الشيخ يوصي باستمرار التظاهر في المدينة المنورة ضد آل سعود والوهابية

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

2009 / 02 / 21



صدر عن الشيخ ياسر الحبيب البيان التالي:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

قال الله العظيم في محكم كتابه الكريم: ”وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا“.

مع توافد الجماهير المؤمنة في هذه الأيام إلى المدينة المنورة لإحياء ذكرى استشهاد خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم) في الثامن والعشرين من صفر؛ أقدمت هيئة الكفر والنصب الوهابية السعودية المسماة بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على استفزاز جديد ينضم إلى استفزازاتها السابقة لزوار النبي الأعظم وأهل بيته الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) في بقيع الغرقد، حيث قام أفرادها بمعونة رجال الشرطة بضرب وتصوير النساء الزائرات وإطلاق عبارات بذيئة بحقّهن، الأمر الذي تطوّر إلى مشادّات واشتباكات أدّت إلى اعتقال عدد من الرجال والنساء وحضور قوات أمنية كثيفة لحماية ”الآمرين بالمنكر“ في مقرّهم الذي مازالت الجماهير المؤمنة الغاضبة تطوّقه وتحتشد حوله وهي تهتف: ”حيدر.. حيدر.. هيهات منا الذلة“.

إن المراقب لتصرّفات هذه الهيئة الإجرامية يلمس أن أفرادها بدأوا يتمادوْن في الآونة الأخيرة في استفزازاتهم التي تتركّز في منع المؤمنين الزوّار من الوصول إلى ضريح النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وقبور أئمة البقيع الأربعة (صلوات الله عليهم) التي أقدم النظام السعودي الإرهابي على تدميرها وهدمها بالكامل وتسويتها بالتراب منذ ما يقرب من قرن!

وكان الواجب على شيعة آل محمد (صلوات الله عليهم) منذ ذلك الحين تصعيد الموقف مع هذا النظام وزمرته الوهابية الكافرة إلى مستوى من التحدّي والعصيان تُنتزع فيه الحقوق المشروعة وعلى رأسها حق المسلمين في زيارة نبيّهم والأئمة من آله (عليهم السلام) بكل حرية واطمئنان وإعادة بناء الأضرحة المقدسة في البقيع، غير أن ذلك التصعيد لم يكن! واستُمرئ الوضع القائم إلا من كلمة تأسفية هنا ومجلس إدانة هناك! وكان التبرير المُساق لهذا الخنوع والاستسلام هو أنه لا قِبَل للمؤمنين بالظالمين فاللازم التقية! مع أن الواقع التاريخي يثبت أن الجبهة المؤمنة كانت - ولا تزال - هي الأقوى لكنها فاقدة للثقة بنفسها أولا، ومبعثرة ثانيا، وموهومة بقيادات منحرفة جبانة أنانية ثالثا! ولو أنها استعادت ثقتها بنفسها بوضع التقية في ميزانها الشرعي الصحيح، واستجمعت قواها على قاعدة التعددية والتنوع وتوحيد الهدف العملي المشترك، ونبذت تلك القيادات المنحرفة البترية؛ لتمكنت لا من انتزاع حقوقها فحسب؛ بل من إسقاط نظام المشركين من آل سعود واستعادة بلاد الحرمين الشريفين.

إن الحرص على العيش بسلام ولو على حساب الدين والحقوق والأرض والعرض هو المنطق الذي حاربه إمامنا الحسين عليه السلام بقوله: ”والحياة مع الظالمين إلا برما“!

إن تفادي المواجهات والنكوص عن التصعيد خوفاً من الأذى والمؤونة هو المنطق الذي استنكره إمامنا الحسين عليه السلام بقوله: ”ولو صبرتم على الأذى وتحمّلتم المؤونة في ذات الله كانت أمور الله عليكم ترد وعنكم تصدر وإليكم ترجع، ولكنكم مكّنتم الظَّلَمة من منزلتكم واستسلمتم أمور الله في أيديهم“!

إن تعليق كل استكانة وخضوع على حكم التقية هو السبب الذي يجعل إمامنا المهدي عليه السلام يحجم عن ثورته إذ قال الصادق عليه السلام: ”إنما جُعِلَت التقية ليُحقَن بها الدم، فإذا بلغت التقيةُ الدمَ فلا تقية! وأيَّمُ الله لو دُعيتم لتنصرونا لقلتم: لا نفعل! إنما نتَّقي! ولكانت التقية أحبَّ إليكم من آبائكم وأمهاتكم! ولو قد قام القائم ما احتاج إلى مساءلتكم عن ذلك ولأقام في كثيرٍ منكم من أهل النفاق حدّ الله“!

إن التعجيل بقيام قائم آل محمد (عليهم السلام) يتطلب شيئاً من الصبر على الأذى وبذل المؤونة وتصعيد المواجهة مع الظالمين - بخطة مدروسة حكيمة - حتى يكون ذلك تهيئة لظهوره الشريف أرواحنا فداه. وإن هذا الذي يجري الآن في المدينة المنورة من اعتصام وتظاهر وتجمهر كان ينبغي أن يكون منذ زمن طويل، غير أنها شرارة لحرق الظالمين نسأل الله تعالى أن تكبر وتتزايد وتتفاعل وتمتد.

إن القواعد والمعادلات في عالم اليوم تغيّرت، لم يعد ثمة مجال لإخفاء أي حادثة تقع، ولم يعد بمقدور السلطات حجب انتهاكاتها وتصرّفاتها القمعية، ففي ثوان معدودة يمكن نقل كل مشهد بالصوت والصورة من أي هاتف نقال ليُحدث ضجة عالمية. فالمطلوب أن تستمرّ هذه المظاهرات والمواجهات على أرض المدينة المنورة حتى تغدو حدثاً عالمياً ضاغطاً على نظام آل سعود المجرم، ويجب أن يترافق ذلك مع تغطية إعلامية قوية واتصالات واسعة مع منظمات حقوق الإنسان في الدول شبه الحرّة، إلى أن تتحقّق جميع أهداف المؤمنين في العيش على أرضهم بكرامة وحرية وعدل.

منذ اليوم الذي جثمت فيه عصابة آل سعود على صدر الشعب العربي في الجزيرة وهو يئن من الظلم والاضطهاد؛ ومنذ اليوم الذي أقدمت فيه هذه العصابة مع زمرتها الوهابية الإرهابية على هدم مراقد الأئمة الأطهار (عليهم السلام) في البقيع؛ فإنها قد أعلنت الحرب على آل محمد وشيعتهم، وما المظاهرات والاحتجاجات والعصيان المدني إلا دفعاً يسيراً ندفع به هذه الحرب عنا.

فليبارك الله تعالى المؤمنين المتجمهرين بجوار نبيّنا الأعظم (صلى الله عليه وآله) ولتشملهم حمايته لهم ودفعه عنهم ونصرته لهم. اللهم آمين بحق محمد وآله الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

ياسر الحبيب
لندن - صفر الأحزان 1430

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp