الشيخ الحبيب في خطبة عيد الفطر 1442 يدعو المؤمنين لرص الصفوف للدفاع عن المستضعفين

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

2 شوال 1442

بدعوة من اتحاد خدام المهدي (عليه السلام وعجل الله فرجه الشريف) أمَّ سماحة الشيخ الحبيب المصلين لصلاة عيد الفطر السعيد لهذا العام 1442 هـ في أرض فدك الصغرى، حيث توافد إلى الصلاة جمع من المصلين.

وأدناه نص الخطبتين كاملتين:

[الخطبة الأولى]

القول مني في جميع الأشياء قول آل محمد عليهم السلام فيما أسروا وما أعلنوا وفيما بلغني عنهم وفيما لم يبلغني.

الحمد لله الأول بلا أولٍ كان قبله، والآخر بلا آخرٍ يكون بعده، الذي قصُرت عن رؤيته أبصار الناظرين، وعجزت عن نعته أوهام الواصفين. أحمده بكل ما حمِده به أدنى ملائكته إليه، وأكرم خليقته عليه، وأرضى حامديه لديه، حمدا يفضُل سائر الحمد، كفضل ربنا على جميع خلقه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وغلب الأحزاب وحده، فله الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير.

وأشهد أن النبي الأمي، القرشي الهاشمي، العربي التهامي، المكي المدني، محمد بن عبد الله، رسولُ الله، وخيرته من خلقه، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. اللهم صل على محمد أمينك على وحيك، ونجيبك من خلقك، وصفيك من عبادك، إمام الرحمة، ومفتاح البركة. اللهم فارفعه بما كدح فيك إلى الدرجة العليا من جنتك، حتى لا يُساوى في منزلة، ولا يُكافأ في مرتبة، وعرِّفه في أهله الطاهرين وأمته المؤمنين من حُسن الشفاعة أجلَّ ما وعدته، يا من لا تخلف الميعاد.

وأشهد أن أخاه ووليَّه، وصفيَّه ووصيَّه، ووزيرَه ونجيَّه، علي بن أبي طالب، خليفتُه على أمته، والناطق بحجته، والداعي إلى شريعته، نصبه للمسلمين إماما وعلما، وقائدا وأميرا، من تقدّم عليه مارق، ومن تأخر عنه زاهق، ومن لازمه لاحق. اللهم صل على علي حجتك على عبادك، وأمينك في بلادك، معز أوليائك، ومذل أعدائك. اللهم فارفعه بما جاهد فيك إلى أعلى عليائك، وعرِّفه في شيعته ومحبيه من عظيم الكرامة أعظم ما بشّرته، يا أكرم الأكرمين.

اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، وارحم محمدا وآل محمد، كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد. وصلّ على جميع الأنبياء والمرسلين والشهداء والصديقين وجميع عبادك الصالحين.

أما بعد يا عباد الله؛ فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاستعينوا عليها بالله، واستعينوا بها على الله، فإن التقوى في اليوم الحرزُ والجُنَّة، وفي غدٍ الطريق إلى الجنة، مسلكها واضح، وسالكها رابح، وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ.

ولقد بشّرنا باقر علوم النبيين، عن خاتم المرسلين، صلى الله عليه وآله الطاهرين أنه قال: "ود المؤمن للمؤمن في الله من أعظم شعب الإيمان، ألا ومن أحب في الله، وأبغض في الله، وأعطى في الله، و منع في الله، فهو من أصفياء الله".

اعقدوا النية أيها المؤمنون على أن تكونوا من أصفياء الله، الذين توادوا في الله، وتحابوا في الله، وتواصوا في الله، وتناصروا في الله، وتباذلوا في الله، فلقد حدثتنا العترة الطاهرة عن النبي الأمين صلى الله عليه وآله الطاهرين أن قومًا تبدو "وجوههم يوم القيامة أشد بياضا من الثلج، وأضوأ من الشمس الطالعة، يغبطهم بمنزلتهم كل ملك مقرَّب وكل نبي مرسل، يقول الناس: من هؤلاء؟ فيُقال: هؤلاء المتحابون في الله".

فتحابوا في الله عباد الله، ورصّوا صفوفكم في سبيل الله والمستضعفين، وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ.

إن من ديننا وشريعتنا أن إذا رأينا مظلوما يُظلم ومستضعَفا يُستضعَف؛ نصرناه وأمددناه، لأنّا للظالم خصم وللمظلوم عون، على هذا ربّانا نبينا وأئمتنا صلوات الله عليهم، وسطّروا في ذلك تاريخا من المآثر والمفاخر. كان منه أن نصارى نجران؛ مع كفرهم بالإسلام وإنكارهم نبوة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله، بل وهمّهم بمباهلته تكذيبا له، كتب لهم ما أوجب على كل مسلم أن يبذل دمه لأجلهم إن تعرض لهم متعرض، فكان كتابه العظيم الذي جاء فيه: "ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله، على أموالهم وأنفسهم وأرضهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم، وكلِّ ما تحت أيديهم من قليل أو كثير، لا يُغَيَّرُ أُسْقُفُّ عَنْ أُسْقُفُيَّتِهِ ولا راهب عن رهبانيته ولا كاهن عن كهانته، ولا يطأ أرضهم جيش".

بهذا صار الواجب على المسلمين الدفاع عنهم لأنهم في جوار الله وذمة محمد صلى الله عليه وآله، مع أنهم مقيمون على الكفر والشرك، فكيف بمن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟!

هؤلاء المستضعفون في فلسطين، بين نارين؛ نار الصهاينة ونار المعتوهين، من الحركات المسلحة البكرية. لا يرانا الله تعالى نصمت وهم يُقتلون رجالا ونساء وأطفالا بلا ذنب ولا جريرة إلا التمسك بأرضهم ومقدساتهم. إن مبادئنا وشهامتنا تحتم علينا أن لا نأخذ الكل بجريرة البعض، وأن نشفق على مَن خُدع واستُغفل، ونتعاطف مع مَن ظُلم واستُضعف، وننجد كل صارخ يستصرخ الإسلام وأهله، ما دام في ذمة محمد صلى الله عليه وآله.

ثم إن هناك من إخوتنا المؤمنين في أفغانستان مَن الخطر محدق بهم، فبعد المجزرة التي وقعت قبل أيام واستشهدت فيها بناتنا المؤمنات الصائمات؛ ها هي وسائل الإعلام العالمية تطالعنا بخبر هذا عنوانه: "طالبان تقترب من العاصمة كابول عشية هدنة عيد الفطر".

إنّا لنجدد التحذير بأن إخوتنا الشيعة الموالين في أفغانستان في معرض الإبادة - لا سمح الله - بعد سيطرة هذا التنظيم الإرهابي البكري على نصف مساحة البلاد واقترابه من العاصمة وقرب الانسحاب الشامل للقوات الأجنبية. هذا الرئيس الأميركي الجديد يستحمق الناس إذ صرّح بالقول: "إن الانسحاب الأمريكي مبرر بعد أن تأكدت القوات الأمريكية من أن البلاد لا يمكن أن تصبح مرة أخرى قاعدة للجهاديين الأجانب للتآمر على الغرب". ولعمري لئن صدق فليكفّنّ الإرهابيون عن استهداف الغرب مقابل أن يُعطوا الضوء الأخضر في أن يجرموا كيفما شاءوا في أفغانستان، فتكون الضحية الأكبر شيعة أهل البيت عليهم السلام هناك. إن هذا ما يستدعي التحرك العاجل لأن يعد المؤمنون لهذا العدو الغادر ما استطاعوا من قوة، دفع الله عنهم كل شر وسوء.

ثم إن هناك إخوة لنا ما زالوا يُستضعفون ويُظلمون في بلاد وأقطار عدة، بعضها ما زال يشتعل بالفتن والحرب وانعدام الأمن والحياة الطبيعية، كاليمن وليبيا، وبعضها الآخر يُضطهد فيه المسلمون في دينهم. هناك الصين التي تجاوز جور حكومتها الظالمة الحدود حتى صارت المسلمات في السجون تُنتهك أعراضهن، وصار أداء الصلاة في حكمهم تطرفا والصيام ممنوعا وإجراء الأنكحة على الشريعة الإسلامية يستوجب المساءلة والعقاب. وهناك فرنسا التي بلغ من وقاحة حكومتها وتعسفها أن سنّت قوانين تنضح جورا، كان آخرها ما يسمى بقانون "تعزيز قيم الجمهورية" الذي أفضى إلى إجبار الفتيات المسلمات المحجبات على خلع حجابهن في المدارس بل والتفريق بين الأمهات المحجبات وأبنائهن وحرمانهم من مرافقتهم في الرحلات المدرسية، مضافا إلى منع الدراسة المنزلية وذلك حتى يتم قسرا تربية الأبناء على ما يمحو هويتهم الإسلامية تماما. ولئن كان ذلك كله من آثار استعداء الإرهابيين لعموم الفرنسيين واستزادة غيظهم على الإسلام؛ فإنه لا يعني أنه لم يكن هنالك عداء وغيظ بالأصل بسبب عقد تاريخية ونفسية مريضة لدى الأحزاب الحاكمة، ثم إن معالجة أمر الإرهاب والإرهابيين لا تكون في المقابل باستعداء المسلمين المسالمين بعامتهم بمثل هذه القوانين والقرارات التعسفية الجائرة، خاصة وأنهم في فرنسا أكبر جالية إسلامية في أوروبا إذ يبلغ عددهم نحو ستة ملايين نسمة.

إن هذه التحديات والمخاطر التي تعيشها الأمة؛ وهذه المظالم والاضطهادات التي يعيشها المستضعفون منها؛ لتوجب علينا نحن الرافضة أن نكون في طليعة المدافعين، وفي صدارة الناشطين، ولا سيما أننا نحمل رسالة الإسلام النقية، من منبع أهل البيت عليهم السلام الصافي. وفي هذا الصدد نؤكد على ضرورة القيام بتحشيد القوى، الميدانية، والسياسية، والإعلامية، والاقتصادية. وأن يخطو الرافضة أكثر نحو العالمية على هدى ورشد وثبات.

وإن من مفاخر الرافضة واتحادهم - اتحاد خدام المهدي عليه السلام - تحقيق هذا الإنجاز العالمي الكبير المتمثل بفيلم سيدة الجنة عليها السلام. فليمضوا قدما في إنجاز النسخة الفرنسية منه التي صارت ملحة نظرا للظروف الراهنة في فرنسا، عسى أن يسهم ذلك في تغيير وجهة نظر عموم الفرنسيين أو لا أقل شريحة منهم تجاه الإسلام، والدفع نحو مراجعة الانطباعات المغلوطة عنه.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (١) 
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ‎﴿٢﴾‏ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ‎﴿٣﴾‏ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ‎﴿٤﴾‏ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ ‎﴿٥﴾‏ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ‎﴿٦﴾‏ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ‎﴿٧﴾‏

[الخطبة الثانية]

الحمد لله كما حمده الأصفياء، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء، محمد وآله الأتقياء، واللعنة على أعدائهم الأشقياء.

عباد الله؛ جددوا التوبة إلى الله، واسألوا الله لأنفسكم ولإخوانكم الأمن والعافية والكرامة. اللهم إنا نتوب إليك في يوم فطرنا الذي جعلته للمؤمنين عيدا وسرورا، ولأهل ملتك مجمعا ومحتشَدا، من كل ذنب أذنبناه، أو سوء أسلفناه، أو خاطر شرٍّ أضمرناه، توبة مَن لا ينطوي على رجوعٍ إلى ذنب، ولا يعود بعدها في خطيئة، توبةً نصوحا خلَصت من الشك والارتياب، فتقبلها منا، وارض عنا، وثبتنا عليها.

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ الْعَظِيمِ الْعَظِيمِ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الطَّاهِرِينَ، وَأَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ صَلَاةً تَامَّةً دَائِمَةً، وَأَنْ تُدْخِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَمُحِبِّيهِمْ وَأَوْلِيَائِهِمْ حَيْثُ كَانُوا وَأَيْنَ كَانُوا فِي سَهْلٍ أَوْ جَبَلٍ أَوْ بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ مِنْ بَرَكَةِ دُعَائِي مَا تَقَرُّ بِهِ عُيُونُهُمْ. احْفَظْ يَا مَوْلَايَ الْغَائِبِينَ مِنْهُمْ وَارْدُدْهُمْ إِلَى أَهَالِيهِمْ سَالِمِينَ، وَنَفِّسْ عَنِ الْمَهْمُومِينَ وَفَرِّجْ عَنِ الْمَكْرُوبِينَ، وَاكْسُ الْعَارِينَ وَأَشْبِعِ الْجَائِعِينَ وَأَرْوِ الظَّامِئِينَ، وَ اقْضِ دَيْنَ الْغَارِمِينَ، وَزَوِّجِ الْعَازِبِينَ، وَاشْفِ مَرْضَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَدْخِلْ عَلَى الْأَمْوَاتِ مَا تَقَرُّ بِهِ عُيُونُهُمْ، وَانْصُرِ الْمَظْلُومِينَ مِنْ أَوْلِيَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَأَطْفِئْ نَائِرَةَ الْمُخَالِفِينَ. اللَّهُمَّ وَضَاعِفْ لَعْنَتَكَ وَبَأْسَكَ وَنَكَالَكَ وَعَذَابَكَ عَلَى اللَّذَيْنِ كَفَرَا نِعْمَتَكَ، وَخَوَّنَا رَسُولَكَ، وَاتَّهَمَا نَبِيَّكَ، وَبَايَنَاهُ، وَحَلَّا عَقْدَهُ فِي وَصِيِّهِ، وَنَبَذَا عَهْدَهُ فِي خَلِيفَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَادَّعَيَا مَقَامَهُ، وَغَيَّرَا أَحْكَامَهُ، وَبَدَّلَا سُنَّتَهُ، وَقَلَّبَا دِينَهُ، وَصَغَّرَا قَدْرَ حُجَجِكَ، وَبَدَءا بِظُلْمِهِمْ، وَطَرَّقَا طَرِيقَ الْغَدْرِ عَلَيْهِمْ وَالْخِلَافِ عَنْ أَمْرِهِمْ وَالْقَتْلِ لَهُمْ وَإِرْهَاجِ الْحُرُوبِ عَلَيْهِمْ، وَمَنْعِ خَلِيفَتِكَ مِنْ سَدِّ الثَّلْمِ وَتَقْوِيمِ الْعِوَجِ وَتَثْقِيفِ الْأَوَدِ وَإِمْضَاءِ الْأَحْكَامِ وَإِظْهَارِ دِينِ الْإِسْلَامِ وَإِقَامَةِ حُدُودِ الْقُرْآنِ. اللَّهُمَّ الْعَنْهُمَا وَابْنَتَيْهِمَا وَكُلَّ مَنْ مَالَ مَيْلَهُمْ وَحَذَا حَذْوَهُمْ وَسَلَكَ طَرِيقَتَهُمْ وَتَصَدَّرَ بِبِدْعَتِهِمْ، لَعْناً لَا يَخْطُرُ عَلَى بَالٍ وَ يَسْتَعِيذُ مِنْهُ أَهْلُ النَّارِ. الْعَنِ اللَّهُمَّ مَنْ دَانَ بِقَوْلِهِمْ وَاتَّبَعَ أَمْرَهُمْ وَدَعَا إِلَى وَلَايَتِهِمْ وَشَكَّ فِي كُفْرِهِمْ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ.  وصلِّ على خيرتك من خلقك أجمعين، محمد المصطفى، وعلي المرتضى، وفاطمة الزهراء، والحسن المجتبى، والحسين سيد الشهداء، وعلي زين العابدين، ومحمد الباقر، وجعفر الصادق، وموسى الكاظم، وعلي الرضا، ومحمد الجواد، وعلي الهادي، والحسن الزكي العسكري، والحجة القائم المهدي.

صورة من صلاة وخطبة العيد:










شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp