الشيخ الحبيب يدعو في عاشوراء إلى تحويل الحماس الحسيني إلى طاقة تغييرية إنهاضية ثورية

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

2008 / 01 / 18

صدر عن الشيخ ياسر الحبيب البيان التالي:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليك يا أبا عبد الله، وعلى الأرواح التي حلت بفنائك. عليك مني سلام الله أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم. السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.

حيث نعيش في هذه الأيام المقدسة ذكرى سيد شباب أهل الجنة (صلوات الله وسلامه عليه) ونرى واقعة الطف تتجسد أمامنا؛ حريٌّ بنا أن نلتفت إلى أن هذه الثورة الحسينية المجيدة تمحورت أهدافها حول غاية عظيمة ضحّى من أجلها سيد الشهداء (روحي له الفداء) وبذل لأجلها دمه ودماء أهل بيته وأصحابه عليهم السلام.

هذه الغاية أعلنها إمامنا الثائر (صلوات الله عليه) بنفسه حين وقف وقال مقولته الشهيرة التي ما زالت أصداؤها تتردّد على مدى الأزمنة: ”هيهات منا الذلة“!

كان الذي جرى بعد استشهاد النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) وما تتالى من انقلابات تيمية عدوية أموية؛ هو اختلال معادلة العزة والذلة بين جبهة الإسلام والإيمان وجبهة الكفر والنفاق، فأصبح المسلمون في ذلة فيما كان الكفار والمنافقون في عزة. فالمسلم المؤمن يضطر لأن يعيش في تقية يحفظ نفسه فيها مطأطئ الرأس خافت الصوت، فيما الكافر المنافق يعيش حرا كيف يشاء ويدبّ في الأرض رافع الرأس عالي الصوت.
وبين هذا وهذا؛ عوام همج رعاع لا يميزون بين الحق والباطل، فانطلى عليهم ظاهر حال الدنيا حين وجدوا لأهل الكفر المتلبسين بالإسلام عزة وكرامة، فمالوا إليهم وأخذوا منهم تعاليم دين جديد مزيّف بظن أنه هو دين الإسلام العظيم.

في تلك اللحظة التاريخية الحرجة، حين استفحل الداء واستشرى، نهض سبط النبي (صلى الله عليه وآله) لإعادة الأمور إلى نصابها. كانت الغاية هو إنهاض المسلمين المؤمنين من جديد، ورفع الذل عنهم وإلحاقه بمن يستحقه من خصومهم. فإن لله العزة ولرسوله وللمؤمنين، لا لغيرهم. والكافر المنافق هو الذي يجب أن يعيش في ذلة مطأطئ الرأس فيما يكون المؤمن سيدا حرا كريما مرفوع الرأس دائما.

كان المطلوب تضحية من نوع خاص، تترك أثرا وجدانيا هائلا في نفوس من تبقى في قلوبهم شيء من الإيمان، فتدفعهم إلى الثورة على الواقع والنهوض في وجه الباطل وجنوده وإعادة المعادلة إلى سابق عهدها، أن العزة للمؤمن، والذلة للكافر.
وكان المطلوب أيضا إحداث فرز بين الجبهتين لئلا يختلط الحق بالباطل عند العوام والسذج، فتتلاقى الجبهتان على أرض كربلاء وتسيل بينهما الدماء لتسجل موقفا تأريخيا لا يُنسى، فلا يكون لأحد عذر فيما بعد في قوله: إن الأمور لم تتضح ولم نعرف من هو المحق من المبطل.

اليوم؛ نعيش أجواءً تقترب في بعض جوانبها من أجواء طف الحسين عليه السلام، فقد لحقت الذلة بأمة الإسلام والإيمان، وامتلك الكفار المنافقون النواصب مقدّرات هذه الأمة ولعبوا بها وهم يعيشون أحرارا كيفما يشاءون، فيما يعيش المؤمنون في ذلة، مسلوبة حقوقهم. ودوننا ما يجري في البحرين والجزيرة مثالا، وغير بعيد ما يعيشه المؤمنون في المناطق المتوترة في العراق.

إنها حرب يجب أن تتجدد، وإنها تضحية لا بد أن تتكرر، لكي يعتدل الميزان، وتفك القيود التي تكبّل أهل الإيمان، ويُحاط أهل الكفر والباطل والنفاق والنصب بالذلة والمسكنة. فإنه لا ينبغي أن يعلو صوت على صوت آل محمد، صلوات الله عليهم.

إن هذه الأيام الحسينية العظيمة، وهذا الحماس الذي يشتعل في قلوب عشاق سيد الشهداء صلوات الله عليه، ينبغي أن يُحوَّل إلى طاقة تغييرية إنهاضية ثورية تُنكس رؤوس من تسلطوا على هذه الأمة بالباطل، وتُلحق بجنودهم الإرهابيين المجرمين الذل والهزيمة.

إنه درب الحسين.. يا عشاق الحسين..

اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد، وآخر تابع له على ذلك. اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين وشايعت وبايعت وتابعت على قتله. اللهم العنهم جميعا.

ياســر الحبيــب
ليلة عاشوراء 1429
لندن

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp