانوا يأملون أن نقضي فيه على الأقل أكثر من عشر سنوات، كما نتفهم شدة غيظهم من عدم قدرتهم على تجفيف منابع ”هيئة خدام المهدي عليه السلام“ في الكويت التي تشرفنا بتأسيسها. نتفهم وندرك كل ذلك، ولا نلومهم إلا بمقدار تغييبهم لعقولهم وجنوحهم نحو التعامل بأسلوب ”خنق الصوت“ مع ما نطرح من حقائق بدلا من التعامل بأسلوب ”مقارعة الحجة بالحجة“. ما نلومهم عليه حقا هو انشغالهم بأمرنا إلى هذه الدرجة التي تصوّرنا وكأننا الخطر المحدق بطائفتهم والنار التي ستلتهم عقيدتهم! هل نحن ”مرعبون“ إلى هذا الحد؟! أمر لم نكن نعرفه من ذي قبل!

نتكلّم في بضع محاضرات محدودة الحضور عن التاريخ ونستنتج فيها أن ”فلانا وفلانا“ ظلما أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) وكفرا بالإسلام وحرّفاه، فلا نلبث إلا أقل من سنة وإذا بالوهابيين يملأون البلاد ضجيجا بالتصريحات والبيانات والاجتماعات والمؤتمرات عنا! فنُسجن، ثم يُفرج عنا بخطأ (لم يُعرف مرتكبه حتى الآن لكننا نعرفه!) ثم لا يرضوْن، فيطالبون بإعادتنا إلى السجن، فلا نعود! فيستمرون بإثارة القضية على أعلى المستويات، فلا يصلون إلى نتيجة، فنخرج من البلاد سالمين، فتثور ثائرتهم! ويواصلون تصريحاتهم وبياناتهم واجتماعاتهم ومؤتمراتهم ضدنا، فيحذّرون منا، ويطالبون الحكومة بتعقّبنا، ويهاجمون كل من ”يُشتبه بصلته بنا“ حتى ولو لم نكن قد رأيناه أو عرفناه من قبل كالأخ حامد خاجة وشركته التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل! ثم هم الآن يطلقون الدعوة للبراءة منا مقابل أن يتبرأوا من الزرقاوي!

كل هذا! لأجل ماذا؟! هل خليت الكويت مما ينبغي إشغال حكومتها وشعبها به سوى قضية هذا الإنسان ومن معه من أفراد قلائل؟! إني أقولها صادقا لهؤلاء الوهابيين والبكريين عموما، ولن تجدوا ناصحا لكم غيري في هذه النقطة بالذات: إنكم لو تفكّرتم في الأمر برمّته وتدبّرتم به منذ بدايته؛ لرأيتم أنكم صعّدتموه إلى ما ارتدّ عليكم! فانظروا ماذا كسبتم وجنيتم وماذا كسبنا وجنينا، احسبوها بحسابات الربح والخسارة، ستجدون أنكم لم تكسبوا شيئا وقد كسبنا كل شيء! فالجولة قد انتصرنا فيها، لم تجهزوا علينا، ولم ينقص منا شيء! صوتنا كما هو باقٍ، ونشاطاتنا كما هي باقية. لا شيء تغيّر، سوى لحظات قضيناها في سجن كسبنا فيها ثوابا أكثر! وسنستمر، وسيستمر خطّنا، وسيتوارث دعواتنا السائرون على دربنا، جيلا بعد جيل. فما الفائدة من اتيانكم باسمنا في كل شاردة وواردة؟! وما الثمرة من اقتناصكم كل فرصة للتأليب علينا؟!

نعم.. يمكنكم مثلا أن تنزلوا إلى ميدان مناظرتنا علميا، حتى يتبيّن الحق من الباطل. هذا هو السبيل وحده – إن أدركتم – للخلاص منا. أن تظهروا عجزنا علميا أمام العامة إن استطعتم، فلا يتأثرون بنا. فهل عندكم من الشجاعة والجرأة ما يكفي لذلك؟ أتحبّون أن تجربّوا؟ ما رأيكم لو اتفقنا على مناظرة بيننا وبينكم، بيني وبين من تختارون من مشايخكم، على أن تكون مكتوبة، منشورة في إحدى صحفنا، صولة لنا وصولة لكم، في موضوع ”الموقف الشرعي الواجب على المسلم تجاه ما يسمى بالصحابة والخلفاء وأمهات المؤمنين“. هل تقبلون التحدّي؟! ”وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ“. (سبأ:24).

أما إنْ رفضتم، وتذّرعتم بأن أجواء بلادنا لا تسمح بنشر فصول مناظرات كهذه في الصحف، مع أن عالمنا المفتوح اليوم لم تعد فيه خافية عقيدية أو فكرية يُخشى من بيانها؛ فإننا نطالبكم إذن بتطبيق المعيار نفسه على ما تكتبونه وتنشرونه ضدنا من حين لآخر، فتمتنعون عنه كليّةً، إذ أيُّ فرقٍ بين الأمرين؟! لو كانت المناظرات العلمية تبعث عن الكراهية الطائفية؛ فإن توجيه الهجوم تجاه شخصيات مثار جدل في هذا المحور دون إتاحة فرصة لبيان المسبّبات والدواعي يبعث عليها أيضا! والأسلم هو الامتناع عن إثارة الكل. أليس كذلك؟!

هل تعطوننا الحق في أن ننشر في صحفنا اليومية مثلا ما نراه مبرّرا لموقفنا تجاه الشخصيات التي تقدّسون؟ إذا كانت الإجابة بلا؛ فعلى مَ تسمحون لأنفسكم بمهاجمة مواقفنا دون أن تتيحوا لنا فرصة الرد؟! ألا يمكن أن تكون مواقفنا سليمة؟ وإذا كانت الإجابة بلا؛ فعلى ما تخشوْن من بيان مواقف خاطئة لا تستند إلى مبررات شرعية منطقية لن يتأثّر أو ينخدع بها أحد؟!

هذه التساؤلات عليكم أولا، وعلى الطبطبائي أن يجيب عليها، قبل أن يطلق دعوته المثيرة للسخرية هذه.

قال الطبطبائي في مقاله: ”إن دعوات المتطرف الزرقاوي وتنظيمه «قاعدة الجهاد» إلى تكفير عموم الشيعة واستحلال دمهم باطلة يجب علينا معشر السنة أن نتبرأ منها وأن ننبذها وأن نحاربها. وإن دعوات المتطرف ياسر الحبيب وتنظيمه «خدام المهدي» إلى تكفير عموم السنة وإحياءه للخلافات القديمة (انظر مجلس المنبر عدد 27 بتاريخ 1423هـ) يجب على عموم الشيعة أن يتبرأوا منها وأن ينبذوها وأن يحاربوها“.

أقول: إن في ما كتبه هنا ملاحظات عديدة، لا يهمنا أن تصل إليه بمقدار ما يهمني أن تصل إلى جميع أهلنا في الكويت، بمختلف مذاهبهم. وأهم هذه الملاحظات أمران؛ أولهما؛ أنه قايس بيننا وبين الزرقاوي، وكل منصف عاقل يرفض هذه المقايسة المجحفة، كما أسلفنا.

الأمر الثاني؛ إن الطبطبائي إما أنه التبس عليه الأمر، أو أنه يلبّس به على الناس! فما نسبه إلينا من أننا نكفّر من أسماهم ”عموم السنة“ غير دقيق، وسنشرحه للجميع بشكل موجز، فنقول: إن هناك فرقا بين نظرتنا العلمية لطائفة ما، وبين حكمنا عليهم. وقد سبق منا كرارا ومرارا تبيان هذا الفارق في محاضراتنا وكتاباتنا، لكن الوهابيين يعمدون إلى اقتطاع ما يحلو لهم من الكلام وإهمال الباقي، ليجدوا به الصدى المطلوب عند عوام الناس والبسطاء والمخدوعين.

في الجانب العلمي النظري، لا ننفي إطلاقا أن نظرتنا تجاه غير الشيعة من الطوائف هي نظرة أئمتنا الأطهار وعلمائنا الأبرار من أنهم كفار ضالون ومآلهم إلى النار إلا الجهلة المستضعفون منهم. لنا في ذلك مداركنا العلمية المروية عن أئمتنا الأطهار عليهم السلام، ولنا فيه أيضا شواهد مما ورد في كتب مخالفينا كما عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: ”علي خير البشر ومن أبى فقد كفر“. (راجعوا هذه المصادر من كتبكم: كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 245 وص119، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج2 ص444 ح 955 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص246، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج5 ص 35 ، ميزان الاعتدال للذهبي ج2 ص271 ،تاريخ بغداد للخطيب ج4 ص154 وج7 ص421 ، فرائد السمطين ج1 ص154 ح1160 وغيرها كثير).

فغير الشيعة لا يعتقدون بأن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (صلوات الله وسلامه عليهما) هو خير البشر بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويفضلون عليه أمثال أبي بكر وعمر وعثمان، وبهذا يشملهم وصف النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) بالكفر. ما هذا إلا مثالا واحدا فقط من عشرات الأدلة التي لا يتسع لها المقام.

وأما عن ضلالة غيرنا وصيرورتهم إلى النار، فيشهد له الحديث الشريف الصحيح الثابت المروي عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) من أن أمة المسلمين ستتفرق إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار.. إلا واحدة! وبالطبع فإن كل فرقة من الفرق تعتبر نفسها هي الناجية وما سواها هالك في النار. ولا يملك الطبطبائي أو غيره الردّ على هذا الحديث لأنه سيكذّب فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والعياذ بالله! فإما أن تكون الفرقة المذهبية التي ينتمي إليها الطبطبائي على الحق، فنكون نحن على الباطل، وكفارا، وإلى النار، وهنا ينبغي على الطبطبائي أن يفصح عن موقفه هذا بكل صراحة؛ وإما أن نكون نحن على الحق، فينقلب الأمر على الطبطبائي وينبغي عليه فورا ترك فرقته والانضمام إلينا! ولا يوجد حل وسط بيننا، فالنبي لا يكذب والعياذ بالله، وقد حدّد فرقة واحدة فقط، لا فرقتين ولا ثلاث، فإما نحن، أو أنتم، أو غيرنا من الفرق الأخرى المنتسبة للإسلام. فعلى مَ كل هذه المرواغة وكل هذا الخداع؟! هل يخدع الطبطبائي نفسه بقوله أن الشيعة ليسوا كفارا وأنهم إخوانه وأحبابه؟! أم يخدعنا؟!

إن مسألة اعتبار كل فرقة للأخرى كافرة وضالة؛ مسألة طبيعية، لا ينفرد بها الشيعة وحدهم، بل تشاركهم فيها جميع الطوائف الأخرى. لكن الطبطبائي وأمثاله يتجاهلون عن عمد ذكر أقوال علمائهم في هذه المسألة، علما أنها لا تثير لدينا أية حساسية، فكما قلنا؛ سيكون من الطبيعي أن نتقبّل أن تكون نظرة الفرق الأخرى لنا أننا كفار وعلى ضلال وإلى النار.

لكن ما لا نتقبله أن يترتّب على هذه النظرة العلمية من قبلهم تجاهنا أثرا عمليا يؤدي إلى سفك دمائنا وإزهاق أرواحنا واستباحة أعراضنا وأموالنا. وهذا هو الفارق بيننا وبين غيرنا، فنحن وإن كنا ننظر لغيرنا نظرة أنهم كفار ضالون، إلا أننا نحكم بمعاملتهم في دار الدنيا معاملة المسلمين، فتُحفظ أرواحهم، وتُضمن دماؤهم، وتُصان أعراضهم وأموالهم، بلا فرق بيننا وبينهم، في الحقوق أو الواجبات، لأن النصوص الشرعية ألزمتنا بذلك بالنسبة إلى كل من يشهد الشهادتين، سواء استكمل إيمانه أم لا. أما الآخرون فلا! إذ يترجمون نظرتهم لنا إلى واقع خلافا للنصوص الشرعية، فيحكمون بوجوب قتلنا! وسبي نسائنا! ومصادرة أموالنا!

ركزّوا جيدا في هذه النقطة المهمة: لتكن نظرتك تجاه غيرك من بني الإنسان أية نظرة، سواء كان مسلما أم حتى يهوديا وبوذيا وهندوسيا.. اعتبره كافرا.. لا يهم، فالحساب يوم القيامة عند الله جل جلاله، المهم هو أن لا تتطرف وتنجرّ إلى قتل هذا الإنسان بسبب عقيدته، وأن تتعايش معه قدر المستطاع. هكذا نضمن سلامة المجتمع البشري.

لقد سبق لنا أن أوضحنا هذا الأمر كرارا ومرارا في محاضراتنا وكتاباتنا، فقلنا أننا نعتبر غيرنا كفارا من جهة الموضوع – إن جاز هذا التعبير في المعيار الفقهي – أما من حيث الحكم فنعتبرهم مسلمين، لهم ما لنا وعليهم ما علينا. وليرجع من شاء إلى محاضراتنا أو كتاباتنا، ليقف على ذلك.

ولسنا ننقل هنا إلا شاهدا واحدا على هذا حتى يتبيّن الأمر للجميع، وذلك عندما أجبنا على سؤال وُجّه إلينا حول هذا الموضوع بتاريخ 19 من ربيع الآخر لسنة 1426 للهجرة الشريفة، وفيه كتبنا جوابا: ”وعلى إخواننا المؤمنين التنبّه إلى أن إطلاق الكفر والنصب عليهم ليس موجبا للحرج، لأنهم يروون كما نروي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ”من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية“ والمعنى أن من لم يؤمن بولاية الإمام الحق المنصوب من الله في زمانه فقد مات على عقيدة الكفار من أهل الجاهلية، فعلى ماذا يشنّعون علينا بالقول بكفرهم وهم قد حكموا على أنفسهم بذلك في صحاحهم إلا أن يفصحوا عمّن يكون إمامهم في هذا الزمان فنناقش في هل أنه فعلا إمام حق أم إمام باطل وضلالة؟! وعلى ماذا يشنّعون وفيهم الجلّ الذي يعتقد بكفرنا وضلالنا بل ويرتّب أحكاما على ذلك فيهدر دمائنا كما نراه في العراق العزيز اليوم؟! بل شتّان ما بين الأمرين.

كما أن على غيرنا من أهل الخلاف والعامة أن يفهموا أننا مع اعتقادنا فيهم هذا الاعتقاد إلا أننا نرجو لهم الخير ولا نرجو لهم الشرّ ونسأل الله سبحانه لهم الهداية، ولا نجعل اعتقادنا حاجزا عن التعايش معهم أو موجبا للتنافر، بل نحن ندعو للتعايش والتعاون والألفة مع حفظ حق كل طرف في بيان عقيدته وحفظ حق الآخرين في مناقشته فيها“.

إلا أن الطبطبائي وأمثاله من الوهابيين والسلفيين؛ يطلقون الكلام على عواهنه للإيحاء بأننا عندما نعتبر غيرنا كفارا، فإننا نرتّب على ذلك أثرا عمليا، وهو ما يعني إيماننا بضرورة قتلهم! كلا! نؤكد لكم أننا لسنا كغيرنا من الطوائف، لن نُعمل فيكم السيف أبدا، بل إننا لا نجوّز استعماله تجاه الكفار من النصارى واليهود والزرادشت والهندوس إلا في حالة صد الاعتداء، فكيف بمن يشهدون الشهادتين؟!

والآن قارنوا بين موقفنا المتوازن هذا وبين موقف المشايخ الوهابيين الكبار الذين يتبعهم الطبطبائي وأمثاله، واقرأوا فتاواهم التي لم تقف عند حد وصفنا نحن الشيعة بالكفر والارتداد، بل يحكم أصحابها فيها بضرورة قتالنا واستباحة دمائنا وأعراضنا وأموالنا!! فهل تكون لدى الطبطبائي الجرأة لأن يتبرّأ من هؤلاء أيضا؟!

إليكم هذه الأمثلة التي ننقلها إليكم بالنص بلا تعليق منا ولا تصرّف:

- ”سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية سؤالا جاء فيه أن السائل وجماعة معه في الحدود الشمالية مجاورون للمركز العراقي، وهناك جماعة على مذهب الجعفرية ومنهم من امتنع عن أكل ذبائحهم ومنهم من أكل، ونقول: هل يحل لنا أن نأكل منها علما بأنهم يدعون عليّا والحسن والحسين وسائر سادتهم في الشدة والرخاء؟ فأجابت اللجنة برئاسة سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز (رحمه الله)، والشيخ عبد الرزاق عفيفي، والشيخ عبد الله بن غديان، والشيخ عبد الله بن قعود أثابهم الله جميعا: الجواب: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد: إذا كان الأمر كما ذكر السائل من أن الجماعة الذين لديه من الجعفرية يدعون عليّا والحسن والحسين وسادتهم فهم مشركون مرتدون عن الإسلام والعياذ بالله، لا يحل الأكل من ذبائحهم لأنها ميتة ولو ذكروا عليها اسم الله“!! (راجع فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء، المجلد الثاني، ص 264).

- ”سئل العلامة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - حفظه الله ورعاه من كل سوء - سؤالا جاء فيه: فضيلة الشيخ، يوجد في بلدتنا شخص رافضي يعمل قصابا ويحضره أهل السنة كي يذبح ذبائحهم، وكذلك هناك بعض المطاعم تتعامل مع هذا الشخص الرافضي وغيره من الرافضة الذين يعملون في نفس المهنة. فما حكم التعامل مع هذا الرافضي وأمثاله؟ وما حكم ذبحه: هل ذبيحته حلال أم حرام؟ أفتونا مأجورين والله ولي التوفيق. الجواب: وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته، وبعد: فلا يحل ذبح الرافضي ولا أكل ذبيحته، فإن الرافضة غالبا مشركون حيث يدعون على بن أبي طالب دائما في الشدة والرخاء حتى في عرفات والطواف والسعي، ويدعون أبناءه وأئمتهم كما سمعناهم مرارا، وهذا شرك أكبر وردة عن الإسلام يستحقون القتل عليها (!!) كما هم يغلون في وصف علي - رضي الله عنه - يصفونه بأوصاف لا تصلح إلا لله، كما سمعناهم في عرفات، وهم بذلك مرتدون (!!) حيث جعلوه ربا وخالقا ومتصرفا في الكون، ويعلم الغيب ويملك الضر والنفع، ونحو ذلك. كما أنهم يطعنون في القرآن الكريم، ويزعمون أن الصحابة حرفوه وحذفوا منه أشياء كثيرة تتعلق بأهل البيت وأعدائهم، فلا يقتدون به ولا يرونه دليلا. كما أنهم يطعنون في أكابر الصحابة كالخلفاء الثلاثة وبقية العشرة، وأمهات المؤمنين، ومشاهير الصحابة كأنس وجابر وأبي هريرة ونحوهم، فلا يقبلون أحاديثهم، لأنهم كفار في زعمهم! ولا يعلمون بأحاديث الصحيحين إلا ما كان عن أهل البيت، ويتعلقون بأحاديث مكذوبة أو لا دليل فيها على ما يقولون. ولكنهم مع ذلك ينافقون فيقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، ويخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك، ويقولون: من لا تقية له، لا دين له. فلا تقبل دعواهم في الأخوة ومحبة الشرع..إلخ، فالنفاق عقيدة عندهم، كفى الله شرهم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم“!! (راجع فتواه المشهورة الصادرة سنة 1414).

فالآن ماذا يقول الطبطبائي؟! هل يكون منصفا ويدعو للتبرؤ من ابن باز والجبرين والعفيفي وابن غديان وابن قعود وغيرهم ممن أفتوا بكفر الشيعة وارتدادهم واستحقاقهم القتل كما دعا إلى البراءة من الزرقاوي؟!

أين هو الطبطبائي من هؤلاء ”المشايخ الكبار“ الذين أفتوا بكفر من يحبّهم الآن؟! ماله التفت فقط إلى الزرقاوي وكأنه وحده من يهدر دماء الشيعة؟! لماذا لا يطالب الطبطبائي من خلال مجلس الأمة برفع اسم ابن باز عن إحدى الشوارع في الكويت باعتباره رمزا من رموز التطرف؟! أم أن التطرف منحصر فقط بياسر الحبيب الذي لم يقل باستحقاق غير الشيعة للقتل إطلاقا حتى ولو كانت نظرته إليهم أنهم كفار؟!

من المتطرّف هنا؟! هل أن مجرّد اعتقاد الشخص بكفر غيره أو ضلاله يعتبر تطرّفا؟! على هذا فإن جميع المسلمين متطرّفين تجاه بعضهم بعضا وتجاه غيرهم من أتابع الملل والأديان الأخرى. أبدا.. ليس على هذا المقياس نميّز بين المتطرّف والمعتدل، بل المقياس هو أن تبقى نظرة الشخص رهينة عقيدته، فلا يترجمها إلى الواقع العملي، ولا يوجّه بندقيته إلى من سواه لمجرد اختلافه معه في الدين والعقيدة والمذهب. لتكن نظرته أية نظرة، المهم أن لا يعقبها فعل عنفي. هذا هو المعتدل. فلا يمكننا أن نصادر حقه في توصيف غيره عقيديا، كما لا يصح له أن نجبره على اعتبار الآخرين مؤمنين، وإلا ما الفارق بينه وبينهم؟! بل المطلوب منه أن يتعايش مع غيره، ولا يتوجه إلى قتلهم وتصفيتهم وإبادتهم انطلاقا من دينه! فإن دين الله تعالى لم ينزل بهدف القتل وإهدار الدماء.

إن على الطبطبائي أن يكون منصفا ولو لمرة واحدة فقط، فيعلن براءته أيضا من ابن باز والجبرين وغيرهما ممن أفتوا بكفر الشيعة واستحلال دمائهم، وتتأكد ضرورة إبداء براءته منهم لأن ابن باز مثلا لا يفتي فقط بارتداد الشيعة ووجوب قتلهم، وإنما بارتداد كل المسلمين اليوم ووجوب قتلهم ومصادرة أموالهم لأنهم يؤمنون بالحقيقة العلمية التي تقول أن الشمس ثابتة والأرض تدور حولها!

هل يكذّبنا الطبطبائي وينفي ذلك عن شيخه ابن باز؟! لا نظن.. لأن فتواه واضحة، فقد قال: ”وكما أن هذا القول الباطل – ثبوت الشمس ودوران الأرض- مخالف للنصوص فهو مخالف للمشاهد المحسوس ومكابرة للمعقول والواقع لم يزل الناس مسلمهم وكافرهم يشاهدون الشمس جارية طالعة وغاربة ويشاهدون الأرض قارة ثابتة (...) فمن زعم خلاف ذلك وقال إن الشمس ثابتة لا جارية فقد كذّب الله وكذّب كتابه الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (...) ومن قال هذا القول فقد قال كفرا وضلالا لأنه تكذيب لله! وتكذيب للقرآن وتكذيب للرسول لأنه عليه الصلاة والسلام قد صرح في الأحاديث الصحيحة أن الشمس جارية وأنـها إذا غربت تذهب وتسجد بين يدي ربـها تحت العرش كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث أبي ذر – رضي الله عنه – وكل من كذّب الله سبحانه أو كذّب كتابه الكريم أو كذّب رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام فهو كافر ضال مضل يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا مرتدا و يكون ماله فيئا لبيت مال المسلمين كما نص على مثل هذا أهل العلم“!! (راجع كتابه بعنوان: الأدلة النقلية و الحسية على جريان الشمس وسكون الأرض وإمكان الصعود إلى الكواكب من مطبوعات الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة سنة 1395 من ص23 إلى ص39).

فهل يفعلها الطبطبائي ويتبرأ من شيخه ابن باز ”ولجنة إفتائه“ قبل أن يدعو الشيعة للبراءة من ياسر الحبيب ”وتنظيمه“؟! لا نظن.. لأن ابن باز ليس كالزرقاوي ليس له نفوذ في الكويت، بل له أتباع وجمهور عريض يعتقد به وبشيخيته، فماذا بوسع الطبطبائي أن يفعل لإثبات أن دعوته دعوة صادقة؟! نظنه قد تورّط..

إننا نؤكد لجميع من يعيش على أرض الكويت، ولكل من ينتسب إلى أمة الإسلام، أننا ما كنا يوما دعاة تفرقة، بل دعاة وحدة مبنية على استيعاب الاختلاف مع الآخر، ولا دعاة قتل، بل دعاة سلام ووئام اجتماعي مهما تعدّدت الأديان والطوائف. يشهد لذلك تاريخنا إلى اليوم، ونتحدى أن يثبت مدّعٍ دعواه بأننا نحضّ بني جلدتنا من الشيعة على تصفية أهل العامة والمخالفين لنا. كلا! لا!

بل غاية ما نعتقد به ونراه، ما شرحناه مكررا، من أننا نريد لأهل العامة الخير، نحبّهم ولا نريد لهم الشرّ، نسأل الله لهم الجنة ولا نريد لهم التعرّض للنار، ولأننا نحبّهم حبا صادقا، لا كاذبا كما يفعل غيرنا، فإننا لا نخدعهم، ونحاول توعيتهم بالحقائق التاريخية، ليدركوا أن نبيهم مات مقتولا شهيدا بالسم بغدر من أقرب المقرّبين الذين يظنّون أنهم من أصحابه، وأن سيدة الإسلام وبضعة النبي ابنته الزهراء (صلوات الله عليها) قد ماتت أيضا مقتولة شهيدة قد كُسر ضلعها وأُسقط جنينها في حملة متوحشة على دارها لإجبارها وإجبار بعلها على البيعة للحكم الجديد.. إلى ما سوى ذلك من حقائق مدفونة في كتب التاريخ، وتحتاج إلى خطوة جريئة شجاعة لإظهارها أمام الملأ وتحمّل النتائج التي تترتّب على ذلك.

وقد سبق أن ذكرنا أيضا؛ أن ابتعاد هذه الأمة عن أهل بيت نبيها وعدم إيمانها بولايتهم وبراءتها ممن قتلهم وظلمهم؛ هو السبب في هذه الخسارات والانتكاسات التي مُنيت بها، حتى أصبح المسلمون اليوم في أدنى دركات التخلف والجهل، ذلك لأن هناك خطّين لا يلتقيان، هما خطّ أهل البيت (عليهم السلام) وخطّ أهل السقيفة والخلفاء، والالتزام بالثاني يعني الابتعاد عن القيم الحضارية في الإسلام، أما الالتزام بالأول فيعيد إلينا الإسلام نقيا صافيا.

إن الأمة بدأت تكتشف التشيّع من جديد، وهاهم المستبصرون والمهتدون إلى التشيع يكثرون من كل شعب وفئة، لأنهم وجدوا التشيع هو الإسلام الحق، فاتخذوا أيها الناس خطوتكم الشجاعة ولا تموتوا إلا ”على السنة والجماعة“. ولا يخدعكم أحد بأن ما أنتم عليه هو منهج ”السنة والجماعة“.. كذبوا والله! فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ”ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة“. (راجعوا من مصادركم تفسير الكشاف للزمخشري ج3 ص82 والحوادث الجامعة لابن الفوطي ص153 وفرائد السبطين للحموي ص49 وينابيع المودة للقنوزي الحنفي ص27).

فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقل: ”ألا ومن مات على حب أصحابي مات على السنة والجماعة“!! بل قال: ”حب آل محمد“، ولا يكفي الاعتقاد فقط بحبّهم دون اتّباعهم والإيمان بولايتهم، كما لا يكفي الاعتقاد بحبّهم وفي الوقت نفسه حبّ أعدائهم! لأن أمير المؤمنين عليا (عليه الصلاة والسلام) قال: ”لا يجتمع حبنا وحب عدونا في جوف إنسان، إن الله لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه فيحب هذا ويبغض هذا! فأما محبنا فيُخلص الحب لنا كما يخلُص الذهب بالنار لا كدر فيه، فمن أراد أن يعلم حبنا فليمتحن قلبه فإن شاركه في حبنا حب عدونا فليس منا ولسنا منه واللهُ عدوُّهم وجبرئيلُ وميكائيلُ واللهُ عدو للكافرين“! (راجعوا بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج27 ص51).

وعلى هذا نرفض من الطبطبائي دعوته لأن يكون شعارنا جميعا: ”محبة الآل والأصحاب“، لأن الله تعالى لم يأمرنا في القرآن بحب أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بل أمرنا بحبّ آل رسوله وذوي قرباه (عليهم السلام) إذ قال عزّ من قائل: ”قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى“. (الشورى: 23).

ولذا يكون شعارنا حسب الموازين الإسلامية: ”محبة الآل.. ومن ثبت موافقتهم للآل من الأصحاب“.

ياســـــر الحبيــــب

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp